دائما ما أهرب من المشاكل والاحباطات والضغط النفسي و العصبي بقراءة كتاب او الاستماع الي أغنية .. ولكن يبدو أن طريقة هروبي هذه المرة جاءت خطأ . فقد هربت من برامج التوك شو ومشاهد العنف والدماء والاحتجاجات والمظاهرات وقنابل الغاز وأصوات صفارات سيارات الاسعاف الي كتاب جون بركنز " الاغتيال الاقتصادي للأمم " فوجدته يتضمن اعترافات قرصان اقتصاد عن الاسلوب الامريكي في جعل الدول تابعا لها باستخدام قروض التنمية وخاصة عن طريق البنك وصندوق النقد الدولي!.. وعندما ادرت مؤشر التليفزيون لاستمع الي اغنية وجدت "أم كلثوم" تشدو احدي روائع شاعر النيل حافظ ابراهيم " مصر تتحدث عن نفسها" ومع انسياب الآبيات التي تقول "وقف الخلق ينظرون جميعا كيف أبني قواعد المجد وحدي" .. "وبناة الأهرام في سالف الدهر كفوني الكلام عند التحدي" .. "أنا تاج العلاء في مفرق الشرق ودراته فرائض عقدي" .."إن مجدي في الأوليات عريق من له مثل أولياتي ومجدي" وجدتني أتساءل هل مازال جميع الخلق يقف لينظر لنا كيف نبني قواعد المجد وحدنا ؟ .. وهل مازالت مصر تاج العلا ء في مفرق الشرق ام محاولات "الاقزام " الذين يملكون "الغاز والمال" نجحت في احتلال موقعنا ..وقضت علي مجدنا العريق الذي ليس له مثيل ؟.. وهل حقا إن قدر الإله ممات مصر لن نري الشرق يرفع الرأس بعدها؟! وأزاح حزني علي ما أصابنا قولها "ما رماني رام وراح سليماً من قديم عناية الله جندي".. "كم بغت دولة عليّ وجارت ثم زالت وتلك عقبي التعدي".." إنني حرة كسرت قيودي رغم أنف العدا وقطعت قيدي ".. وقولها :"أتراني وقد طويت حياتي في ميراث لم أبلغ اليوم رشدي".."أمن العدل أنهم يردون الماء صفوا وأن يكدر وردي" .."أمن الحق أنهم يطلقون الأسد منهم وأن تقيد أسدي". وتوقفت أنظر الي حالنا عند قولها "نظر الله لي فأرشد أبنائي فشدوا إلي العلا أي شد".."إنما الحق قوة من قوي الديان أمضي من كل أبيض وهندي" .. "قد وعدت العلا بكل أبي من رجالي فانجزوا اليوم وعدي" .. "وارفعوا دولتي علي العلم والأخلاق فالعلم وحده ليس يجدي " .. وقولها : "نحن نجتاز موقفاً تعثر الآراء فيه وعثرة الرأي تردي" .. "فقفوا فيه وقفة حزم وأرسوا جانبيه بعزمة المستعد". هذه هي الصورة التي رسمها شاعرنا حافظ ابراهيم لمصر عام 1921 وغنتها أم كلثوم عام 1969 .. وهي صورة مختلفة عن واقعنا الذي نعيشه الآن من تخبط وتفكك وتناحر ورفض الرأي الآخر .. فهل تستحق مصر منا ذلك؟