إحدي المزايا السحرية التي تمتع بها ميدان التحرير، وكانت أحد الأسباب الرئيسية لنجاح الثورة، هي أنه كان بمثابة بوتقة ذاب فيها كل المصريين علي اختلاف أطيافهم السياسية وانتماءاتهم الدينية والعقائدية.. كان المسلم جنباً إلي جنب مع المسيحي.. والشباب مع كبار السن، والسني مع الصوفي مع اعضاء جماعة الإخوان.. الجميع توحد في مليونية واحدة، وفي صوت واحد صادق فسقط أو تهاوي نظام ما كان من الممكن ان يسقط لولا رحمة الله التي استجابت لصدق الحناجر التي بحت تطالب بالرحيل. الآن أري ان القوي السياسية التي نجحت في تحقيق الثورة تريد ان تفقد ميدان التحرير دوره، وتحول المليونيات التي ذاب فيها كل المصريين الي مليونيات فئوية لاستعراض القوي.. هذه مليونية السلفيين لاستعراض قوتها وقدرتها علي قلب موازين القوي، ومن الطبيعي ألا تستكين القوي الأخري وتترك الامر يمر هكذا من دون الرد بمليونية أكبر، وأكثر استعراضاً لما يمكن أن تفعله. اذا أخذنا بمبدأ المليونيات كوسيلة وحيدة لاستعراض القوي، فسوف يأتي اليوم الذي يحتل فيه الأقباط ميدان التحرير لاستعراض قدرتهم علي احداث التغييرات التي يطلبونها، والجمعة التي ستليها سيجتمع أهلنا من النوبيين ويعتصمون في التحرير لرفع صوتهم. كفانا لعباً بالنار »عودوا إلي رشدكم«.