كما هو معروف فإن ما يسمي «بالربيع العربي» الذي اقترن بثورات غضب ضد أنظمة الحكم غير الديمقراطية في بعض الدول العربية بدأت بأحداث تونس. رغم ذلك فإن مصر والتي كانت مسرحا لثورة 25 يناير 2011 في أعقاب الثورة التونسية سبقت تونس بعد ذلك باندلاع ثورة 30 يونيو الاصلاحية عام 2013 التي نجحت في الخلاص من الحكم الفاشيستي لجماعة الإرهاب الإخواني. وكما حدث في تونس لصالح حزب النهضة بعد أن تولي حكم تونس في اعقاب ثورتها.. كانت هذه الجماعة قد نجحت في السطو علي ثورة 25 يناير في مصر بالخداع والتآمر والتواطؤ وعقد الصفقات. دعمتها في تحقيق هذا الهدف قوي خارجية. تتبني عمليات التخريب وهز الاستقرار في مصر والعالمين العربي والإسلامي. وعلي غرار جنوح الشعب المصري إلي نبذ سيطرة وهيمنة الإسلام السياسي علي مقومات وطنهم. حدث التغيير أيضا في موقف الشعب التونسي من حزب النهضة الذي يعتنق بعض جوانب الأيدلوجية الإخوانية. تمثل موقف الشعب التونسي في حرمان النهضة من الحصول علي الأغلبية في انتخابات مجلس النواب. هنا لابد من الاشارة إلي الأداء السياسي الوطني لحزب النهضة بأيدلوجيته الإسلامية. هذا الاداء اتسم بالحكمة والوعي وتغليب الصالح الوطني. إنه تمثل في استسلامه للإرادة الشعبية التونسية واستيعابه للدرس القاسي الذي تلقته جماعة الإرهاب الإخواني الموتورة في مصر. بالطبع فإنه لا يمكن أن يكون خافيا أن هذا الموقف كان وليد القبول برفض الشعب التونسي لسياساته. هذا الموقف جاء تجسيدا للمستوي الثقافي الذي يتمتع به الشعب علي مستوي تونس وهو ما تجلي في رفضه للأسلوب الفاشل الذي أدار به حزب النهضة شئون الحكم بعد ثورة «الياسمين». عكس ذلك تماما كان سلوك جماعة الإخوان في مصر حيث لجأت إلي العنف والإرهاب لمقاومة إرادة الشعب المصري الذي قام بثورة 30 يونيو التي أنهت استمرار حكمها لمصر. من ناحية أخري فإنه يحسب لتونس الشقيقة إقدامها علي اجراء الانتخابات الرئاسية بهذه الصورة الحضارية المشرفة وفقا لدستورها الجديد وصولا إلي شاطئ الحكم الديمقراطي. إنها بذلك تكون قد سبقت مصر التي من المتوقع قيامها باتمام الاستحقاق الأخير في مسيرتها الديمقراطية المتمثلة في انتخاب مجلس النواب قبل نهاية شهر مارس القادم. إن البيانات الرسمية عن سير الانتخابات الرئاسية التونسية تشير إلي انه سوف تكون هناك جولة إعادة علي منصب الرئيس بين السياسي المخضرم الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس الفائز بالأغلبية البرلمانية والذي كان يشغل منصب وزير الداخلية لبعض الفترات إبان حكم الرئيس المعزول زين العابدين بن علي وبين المنصف المرزوقي الذي تولي الرئاسة خلال المرحلة الانتقالية التي أعقبت ثورة الياسمين. الدلائل الايجابية لمسار التطورات السياسية في تونس تشير إلي انها في طريقها لاجتياز الامتحان نحو الاستقرار بالنجاح الذي حققته تجربتها الديمقراطية الرائدة. ليس هناك ما يقال تعليقا علي هذا الإنجاز سوي الدعاء بأن يكون الله في عون دولة تونس الشقيقة لتحديد الرئيس الذي اختاره الشعب من خلال انهاء الجولة الثانية للانتخابات علي خير وأمان.