سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 13 يونيو 2025    سعر طن الأسمنت والحديد بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 13 يونيو 2025    سعر السكر والأرز والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الجمعة 13 يونيو 2025    بأغلبية ساحقة.. الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارًا يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة    تصعيد وشيك | إسرائيل تلوح بهجوم على إيران وواشنطن تتمسك بالحل الدبلوماسي مع التشديد على حرمان طهران من الطموح النووي.. ويتكوف: إيران النووية تهديد وجودي لإسرائيل والعالم    بعروض مبهرة.. الأوبرا المصرية تحتفل بعيد روسيا الوطني في أجواء فنية ساحرة| صور    أوروبا تواجه شبح الجفاف.. مايو يسجل درجات حرارة قياسية وتحذيرات من أزمة مياه    أسامة كمال: سموتريش تفوق على نفسه في الوقاحة.. مجرم حرب إسرائيلي في صورة وزير    المجموعة العربية بالأمم المتحدة: عجز مجلس الأمن تجاه غزة لا يعفى المجتمع الدولى من واجب التحرك    سيراميكا يضمن 10 ملايين جنيه بعد التتويج بكأس الرابطة    توماس فرانك مدربا لتوتنهام    مانشستر يونايتد يعلن رسميا تعاقده مع ماتيوس كونيا    تركي آل الشيخ ينتقد «استديو» إبراهيم فايق ويطالب بتغييره    كوكا: أُفضل اللعب في الوسط.. ولم أخسر بكأس العالم للأندية من قبل    كأس العالم للأندية - هاني: لا يوجد مستوى أعلى للعب.. ولم أتوقع انضمام زيزو    الاتحاد الإماراتي يطالب فيفا والآسيوي بالحيادية في ملحق كأس العالم    مأساة أسرية .. ارتفاع أعداد ضحايا حادث سمالوط في المنيا إلى 4 وفيات    المخرج محمد دياب يعلن فوز فيلمه «هابي بيرث داي» بثلاث جوائز من مهرجان ترايبكا    أحمد السقا عن تلقيب محمد رمضان نفسَه ب نمبر وان: يمكن ميقصدش (فيديو)    مجلس النواب يناقش الموازنة العامة للدولة «2025/ 2026» الأسبوع القادم    وزير البترول يصدر حركة تنقلات وتعيينات جديدة لقيادات الهيئة وعدد من الشركات    ليفربول يفتح المزاد لبيع دياز    صناعة الدواجن «بيضة من ذهب»|«بيرما».. سر الصناعة أكبر معقل لتربية الطيور فى مصر منذ 100 عام    حملات رقابية مكثفة وتحرير 114 محضر تمويني بالدقهلية    محلل سياسي: دعم غزة لا يتطلب الوصول لرفح.. قافلة الصمود قد تخدم أجندات خفية    رغم المراجعة| أستراليا تُشيد بصفقة الغواصات النووية الأمريكية    القومى للبحوث يعقد مؤتمره السنوي بشعار «من الرؤية إلى الواقع.. لغد بصحة أفضل»    «هنعمل إيه» ل آدم البنّا تتصدّر التريند على منصة «إكس» وتتجاوز نصف مليون مشاهدة    4 أبراج أكثر تنظيمًا ودقة.. هل برجك من بينها؟    مدرسة السكة الحديد فى الجيزة.. تعرف على شروط التقديم والمستندات المطلوبة (تفاصيل)    محافظ قنا: وضع لوائح انضباط على مداخل المستشفيات لبيان حقوق وواجبات المرضى    حقوق إنسان النواب تبحث مع وفد الحوار المصري–الألماني سبل تعزيز العدالة والمواطنة    الأحد.. ثقافة الفيوم تقيم ورشة مجانية لتعليم كتابة القصة    تجدد الجدل حول اكتشاف مزعوم بشأن مدينة تحت الأهرامات.. ما الحقيقة؟    لعلاج دهون الكبد- تناول هذه المشروبات على الريق    "الشؤون الإسلامية" تكثّف جهودها التوعوية في مسجد التنعيم تزامنًا مع توافد المعتمرين    الداخلية تكشف حقيقة احتجاز «مُسنين» والتعدي عليهما بالضرب في المنوفية    متحور كورونا الجديد «NB.1.8.1».. تحت المراقبة العالمية    القصة الكاملة لسرقة الدكتورة نوال الدجوي.. من البلاغ لحفظ التحقيقات    غودار وفلسطين.. حين عاد التجريبى الأكبر فى تاريخ السينما إلى «القضية» بعد صمت طويل    القطار الخفيف يقلل زمن التقاطر يوم الجمعة من كل أسبوع للتسهيل على الركاب    الأزهر للفتوى يعلق على شغل الوقت باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي    وزير الري: مصر تقوم بإدارة مواردها المائية بحكمة وكفاءة عالية    إنارة رافد جمصة على طاولة التنفيذ بتنسيق مكثف بين الجهات المعنية    وزير الاستثمار: الدولة تولي اهتمامًا كبيرا بتطوير قطاع التأمين    وفد عمل مصر الثلاثي يُشارك في منتدى «التحالف العالمي للعدالة الإجتماعية»    قافلة جامعة المنوفية توقع الكشف الطبي على 440 من أهالي «ميت أم صالح»    ملك زاهر توجه رسالة مؤثرة من داخل المستشفى    حقوق الإنسان بمجلس النواب تستضيف رئيس الطائفة الإنجيلية وأعضاء الحوار المصري الألماني    عبد العاطي يؤكد ضرورة الحفاظ على السودان وصون مقدّراته    رسميًا.. رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية    حجز والدي عروس الشرقية على ذمة التحريات في واقعة زفاف عريس متلازمة دوان    التحفظ على سلع غذائية ولحوم فاسدة في حملات تموينية موسعة ب قنا    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    وكيل الأزهر يعتمد نتيجة الدور الأول لشهادات القراءات للعام 2025    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
رسائل الحج
نشر في الأخبار يوم 18 - 09 - 2015


د. أسامة الأزهرى
الحج فريضة من فرائض الإسلام، جعله الله تعالي مشحونا بالقيم والمعاني والمنافع والأنوار، وجعل الله تعالي له مقاصدَ جليلةً، وغايات نبيلة، تؤثر في نفسية، إيجابا، الإنسان وتصنع شخصيته، وتهذب وجدانه، وترتقي بسلوكه، وتضخ في حياته طوفانا من الأنوار والقيم العليا التي ينضبط بها سلوكه عقب رجوعه من الحج ومخالطته للمجتمع، وقد أشار الله تعالي إجمالا إلي مقاصد الحج فقال سبحانه: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَي كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَي مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (سورة الحج، الآية 27-28)، فبين الله تعالي في الآيات المذكورة منظومة من الحكم النفسية والاجتماعية والتعبدية والفكرية، مما أودعه الله في هذه الفريضة المقدسة، وأمرنا بأن نتحري تلك المعاني، ونسعي للتخلق بها، وتدريب النفس عليها، وإليك عددا من تلك القيم والمعاني الجليلة المودعة في الحج:
أولا: قيمة الأمان: فقد جعل الله تعالي أداء فريضة الحج من أهم الموارد والينابيع التي تنمي قيمة الأمان في نفس الإنسان، فقال سبحانه: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًي لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (سورة آل عمران، الآية 96-97)، فقوله سبحانه: (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا) تعني أن الحرم دار الأمان، حتي إن النبات فيه لا يُقطع، والحيوان فيه لا يُقتل، والحمامَ فيه لا يُرَوَّع، ولا جدال فيه، بل سكينة ورحمة، وتلبية وتسبيح، وتحميد وتمجيد، وتعظيم لشعائر الله، ورجوع إلي الفطرة الأولي، وإحياءٌ لمعاني الإنسانية الراقية، إنه إعادة صياغة شاملة لوجدانيات الإنسان ومنظومة قيمه، ورجوع بالإنسان إلي حالة احترام الكون كله، نباتا وحيوانا وجمادا وإنسانا، والحج يغرس هذه المعاني بعمق في نفسية الإنسان، في طوفان بشري هائل، يري الإنسان فيه اجتماع الأمم، وازدحام البشر، بقلوب ضارعة، وألسنة ذاكرة، وعيون دامعة مستغفرة، وألسنة تلهج بالاستغفار والتلبية بعشرات اللغات واللهجات، مع شيوع جو التجلي الإلهي، وانفتاح أبواب السماء بالرحمة، فهنالك يستيقظ الإنسان من حجب الغفلة والبعد والجفاء والجفاف والغلظ والمادية المجحفة، التي يغرق فيها الإنسان تماما مع شدة انهماكه طول الأيام والشهور والساعات في حركة الحياة الصاخبة المتدفقة المتقاطعة الحادة، فإذا بالحج قد زلزل كل تلك الحجب، ومسح عن الفطرة أغلالها وركامها.
القيمة الثانية: قيمة الإنسان: حيث اشتمل الحج علي إشارات خفية كثيرة، تغرس في نفس الإنسان أثناء أداء المناسك تعظيم قيمة الإنسان إلي أقصي درجة، حيث يقول الله تعالي: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)، (سورة البقرة، الآية 197)، أي أمرنا الله تعالي عند أداء المناسك بمراعاة شعور الإنسان المجاور لنا في الحج إلي أقصي درجة، لأن طبيعة الزحام الشديد أن يولد احتكاكا وجدلا وتدافعا، فأراد الله تعالي أن نغتنم أفضل ما في الزحام من شيوع أجواء الروحانية والضراعة والتعبد، وأن نتجنب كل ما في تلك الحشود والتجمعات من سلبيات التدافع والجدل والاختلاف والمنازعة، فكأنه سبحانه يقول: احرصوا عند أداء المناسك علي التخلي عن كل نوازع البشرية والجدل والخصومة، واجعلوا صدوركم رحيبة منيرة، تتسع للإنسان وتتجاوز عنه وتحرص عليه وتعذره وتفسح له وتعينه وترحم ضعفه وبشريته، حتي إذا ما رجع الإنسان إلي وطنه اتسع صدره للزحام في المرور، أو في الشوارع، أو في أماكن العمل، أو في محطات القطار والمترو، فترجع الفرائض كما أرادها الله تتدفق في حركة الحياة وتصب فيها الرقي والسعة والخلق والرحمة.
القيمة الثالثة: إدخال السرور علي الفقير، وعمق شعور الحجاج بالالتزام تجاه الفقير والمحتاج والمضطر، فقال سبحانه: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَي مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)، (سورة الحج، الآية 28)، وقال سبحانه: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، (سورة الحج، الآية 36)، فكرر سبحانه الأمر بالإطعام، ووجه الأنظار إلي التضافر علي سرعة الإغاثة ومد اليد للفقير، ورفع الحج والجوع والحاجة والحرج عن كل إنسان، وهكذا يغرس الحج في أعماق وجدان الحجاج أن من ضمن شعائر تعبدهم وتقربهم إلي الله شدة العطف والتعهد والنهوض إلي رفع الألم عن خاطر كل إنسان فقير أو محتاج، ولا شك أن الله تعالي لا يرضي بإطعام فمه وكسر قلبه، فإطعام الطعام هو أول درجة في سلم تكريم الإنسانية، تبدأ بتأمين وجوده، وحفظ حياته، ثم ترتقي إلي إطعامه وعلاجه وإكرامه، ثم ترتقي إلي تعليمه وتنوير عقله، ثم ترتقي إلي جبر خاطره وعدم إيلام نفسه، ثم ترتقي إلي الحرص علي امتداد السعادة له في الدنيا والآخرة بالهداية والتقوي.
القيمة الرابعة: كثرة ذكر الله وتسبيحه، فقال سبحانه: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)، فأيام الحج أيام ذكر وتسبيح وتلبية ومناجاة، يلهج فيها الإنسان بذكر الله جل جلاله، وكثرة دعائه، والتضرع إليه، حتي تشيع بين الناس جميعا في أيام الحج أنفاسٌ من الربانية والتجرد والسمو، كأنها معراج روحي تصفو فيه النفوس، وتتطهر فيه القلوب، ويتسابق الناس في تعظيم شعائر الله.
وهكذا تتوالي المعاني والقيم والرسائل الكامنة في الحج، والتي تتوهج وتشع وتسطع في وجدان الإنسان كلما تجدد موسم الحج وظللتنا أيامه، وندعو الله تعالي أن يقسم لنا من رحمات الحج ونفحاته، وسلام علي الصادقين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.