أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أهمية أن يثق المصريون في أنفسهم قبل قيادتهم، وألا يلتفتوا إلي محاولات بث الفرقة والانقسام، موضحاً أن مصر ستظل دائماً قوية بشعبها الابي العظيم ولن يُسمح لأحد بالمساس بأمنه. جاء ذلك خلال الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس السيسي مساء امس لطلبة الدورة الثانية للبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب علي القيادة، الذين يمرون الآن بمرحلة الإعداد علي نموذج محاكاة الدولة المصرية. وقد صرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس استهل اللقاء بالترحيب بالشباب الذين تم اختيارهم للمشاركة في الدورة الثانية للبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب علي القيادة، مشيراً إلي أن البرنامج يهدف إلي إعداد جيل جديد من الشباب بشكل علمي ليتولي المسئولية بمختلف المواقع بالدولة. وأوضح الرئيس أن البرنامج الرئاسي للشباب يتيح بذلك الفرصة لاكتشاف إمكانات الشباب وتوظيفها بشكل صحيح من أجل تعظيم الاستفادة منها لصالح الدولة، معرباً عن تطلعه لأن توفر الدراسة بالبرنامج للمشاركين من الشباب منظوراً شاملاً عن أسلوب إدارة الدولة والتعامل مع ما تواجهه من تحديات ومشاكل بشكل عملي ومتكامل. واستعرض الرئيس خلال اللقاء ما تم انجازه خلال السنوات الثلاث الماضية علي صعيد تثبيت دعائم الدولة وإطلاق المشروعات القومية بهدف النهوض بالاقتصاد، حيث أشار إلي التهديدات التي تتعرض لها مصر نتيجة الوضع الإقليمي المتأزم ومساعي التنظيمات الإرهابية لزعزعة استقرارها والنيل من وحدة نسيجها الوطني، فضلاً عن سعي قوي الشر لبث الفتنة وهز الثقة في الدولة، مؤكداً قدرة الشعب المصري علي التغلب علي جميع التحديات طالما ظل متكاتفاً ومتضامناً ومدركاً للمخاطر التي تحيط به. كما أوضح الرئيس أن إطلاق المشروعات القومية بمختلف المحافظات ساهم في توفير 2 - 3 ملايين فرصة عمل، بالإضافة إلي الارتقاء بالبنية التحتية والخدمات المقدمة للمواطنين، مؤكداً أن الدولة تعمل علي تحسين وتطوير القطاعات المختلفة بشكل متواز، وذلك لتعويض ما فُقد من وقت وسد الفجوة بين ما يحتاجه المواطن من خدمات فعلية وبين ما يتوافر لدي الدولة من موارد محدودة. وأضاف المتحدث الرسمي أن اللقاء شهد حواراً مفتوحاً بين الرئيس والشباب المشاركين بالبرنامج، حيث أوضح الرئيس رداً علي استفسار حول الاجراءات التي يتم اتخاذها لرعاية أهالي العريش الذين تعرضوا لتهديد التنظيمات الارهابية، أن الدولة عازمة علي القضاء علي العناصر الارهابية في شمال سيناء واجتثاث الارهاب هناك من جذوره، لافتاً إلي أن استهداف المواطنين في العريش هو مخطط جبان من أهل الشر لزعزعة الثقة في الدولة والنيل من الوحدة الوطنية وبث الفتنة ويعكس ما وصلوا إليه من يأس بعدما فشلت جميع محاولاتهم السابقة لهدم مصر. كما أكد أن جميع أطياف الشعب المصري تتحمل بشجاعة تداعيات التصدي للإرهاب، وأن الكثير من الأسر المصرية من مختلف فئات المجتمع ضحت بأبنائها خلال المواجهات مع الارهابيين في شمال سيناء، سواء كان هؤلاء الابطال من رجال القوات المسلحة أو الشرطة أو كانوا من المدنيين. وأضاف الرئيس أن الأزمات القائمة بالمنطقة توفر بيئة خصبة للتنظيمات الارهابية، وهو ما يلقي بظلاله علي مصر، مؤكداً أن الدولة حريصة علي تقديم كل العون والمساعدة ووضع كل امكاناتها في خدمة أهالي العريش الذين تلقوا تهديدات من العناصر الارهابية. كما شدد الرئيس علي أهمية الحفاظ علي التماسك ووحدة الصف كسبيل وحيد للتغلب علي التحديات القائمة ومحاولات هدم الدولة، مشيداً في هذا السياق بما تحلي به الشعب المصري علي مدار الفترة الماضية من صبر وقدرة علي التحمل، فضلاً عما أبداه من تفهم وإدراك عميق للتحديات الراهنة، مضيفاً أن المصريين كتبوا تاريخ بلادهم بحروف من ذهب، وأن وعيهم هو الذي يحمي مصر. وتعقيباً علي استفسار حول الاجراءات التي تتخذها الدولة لضبط اسعار السلع الغذائية الاساسية، أكد الرئيس عمل الدولة علي زيادة المعروض من السلع بالاسواق والمنافذ من أجل الحفاظ علي استقرار الاسعار، فضلاً عن توفير آليات موازية لإتاحة السلع بكميات وأسعار مناسبة للمواطنين، وذلك للتعامل مع ما تعاني منه الاسواق من محاولات لاستغلال المواطنين. وفيما يتعلق بالجهود التي تتم لدعم الحياة السياسية والحزبية، أوضح الرئيس أن بناء قواعد حزبية حقيقية سيستغرق وقتاً في ضوء خلو الساحة السياسية المصرية من حياة حزبية تنافسية وحقيقية علي مدار العقود الماضية، مشيراً إلي أن ما مرت به الدولة من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة خلال السنوات الماضية ساهم كذلك في عرقلة تحقيق التقدم المنشود علي صعيد تطوير الحياة الحزبية والسياسية في مصر. وأعرب الرئيس في هذا الإطار عن تطلعه لإجراء الانتخابات المحليات عقب انتهاء السلطة المعنية من وضع التشريعات اللازمة لذلك، مشجعاً الشباب علي المشاركة بفعّالية في تلك الانتخابات والترشح للمجالس المحلية حتي يساهموا بجهودهم في مسيرة التنمية الشاملة، كما دعا إلي اختيار أفضل العناصر لعضوية المجالس المحلية حتي يقوموا بدورهم علي أكمل وجه. وحول دور الدولة في تنشيط السياحة، أشار الرئيس إلي أن انتعاش قطاع السياحة مرتبط بأمن واستقرار البلاد، لافتاً إلي أن النيل من قطاع السياحة استهدف عرقلة جهود التنمية الاقتصادية. وأعرب عن تطلعه لاستعادة قطاع السياحة لمعدلاته المعهودة وتعافي هذا القطاع الذي يمثل دعامة مهمة من دعائم الاقتصاد الوطني. وبالنسبة للعلاقات مع الدول العربية الشقيقة في ظل التحديات الاقليمية الراهنة، أكد الرئيس أن ثوابت سياسة مصر الخارجية تقوم علي الحفاظ علي الأمن القومي العربي، وأن أي تهديد للأشقاء في دول الخليج يُشكل تهديداً للأمن القومي المصري، مؤكداً أن الشعب المصري يُمثل مركز ثقل الوطن العربي، وأنه استطاع بفضل تحمله وتضامنه أن يتغلب علي جميع الضغوط الاقليمية والدولية التي تعرضت لها مصر والمنطقة. وأشار الرئيس إلي أن تكريس الاختلاف والانقسام بين الدول العربية خلال هذه المرحلة من شأنه أن يساهم في تعرض الوطن العربي لمزيد من التوتر والاضطراب. وقد دعا الرئيس في ختام اللقاء الشباب المشاركين بالبرنامج الرئاسي إلي التسلح بالعلم وبذل مزيد من الجهد في سبيل التعرف علي احدث اساليب العمل، مشيراً إلي أهمية نشر ما يتعلمونه في إطار البرنامج إلي غيرهم من الشباب بما يساهم في تعزيز وعيهم بالشأن العام وإدراكهم للتحديات القائمة.