غياب التراحم فيما بيننا وتفشي العنف وقسوة القلب من الامور المعوقة اذا اراد اي انسان ان يقوم بأي اصلاح في المجتمع فإن لم يضع في اعتباره الجانب الاخلاقي فلن يستقيم الامر.. وما نعاني منه الآن نتيجة حتمية لآفة كبري هي اختفاء السلوك السوي ولذلك اسباب يغفلها البعض جهلا او تجاهلا منها: الغفلة عن ذكر لله وتدبر آياته والبعد عن هدي الرسول صلي لله عليه وسلم، قال أبوالسعود في قوله تعالي: « لو انزلنا هذا القرآن علي جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية لله وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون» اريد بهذا القول توبيخ الانسان علي قسوة قلبه وعدم خشوعه عند تلاوة القرآن وقلة تدبره.. وايضا كثرة المعاصي قال المحاسبي: «اعلم ان الذنوب تورث الغفلة والغفلة تورث القسوة والقسوة تورث البعد عن لله والبعد عن لله يورث النار وانما يتفكر في هذا الاحياء واما الاموات فقد اماتوا انفسهم بحب الدنيا».. وايضا التفريط في الفرائض وانتهاك المحرمات قال تعالي: «فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية»، والانشغال بالدنيا والانهماك في طلبها والمنافسة عليها ما يساعد في قسوة القلب، قال الفضيل: «ثلاث خصال تقسي القلب: كثرة الاكل وكثرة النوم وكثرة الكلام»، واضاف البعض مخالطة الناس في غير مصلحة والكسل والتعصب للرأي وكثرة الجدال وظلم الضعفاء واكل المال الحرام وعدم التورع عن الشبهات وكبر النفس واحتقار الاخرين. ولنتذكر ان الرسول صلي لله عليه وسلم سأل عن جاره بعد ان افتقد القاذورات التي كان يضعها امام منزله دون انقطاع ولما علم بمرضه زاره بخلق الاحسان الي الخلق ولو اساءوا اليك فكيف نتجاهل كل ذلك ونستسلم للشيطان مهللين لقتل هذا وحرق ذاك ومرحبين بكل تدمير ونحن جميعا ننتمي الي جنسية واحدة، كما لا ننسي صلاح الدين الايوبي عندما ادرك مرض ريتشارد قلب الاسد عدوه في حروبه الصليبية فأرسل اليه طبيبه واعطاه فرسين لعجز حصانه، ألم يخطر ببال صلاح الدين ان المرض ربما يقضي علي عدوه فلا يحتاج الي مواجهته في ارض المعركة ولكنه ادرك ان محاربة العدو في ارض المعركة لا تعني تجرد الفرد من انسانيته فكان تعامله مع عدوه في ساحة المعركة من خلال جيشه وسلاحه، اما تعامله خارج ذلك فكان في اطار انسان مقابل اخر واوجبت عليه انسانيته تجاهل حقارة الغدر ويبقي علي احترامه لذاته لان الخير لايولد من رحم الكراهية.