دعانا الفريق سامي عنان رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة إلي لقاء رمضاني بدأ في العاشرة مساء واستمر حتي الثالثة فجراً. ولولا موعد السحور لاستمر اللقاء حتي الصباح. حضر اللقاء معه من أعضاء المجلس العسكري اللواء ممدوح شاهين، اللواء محمد سعيد العصار، اللواء إسماعيل عتمان واللواء محمد أمين. أول ما قاله الفريق سامي عنان أشكر مصطفي بكري صاحب هذه المبادرة وكان لقاؤنا هو الثاني. سبقه لقاء واحد مع عشرة من الإعلاميين. أما اللقاء الثاني فقد أضيف لمن حضروا اللقاء الأول خمسة عشر من المثقفين. كان عنوان اللقاء الأول: دراسة حول الخروج من الأزمة. أما اللقاء الثاني فقد منحه رئيس الأركان: رؤية تحليلية للمشهد السياسي وكيفية الخروج من الأزمة. حدد أولا ثوابت موقف القوات المسلحة منذ اللحظة الأولي للثورة. عندما أعلنت موقفها بكل وضوح ونزاهة وشرف وقررت الوقوف مع الشعب المصري. كان هذا منذ الأول من فبراير 2011 حيث أعلنت القوات المسلحة انحيازها الكامل لمطالب الشعب المشروعة. وأنها تؤيد الشعب في مطالبه. صدر هذا والرئيس السابق مبارك في السلطة. لم يتنح ولم يتخل عنها. بل واستمر بعد هذا الإعلان حتي الحادي عشر من فبراير. أخذ مجلس القوات المسلحة علي عاتقه الوقوف مع الشعب مع أن النظام القديم كان لا يزال قائماً ومستمراً في السلطة. لدرجة أن بعض الفقهاء الدستوريين قالوا أنهم عندما استمعوا إلي هذا البيان هنأوا أنفسهم بنجاح الثورة. لقد كانت القوات المسلحة سبباً جوهرياً في النجاح الذي أحرزته الثورة. إن السؤال هو: ماذا كان سيكون عليه الحال في حالة عدم نجاح الثورة؟ وبالرغم من المخاطر إلا أن رجال القوات المسلحة بروح المقاتلين وبروح الفرسان قرروا مساندة الثورة من اللحظة الأولي. وأعلنوا أن جيش مصر لم يستخدم العنف ضد الشعب. ما دام يعبر عن مطالبه المشروعة. ثم ينتقل سامي عنان إلي التحديات التي تواجه الواقع المصري الآن. التحدي الأول: الفراغ الأمني. علي الرغم من المجهود الذي يقوم به منصور العيسوي وزير الداخلية ويصادفه بعض النجاح. إلا أن الأمن لم يتحقق. التحدي الثاني هو: التحدي الاقتصادي. ارتفاع أسعار المعيشة وشعور المواطن العادي بأن ما يمتلكه من أموال لا يكفيه لكي يدبر حياته. طبعاً التحديات حلقات متشابكة يؤثر كل منها في الآخر. والغياب الأمني من المؤكد له دور في الإحساس بغياب الأمان الاقتصادي. التحدي الثالث هو: الإعلام. فالإعلام المصري لا يقول الحقيقة والبعض منه يبث الفتنة والإثارة والسطحية. والإعلام إذا فسد لا يكون فساداً ولكنه يكون إفساداً لأن الإعلام مؤثر كثيراً جداً في سلوكيات الناس. نحن نعاني في مصر الآن من إعلام الإثارة والسوقية وترويج الفساد وشراء بعض الفضائيات. ثم يعترف رئيس الأركان أن هناك بعض التحسن الإعلامي. ولكنه لا يتناسب مع خطورة هذه المرحلة. بدون الإعلام لن نتمكن من إقامة بناء فيه قدر من الأصالة. ولذلك مهما كان التحسن فنحن ننتظر الكثير. التحدي الرابع هو: الفتنة الطائفية. وهي واحدة من أكثر التحديات التي يمكن أن تواجه الوطن. وهي دخيلة علينا. هذا الشعور لم يكن موجوداً من قبل. فمعظم أصدقائي - يقول سامي عنان ذ من المسيحيين. فلماذا يتم زرع هذه الفتنة؟ ثم استدرك قائلاً: أريد أن نمحوا من قاموسنا ولغتنا كلمة الفتنة الطائفية. ونستبدلها بعبارة: الخلافات الطائفية. لأن مستقبل مصر متوقف علي مدي تماسك نسيجها الوطني. وهذا النسيج هو الذي سيحدد دورها ومناعتها الداخلية. فكلنا في مصر سواسية. لا فرق بين مسلم ومسيحي إلا بالعمل. والخلافات الطائفية هي لب المشاكل في مصر وعلينا أن ندرس كيف نعالج هذه المشكلة من جذورها. ليس بالكتابة عنها. ولكن بمواجهة الأسباب الكامنة التي يمكن أن تؤدي إليها. التحدي الخامس هو: استمرار الإضرابات والاعتصامات وقطع الطرق. ومحصلة ذلك هي زيادة المشاكل الاجتماعية ومعاناة المواطنين. ووجود المشكلة يتطلب أن نبحث عن الحلول لها. وأن تكون لدينا رغبة في الوصول إلي هذه الحلول والالتزام بها وتنفيذها. وهنا اعترف سامي عنان أن القوات المسلحة علي استعداد للعمل مع أيٍ رغبة كان في الحوار. وقال: الحوار ثم الحوار ثم الحوار. ولكن اعتبار الإضرابات والاعتصامات وسيلة للتعبير عن المطالب خطأ والاستمرار في ذلك أيضاً خطأ. أكد سامي عنان أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة مصمم علي تسليم مقاليد الحكم لسلطة مدنية منتخبة. وأن الجيش لن يسمح لأي سلطة مهما كانت أن تجور علي حق أحد. وأنهم يقفون علي مسافة واحدة من الجميع. وأن المحاكمات الحالية تتم علي أساس من القاعدة القانونية. وأنهم لا علاقة لهم بما يجري في هذه المحاكمات. وأن القوات المسلحة تسعي وتصر علي مدنية الدولة البعيدة كل البعد عن التيارات الدينية. وقال: نحن نأخذ الآن من التدابير والإجراءات لكي نجري انتخابات لمجلسي الشعب والشوري. وأن تكون هذه الانتخابات شفافة ونزيهة ونظيفة. هذا الشعب المصري وهذه الأمة المصرية تستحق منا أن نهديها انتخابات تليق بها وتستحق إسمها. هذا بعض ما قاله سامي عنان في الكلمة الافتتاحية التي كانت قصيرة. تبقي لي تعليقاتي وانطباعاتي وآرائي أنا أيضاً.