حينما زرت المغرب في أوائل الشهر الماضي عرفت أن هناك أنشطة ثقافية وفنية مصرية كثيرة ومتعددة يقوم بها المركز الثقافي المصري بالرباط ضمن ما يسمي ب ( عام مصر في المغرب ) والذي ينتهي في شهر يوليو القادم .. هذا البرنامج الرائع يقف وراءه د. أحمد عفيفي المستشار الثقافي في سفارتنا بالرباط .. يوم وصولنا لمطار محمد الخامس بالدار البيضاء علمت انه كان في استقبال يسرا وحسين فهمي والوفد المصري المشارك في مهرجان مراكش السينمائي الدولي والتقينا ونحن نغادر المطار في طريقنا للقاهرة .. كان حريصا علي توديعنا وتكريم الفنان رياض الخولي بعد مشاركتنا في مهرجان فضاء تطوان المسرحي .. قال لي : الشعب المغربي يعرف قدر وقيمة مصر وريادتها الثقافية منذ سنوات بعيدة ويراها الدولة الرائدة علي المستوي العربي ويدرك أهمية التواجد الثقافي والفني المصري في المغرب ويحرص علي المشاركة وحضور الانشطة التي نقوم بها بصفة مستمرة وقد اجتمعت مع وزير الثقافة المغربي د. سالم حميش لتبادل الاراء وأتفقنا علي تحديد عام مصر في المغرب الذي يستمر حتي شهر يوليو 2011 تحت رعاية الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والبحث العلمي.. الرجل نشيط لا يهدأ يسعي إلي استضافة العلماء والمثقفين المصريين لإلقاء محاضرات ضمن هذا البرنامج "عام مصر في المغرب"..وهو يحظي بعلاقة طيبة مع المثقفين والمسئولين المغاربة وهذا ساعده كثيرا في تقديم أنشطة متعددة عن مصر.. المركز الثقافي المصري كان بقعة ضوء ساطعة منذ استقلال المغرب في نهاية خمسينات القرن الماضي ووقوفه شامخا كأول مركز ثقافي عربي يتولي الإشعاع الثقافي في تلك المرحلة الحاسمة التي أنشئت فيها مراكز أجنبية أخري كالفرنسي والاسباني و الأمريكي والبريطاني والايطالي والروسي والتي اهتمت في الأساس بالتواصل اللغوي وتعليم اللغات.. وفي ظل هذه الأجواء برز المركز الثقافي المصري الذي شكل وحده طبيعة المراكز الثقافية العربية بالمغرب وتمكن بلغة الأرقام من انجاز مشروعات ثقافية عديدة ساهمت في تقوية العلاقات بين البلدين واستطاع علي امتداد عقوده الخمس ان يحافظ بقوة علي استمراره في تحقيق أهدافه لترسيخ بنيان الثقافة ودعم العمل العربي المشترك .. قال لي د. أحمد عفيفي : حينما أتيت إلي المغرب وجدت أن المغاربة يقيمون 302 مهرجان فني في العام الواحد وفكرت في الاستفادة من هذه التجربة الفريدة وإحياء عام مصر في المغرب للتواصل بين الثقافتين خاصة وأن ثقافتنا تضرب بجذورها في الثقافة المغربية ومعظم أدباء المغرب ومثقفيها تعلموا في مصر أو تربوا علي الأدب المصري ونهلوا من العقاد وطه حسين والمازني وأحمد لطفي السيد ويوسف السباعي ونجيب محفوظ وغيرهم .. باختصار كانت مهمتي سهلة وتوجيهات د. هاني هلال لي موضع التنفيذ الفوري فنحن من أقدم المراكز الثقافية وأنشطها منذ 50 عاما . وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة ، نظمنا ندوة بعنوان "مسيرة التشريع في قانون الأسرة بين المغرب ومصر". وشاركنا في احتفال البينالي الدولي لمسارح العالم في الرباط الذي كرم كلا من الفنان عزت العلايلي والفنان رشوان توفيق والمخرج شريف عبد اللطيف.. وفي إطار رعاية المركز للثقافة المصرية ومواكبة اهتمامات المجتمع المغربي نظمنا أسبوعا للفيلم الروائي بعرض الفيلم السينمائي "اللص والكلاب " عن رواية الكاتب الكبير نجيب محفوظ وهي الرواية التي يتم تدريسها لطلبة المرحلة الثانوية وقد استقبل المركز العديد من المدارس لمشاهدة هذا العرض .هذا النشاط يستحق منا كل التحية والتقدير فقد عشت في الخارج سنوات وأعرف أهمية أن تعمل من اجل مصر بضمير يقظ وعقل مفتوح وهذا يطبقه أحمد عفيفي بامتياز.