يوم بعد يوم تزداد الأزمة الليبية تعقيدا وتتسع هوة الانقسام السياسي تزامنا مع اقتتال دموي دائر منذ شهور، تلك التوترات التي تقف حائلا أمام بناء مؤسسات الدولة وهو ما جعل الشأن الليبي يتصدر الأجندة الدولية والإقليمية طيلة الأيام الماضية لاسيما بعد نجاح الجهود المصرية في إنهاء الحرب الإسرائيلية علي غزة لتتحول أنظار العالم إلي ليبيا. فبعد انتخاب برلمان جديد في شهر يونيو الماضي ظهرت بوادر أمل أن تنهض ليبيا من جديد عقب الإطاحة بمعمر القذافي، ومع اختيار عبدالله الثني رئيسا للوزراء للمرة الثانية زاد التفاؤل، إلا أنه تلاشي بعدما أعلن المؤتمر الوطني العام الذي انتهي بمجرد انتخاب البرلمان الجديد أنه قرر استئناف عقد جلساته وقام بتعيين عمر الحاسي، رئيسًا لحكومة إنقاذ وطني، لتصبح ليبيا برأسين كلاهما يتناطحان السلطة ويتطاحنان في القتال. ووقعت ليبيا أسيرة بين جناحين للسلطة لكل منهما مؤسساته الأول يتصف بأنه ليبرالي ويتمتع بالشرعية والاعتراف الدولي ويضم برلمان طبرق ومعه حكومة الثني ورئيس أركان الجيش اللواء عبد الرزاق الناظوري، والثاني إسلامي انتهت ولايته مع الانتخابات ويضم المؤتمر الوطني ومعه رئيس الحكومة الحاسي ورئيس أركان الجيش جاد الله العبيدي. لذلك يمكن الربط بين الصراع العسكري والسياسي في ليبيا من خلال معسكرين رئيسيين، الأول المؤتمر الوطني العام ودعمه لعملية «فجر ليبيا» وقوات «مجلس الثوار في بنغازي»، والثاني يقوده اللواء المتقاعد خليفة حفتر قائد «عملية الكرامة». الأحداث المتتالية في ليبيا وضعتها بين فكي رحي تشكيلات عسكرية تدعمها ميلشيات مسلحة وانقسامات سياسية تضرب المؤسسات التشريعية والتنفيذية ليصل الصراع مداه ولم يعد أمام الليبيين إلا الحوار إنقاذا لبلادهم من الغرق في بحر الرمال المتحركة التي تعيد تركيب الشرق الأوسط من باب التدخل الدولي الذي لا يحل علي بلد إلا وجلب لها الدمار وزاد هوة الانقسام.