العظماء.. لا يموتون.. تفني أجسادهم وتبقي قيمهم ومبادئهم خالدة خلود الأهرامات.. هذه الأيام يمر 15 عاما علي رحيل »المايسترو» صالح سليم.. ولم أكن في حاجة لوضع توضيح للشخصية وكينونتها علي الرغم من حاجة الاجيال الجديدة للتعرف عن قرب عليه ومن هو وماذا فعل.. جلست مشدودا أمام التليفزيون أتابع حلقة خاصة عن المايسترو في برنامج مع مني الشاذلي.. تحدث الفنان هشام سليم نجل الراحل الكبير.. قدم العديد من النماذج الاخلاقية منها مثلا مشكلة عدم حصوله وشقيقه خالد علي عضوية النادي والاستمرار في رفضها مع الاعتذار للمهندس محمود طاهر رئيس النادي الحالي بعد أن اتصل بهما ليؤكد جاهزية كارنيهات العضوية.. كان صالح يرفض اصطحاب أبنائه إلي النادي حتي لا يجاملهم أحد علي حساب الأعضاء العاملين وضرب مثلا بطلب فنجان قهوة بالقول بأنه سيأتي في لحظات بينما يحتاج العضو العادي لنصف ساعة من الوقت.. اكتفي صالح وأبنائه بعضوية نادي الجزيرة المجاور للسكن.. وبالمصادفة شاهدت جانبا من اجتماع للمايسترو مع فريق الكرة وكان يجلس بجانبه الراحل ثابت البطل مدير الكرة الأسبق.. قال صالح للاعبين الاخلاق عندي قبل البطولات.. وأعتقد غير مجامل أن كثيرا من هذه المبادئ مازالت تحكم القلعة الحمراء رغم تغير الأشخاص والاخلاقيات علي المستويين العام والخاص.. وكان صالح سليم عزيز النفس بدرجة يمكن أن يصفها البعض بالغرور أو التكبر ولكنه الكبرياء.. فقد اعترض يوما علي تخصيص مكان له خلف الوزراء في بطولة ينظمها النادي وفاز بها واضطرت المراسم لوضع مقعده بجوار الرئيس مبارك الذي قيل انه يكره صالح لان الأخير اعتذر عن عدم التواجد في النادي لاستقباله عندما حطت طائرته بالملعب ليفتتح دار الأوبرا المجاورة للنادي.. ومن الأقوال المأثورة للمايسترو انه يؤمن بترسيخ المبادئ بصرف النظر عن البطولات وهو ما جعل الأهلي مرتبطا بهذه القيم التي كانت سببا في احراز النادي 19 بطولة قارية في عهد حسن حمدي أحد تلاميذ صالح والذي كرم مؤخرا بمنحه وسام الاتحاد الافريقي كرئيس لأكبر ناد في القارة يحصد البطولات وينتهج المبادئ سلوكا وعملا.. اذكر انني حضرت اجتماعا للمايسترو مع عدد من أعضاء النادي قبل الانتخابات وتجرأ البعض باسئلة مستفزة فما كان منه إلا ان قال من لا يعجب ادارتي للنادي فلا نتخبني!! في عام 85 فوجيء الاهلاوية بقرار صادم من المايسترو باللعب بفريق الشباب أمام الزماك في الدوري رافضا موقف النجوم الكبار في سوء فهم بين الادارة والمدير الفني الراحل محمود الجوهري الذي اقاله صالح وكلف هاني مصطفي بالمهمة الفنية ليفوز الاهلي في الدور قبل النهائي لكأس مصر »3/2» ليظهر جيل جديد يضم التوءم وطارق خليل ومحمد حشيش وغيرهم.. وفي عام 94 اوقف المايسترو العميد حسام حسن ستة اشهر ليعطيه درسا في التواضع وانكار الذات عقابا له علي خلع الفانلة والقائها علي الارض بسبب مشكلة مع ناصر التليس لاعب المصري انذاك وتجاهل المايسترو حاجة الفريق لجهود حسام لارساء القانون. كما قرر الانسحاب من بطولات الاتحاد الافريقي بعد تغييره للوائحه وجوائز البطولات عام 94 بسبب ضعف العائد المالي مقارنة بحجم المصروفات واضطر الكاف لاعادة النظر في قراراته لتستفيد منها كل الاندية حتي الآن.. ووثارت شائعات حول تصرفات صالح مع زملائه في الملعب وقيل انه ضرب أحد زملائه.. وقد جاء النفي من جانب الاشخاص الذين اشارت اليهم الاقاويل.. كان غيورا علي فريقه لدرجة التعصب.. في احد الايام كان يسير في النادي فوجد شخصا يضع قدمه علي الطاولة في مشهد غريب وتوقف صالح ليسأل »مين ده» مشيرا الي استحالة أن يكون عضوا محترما يقدر الاهلي ومبادئه فطلب اخراجه من النادي فورا.. رحم الله المايسترو صالح سليم وعوض اسرته والجماهير عنه خير الجزاء.