ظلت تنمية الصعيد حلما يراود ملايين المواطنين بمحافظات الوجه القبلي، وعود كثيرة أعلنت عنها حكومات متعاقبة لتنفيذ برامج مختلفة لتنمية الصعيد، وتوفير حياة كريمة للمواطنين، إلا أن هذه البرامج لم يكتب لها التنفيذ وظلت وعود واهية لم تتحقق علي أرض الواقع. نقص شديد في الخدمات الأساسية وانتشار الأمية وارتفاع نسب الفقر في العديد من مراكز وقري الصعيد مشكلات حقيقية ظل أهالينا في الصعيد يعانون منها لسنوات حتي أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي عن برنامج شامل لتنمية محافظات الجنوب. إجراءات حقيقية اتخذتها الحكومة لتحقيق التنمية الشاملة في الصعيد، بدأتها د. سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي بالتفاوض مع البنك الدولي للحصول علي التمويل اللازم لخلق تنمية شاملة ومستدامة في كافة محافظات الوجه القبلي، وبعد مفاوضات استمرت عدة شهور أعلن البنك الدولي موافقته علي تقديم تمويل بقيمة 500 مليون دولار لبدء برنامج شامل لتحقيق التنمية الاقتصادية بالصعيد، وذلك في إطار إجمالي تمويلات بقيمة 8 مليارات دولار لدعم الحكومة المصرية لتحقيق الإصلاح الاقتصادي وتشجيع القطاع الخاص علي زيادة مساهمته في تحقيق التنمية في مصر.. وبناء علي حجم السكان واحتياجات كل محافظة تم اختيار محافظتي قناوسوهاج ليصبحا باكورة مشروع التنمية الاقتصادية بالوجه القبلي، وتم وضع خرائط مفصلة للمشروعات التي سيتم تنفيذها بالمحافظتين من خلال هذا التمويل، كما قام وفد من البنك الدولي منذ أيام بزيارة محافظة قنا وعمل ورش عمل وجلسات تدريبية لجميع المسئولين عن التنفيذ والإشراف علي برنامج تنمية الصعيد بقناوسوهاج.. وتم وضع جداول زمنية محددة لجميع المشروعات التي سيتم تنفيذها، وقام وفدان من البنك الدولي ووزارة الاستثمار والتعاون الدولي بزيارة جميع المناطق التي سيشملها البرنامج، وتم إعطاء إشارة البدء لمشروع تنمية الصعيد وتحول الحلم إلي حقيقة بثت الأمل في نفوس جميع المصريين وبعثت التفاؤل بستقبل الاقتصاد المصري. »الأخبار» حصلت علي خطة تنفيذ البرنامج والجدول الزمني، فضلا عن المبالغ المخصصة لكل محافظة والمشروعات التي سيتم إقامتها وإليكم التفاصيل. يهدف برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر إلي تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة في 10 محافظات بالوجه القبلي، وسيتم البدء بمحافظتي قناوسوهاج اللتين وقع عليهما الاختيار بناء علي عدة معايير وهي: حجم السكان، ومعدلات الفقر، والتجاور الجغرافي، والقدرات الاقتصادية وإمكانية الوصول للخدمات الأساسية فضلا عن جاهزية كل المحافظات لتطبيق برنامج التنمية. في البداية تمت دراسة المحافظات العشر في صعيد مصر علي أساس معياري حجم السكان ومعدلات الفقر لضمان تحقيق أكبر استفادة من تطبيق البرنامج. وجاءت محافظة أسيوطوسوهاجوقنا في أعلي مرتبة بناءً علي هذه المعايير، إلا أنه تم استبعاد محافظة أسيوط بالرغم من قربها الجغرافي من سوهاجوقنا، حيث تم تقييم المحافظات الثلاث علي أساس مؤشرات القدرات الاقتصادية والجاهزية. وبالرغم من تشابه المؤشرات الاقتصادية وإمكانية الحصول علي الخدمات بشكل كبير في المحافظات الثلاث، إلا أن محافظة أسيوط تتمتع ببنية صناعية ومؤسسات دعم أفضل قليلًا من قنا كما أنها تحظي بعدد أكبر قليلًا من التكتلات الاقتصادية في كل من سوهاجوقنا، ويبلغ عدد السكان بالمحافظتين حوالي 7.75 مليون نسمة. كما تشكل قنا جزءًا من خطة الحكومة لمشروع المثلث الذهبي والذي يمثل فرصة كبيرة للإسراع في عملية تطوير المحافظة. وطبقا لتقرير البنك الدولي، تبلغ التكلفة الإجمالية لبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر حوالي 957 مليون دولار يتم صرفها خلال الفترة بين السنة المالية 2016-2017 والسنة المالية 2020-2021. وتمثل نفقات برنامج التنمية المحلية للصعيد جزءا من إجمالي التكلفة المخصصة لبرنامج التنمية الاقتصادية الشاملة للمناطق المهمشة والذي تتبناه الحكومة المصرية ضمن برنامج الاصلاح الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة في مصر. وتبلغ التكلفة الإجمالية التي تتحملها الحكومة لتنمية محافظات الصعيد العشر باعتبارها جزءا من برنامج التنمية الشاملة للمناطق المهمشة حوالي 12 مليار دولار، منها 3.9 مليار دولار لمحافظتي قناوسوهاج خلال الفترة ما بين 2017 إلي 2021. ويقسم المبلغ المخصص للمحافظتين إلي 3.1 مليار دولار لبرامج الإسكان الاجتماعي وتنمية المناطق الصناعية ومد شبكات الطرق والصرف الصحي والمياه بالإضافة إلي تطوير الموانئ، ويخصص المبلغ المتبقي والذي يصل إلي 832 مليون دولار لدفع أجور الموظفين والاستثمارات الرأسمالية فضلا عن دفع فوائد قرض البنك الدولي. قال بدر الدين حسن رئيس وحدة برامج التنمية الممولة من البنك الدولي بوزارة الاستثمار والتعاون الدولي، إن برنامج تنمية الصعيد يرتكز علي عدة محاور أهمها ضمان توفير كافة الخدمات الأساسية للمواطنين، وتهيئة البنية الأساسية لخلق مجتمعات صناعية تقوم علي تشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة واستغلال المزايا التنافسية التي تتمتع بها محافظات الصعيد. وأضاف أن المدة الزمنية لتنفيذ البرنامج تستغرق خمس سنوات تنتهي في نهاية 2021، وسيتم التنفيذ علي عدة مراحل، مشيرا إلي أن المرحلة الأولي سوف تنتهي في 30 يونيو القادم، وسيتم التركيز خلال تلك المرحلة علي تنفيذ بعض المشروعات التي لا تحتاج إلي وقت طويل، وأهمها استكمال مشروعات الطرق والصرف الصحي. وأشار مدير وحدة البرامج أن إجمالي المبالغ المخصصة للمرحلة الأولي والتي تستمر لمدة ثلاثة أشهر تصل إلي 30 مليون جنيه، منها 12 مليون جنيه لمحافظة قنا، و18 مليون جنيه لمحافظة سوهاج. وأضاف أنه طبقا لحجم السكان واحتياجات كل محافظة تم الاتفاق علي تقسيم مبلغ القرض بحيث يتم تخصيص 222 مليون دولار لقنا و278 مليون دولار لمحافظة سوهاج. وقال بدر إنه تم مخاطبة وزارة المالية لصرف المبلغ المخصص للمرحلة الأولي، وبمجرد الانتهاء من تنفيذها سيتم البدء في المرحلة الثانية والتي تبلغ إجمالي المبالغ المخصصة لها 125 مليون دولار. وأشار إلي أن إحدي أهم المزايا التي يتمتع بها هذا التمويل هو عدم التقيد بمشروعات معينة، بحيث يمكن تغيير مسار أي مشروع وتنفيذ مشروعات أخري بديلة إذا واجهتنا بعض العراقيل لتنفيذ المشروعات المتفق عليها من البنك، مشيرا إلي أنه يجب إخطار البنك الدولي بأية تغييرات تطرأ علي البرنامج الذي تم وضعه بالاتفاق مع الحكومة. وأشار إلي أنه تم الانتهاء من عدد من الإجراءات التمهيدية لبدء تنفيذ المشروع ومنها تعيين مدير المكتب التنسيقي للبرنامج في ديسمبر الماضي، واعداد تقرير مقيم الأداء المطلوب من قبل البنك الدولي، وإنهاء دليل المشتريات والتعاقدات الخاص للبرنامج، كما تم وضع خطة تطوير إدارة المناطق الصناعية بالمحافظتين بالاشتراك مع استشاري البنك الدولي، هذا فضلا عن وضع معايير اختيار التكتلات الصناعية بالمحافظتين من حيث حجم الانتاج أو قيمة الانتاج السنوي، وسهولة وقابلية التنفيذ، فضلا عن العائد الاقتصادي لكل تكتل والذي يتم قياسه من خلال عدد العمالة المتوقعة وعدد الوحدات الانتاجية وحجم انتاجها.