بحيرة قارون التي كان يتفاخر صيادوها بإنتاجية أسماكها التي وصلت في يوم ما إلي 210 ألف طن سنويا اصبحت تعيش حالة »موات» للحياة البحرية فيها وفق ما أكده الخبراء بسبب ظهور طفيل يقضي علي الأسماك، وحشرة مثل الخنفسة» وكذلك »قمل الأسماك »، فضلا عن التلوث الذي يحيط بها من كل جانب، وهجرها مئات الصيادين للعمل في بحيرات أخري في السويس ودمياط، ومنهم من قرر السفر للخارج حتي يستطيع الإنفاق علي أسرته. د. ديهوم الباسل الاستاذ بكلية العلوم بجامعة الفيوم يشير إلي أن تدهور الأحوال بدأ منذ النقل العشوائي لزريعة أسماك موسي والبوري بأنواعه عام 1929، وحدثت بعدها كارثة نقل القشريات من نوع »قمل الأسماك Argus» الذي يتطفل علي خياشيم وفم الأسماك وقد يلتهم اللسان، واضف إلي ذلك أنها تستقبل مياه الصرف الزراعي بما فيها من مبيدات وكيماويات وكذلك الصرف الصحي من الواقعة عليها، كما أن الطيور المهاجرة تنقل الكثير من الطفيليات التي توطنت في البحيرة وزاحمت الأسماك علي الأكسجين والغذاء مما ساهم في نمو الطحالب التي تنبعث منها روائح كريهة يمكن استنشاقها عند مدخل البحيرة، وزادت الملوحة لدرجة سمحت بنمو » سمك الحلواني» الذي يسميه الصيادون » عروسة البحر» وظهرت أخيرًا قشريات » أكل لسان الأسماك الكبيرة الحجم، التي تصعد علي جسم السمكة متجهة إلي الخياشيم لتغذي عليها، وتتحول معظم الذكور بعد التزاوج إلي إناث تضع البيض وتحمله علي بطنها وتتجه إلي بلعوم السمكة وتأكل اللسان وتثبت نفسها مكانه لتستقبل أي غذاء يدخل للفم، وظهرت مؤخرا طفيليات العلقيات، التي تتطفل علي الجلد وتمتص سوائل جسم السمكة ولا تتركها إلا مثل ورقة الشجر الجافة، وكذلك ظهر نوعان من »التريماتودا أحادية العائلة» و»التربلاريا المتطفلة» وهو ما ينبئ بكارثة علي ما تبقي من أنواع أسماك داخل البحيرة، ويشير الباسل إلي أن هناك خمس جهات تشرف علي بحيرة قارون ولكن كل جهة تعمل في معزل عن الأخري، ويري أن الحل قام بطرحه منذ فترة علي الدكتور جمال سامي محافظ الفيوم وأعضاء البرلمان ويتمثل في أخذ حصة الفيوم من مياه السدة الشتوية وضخها في البحيرة مباشرة مما يرفع منسوب المياه لنحو متر ويقلل الملوحة للدرجة التي لا تصلح لحياة هذه الكائنات الغريبة، وبكل آسف لم يتم الأخذ بالحل، كما يمكن وضع كمية من الجير الحي علي القاع بحيث تغطي القاع بطبقة سمكها 2 سم مما يخلق قاعا جديدا ويعادل حامضية الماء، وهو ماسيقضي علي الأحياء الضارة وبعدها يتم وضع زريعة البوري وموسي. ولم يكن غريبا أن يؤكد لنا عادل أمين رئيس جمعية صيادي الأسماك أن البحيرة تشهد هذا العام اسوأ فتراتها في إنتاجية الأسماك حتي أنه لا يوجد بها ما يقوم الصيادون بصيده، ويشير إلي أن البحيرة خسرت عشرات الأطنان من الأسماك التي نفقت بسبب حشرة صغيرة مثل الخنفساء تدخل في خياشيم الأسماك بالبحيرة وتؤدي إلي موتها، ولم يتحرك أحد لمعرفة السبب في ذلك، ووصف كل ما يقوم به المسئولون بأنه مجرد مسكنات، ويشير مصطفي محمود رئيس مجلس إدارة الجمعية السابق، إلي أن عدد المراكب العاملة والمرخصة في بحيرة قارون 605 مراكب، وأن هناك نحو 150 مركب تمارس عمليات الصيد بدون ترخيص مما فتح الباب لتجارة غير مشروعة ببيع الأسماك الصغيرة »الزريعة» لتغذية الطيور. من جانبه أكد الدكتور جمال سامي محافظ الفيوم أنه عقد جلسات عديدة من المختصين والخبراء والصيادين لوضع حلول لهذه الأزمة، مشيرًا إلي أنه سيتم إنشاء مصنع كبير لاستخراج الأملاح من بحيرة قارون وهو ما سيساهم في خفض الملوحة بها، بالإضافة إلي توقيع عقد في الخامس من مايو المقبل مع أحد البنوك لإنشاء صرف صحي ل 84 قرية تصب مياه الصرف الصحي علي البحيرة مباشرة، كما شكل لجنة لاستلام الزريعة التي تأتي إلي بحيرتي قارون والريان لاستلامها وفحصها قبل وضعها في البحيرة حتي لا نزيد الأمر صعوبة بالطفيليات التي ظهرت وانتشرت في البحيرة.