لم يعد خافيا علي أحد أن جبروت الباعة الجائلين قد تعاظم.. وأن تحديهم للسلطات والقوانين بلغ مداه.. وأن الفوضي، و»الهرجلة«، والزبالة اصبحت طابعا مميزا لاهم شوارع عاصمة مصر المحروسة.. وان سعادة محافظ القاهرة الموقر، والسادة رؤساء الأحياء الأفاضل يفضلون النوم في العسل، وإغماض عيونهم وسد آذانهم، وترك الحبل علي الغارب لحضرات الباعة الجائلين ليرتعوا، ويمرحوا، ويحتلوا الأرصفة والشوارع بعرباتهم الكارو وحميرهم.. وقد تعودنا علي ذلك وألفناه بعد أن استبد بنا اليأس، وزهقنا من الشكوي!! وفجأة.. تصدر أوامر حازمة صارمة من وزارة الداخلية الي شرطة النقل والمواصلات للقيام بحملة موسعة، بالتنسيق مع الأمن العام ومديرية أمن القاهرة، لتطهير منطقة محطة مترو حلوان، وإزالة عربات الكارو، وعشرات »الأكشاك« والعديد من »الفروشات« التي اقامها الباعة الجائلون داخل وخارج المحطة. المدهش أن هذه العملية البطولية تمت خلال ساعات معدودة، وسط هتافات أهالي حلوان الذين كانوا يحيون رجال الشرطة بهتافات التحية والتأييد وصرح اللواء وجيه صادق مساعد وزير الداخلية لشرطة النقل والمواصلات، أن الباعة الجائلين انتشروا علي مساحة 0061 متر مربع في ساحة المحطة، وتسببوا في تعطيل حركة المواصلات، وفوضي عارمة أضرت بالمواطنين، وأصحاب المحلات.. وكان لابد من القضاء علي هذه الظاهرة التي فرضت نفسها بالبلطجة.. وأكد ان الحملة سوف تستمر للقضاء علي جميع المخالفات واعادة الانضباط. طبعا أنا أحيِ المسئولين في وزارة الداخلية واتوجه اليهم بالشكر والتقدير ولكني اسألهم: هل هي وزارة داخلية حلوان فقط.. ام هي وزارة داخلية مصر كلها؟.. واذا كان في استطاعة الوزارة اعادة الانضباط لمحطة حلوان خلال ساعات، فلماذا لا يتكرر ذلك في شوارع وسط القاهرة.. وخاصة شارع 62 يوليو الذي تكاد الاشغالات تغلقه في وجه السيارات.. والمشاة ايضا؟!!