تمر علينا كل عام ذكري تحرير سيناء التي بدأت بحرب أكتوبر 3791 وحتي رفع العلم المصري في مدينة رفح في 52 أبريل 2891 وصولاً إلي 91 مارس 9891 علي أرض طابا وتشهد أيام الاحتفال وقائع وأحاديث إعلامية وكتابات صحفية هنا وهناك تعبر عن تلك الذكري ويتزامن معها وضع حجر أساس أو قص شريط افتتاح لمشروعات في محافظتي سيناء ترتبط بتلك الذكري وقد يستغرق ذلك أسبوعاً علي الأكثر ثم ما يلبث أن يعود الأمر إلي ما كان عليه قبل حلول تلك المناسبة. لا نقول ذلك تقليلاً من شأن الحدث، ولكن تعظيماً له فإن عامل الوقت مهم فيمكن لأسبوع في العام إذا ما أحسن استخدامه أن يلفت الأنظار ويجند الطاقات لاستغلال سيناء استغلالاً تنموياً وأن الوقت الاحتفالي وما يسمي عيداً علي قصره قد يستفاد منه فتتغير فيه حال أمم وشعوب وقد يكون هناك وقت طويل لا حصيلة فيه مطلقاً. وإذا كانت شبه جزيرة سيناء تتمتع بجاذبية خاصة من ناحية المكان وموقعها علي خريطة العالم فهي ملتقي القرارات ولها صورة في الأذهان ماثلة للعيان فظاهرها ملموس ولها عند من يعرفها وقع في النفوس وإن كان غالبها صحراء وجبالاً وشواطئ ورمالاً فإن التاريخ يؤكد أنها ممر لكل الأجيال يعبرون عن طريقها إلي مصر غرباً وإلي الشام شرقاً. ولقد تعددت علي أرضها الحروب وتنوعت المطامع فكانت بين أخذ ورد وقبول وصد لأن في الاستيلاء عليها قيداً علي مصر وقفلاً لبوابة يفترض أن تكون مفتوحة علي مصراعيها بحراسة آمنة تستقبل العالم ومن يعبرها حباً لمصر يكون من الآمنين ومن يطأها طمعاً فيها فهو من الهالكين وإذا قيل إنها مقبرة للغزاة فذلك ليس لصعوبة أرضها ولكن لأنها مهد الرسالات التي تأسس فيها السلام فتلفظ ما عليها من صنوف الغدر والعدوان. ولا نذهب بعيداً حيث جرت في 51 مايو 8491 حرب فلسطين بين الجيوش العربية وعصابات صهيون تم بعدها وقف العمليات العسكرية في سيناء في 7 يناير 9491 وكانت بداية رئيسية لحالة التوتر الدائم في الشرق الأوسط. ثم كانت الأطماع في قناة السويس هي الأساس في الاستيلاء علي سيناء ومن ثم هجمت إسرائيل عليها ليلة 03 أكتوبر 6591 تزامناً مع عمليات مشتركة لكل من انجلتراوفرنسا فيما سمي بالعدوان الثلاثي وتم الجلاء عنها في 22 ديسمبر 6591 وحرب السويس هذه أخرجت فرنساوانجلترا من الشرق الأوسط ليحل مكانهما أمريكا والسوفييت في ذلك الوقت وترك المجال مفتوحاً للنزاع العربي الاسرائيلي حتي أتت حرب 7691 التي دمرت فيها الطائرات الاسرائيلية الجهاز الجوي المصري مما سهل معه الاستيلاء علي سيناء بالكامل في بضعة أيام واستمرت تحت الاحتلال عدداً من السنين حتي كانت الحرب المباركة في أكتوبر 3791 التي ظهر فيها البناء الجوي المصري متماسكاً بقيادة صاحب الضربة الجوية الأولي في ذلك الوقت اللواء طيار محمد حسني مبارك، وعادت الأرض واستقرت في حضن الوطن تبتغي منه الدفء والحنان. ثم توالت مسيرة التعمير بعد التحرير تبذل الدولة جهودها هنا وهناك إلي أن تم لها تخطيط أكبر مشروع قومي سمي باسمها لتنميتها تنمية شاملة احتوي في أركانه طموحاً واستراتيجية بعيدة المدي بغية الوصول بها إلي أن تكون ذات مكانة اقتصادية وتنموية تأخذ بيد مصر نحو الأفضل مما يحتاج معه إلي اكتتاب ومساهمات وطنية مخلصة تسعي لتحقيق محتواه وتصل به إلي جدواه مشفوعاً بالعمل بعد أن كان حلماً وأملاً ولعل في لحظة الاحتفال نضع أساساً لانطلاقة شاملة تتغني بها الأجيال وتعوضهم سنوات الحروب والاقتتال وتأخذ سيناء حظها من الرعاية والعناية لكي تكون ساعداً لمصر ترتقي بها إلي العالمية وتقتل بها الأطماع فإنها السهلة عمراناً بما تحتويه من خيرات، الصعبة مكاناً بما يحيطها من ملامح قد تتغير يوماً ما فلا يستقر ما حولها علي حال. كاتب المقال: عضو مجلس الشعب بشمال سيناء