وتركيزاً علي الأمن كعلامة مميزة للمجتمع وسمة ملازمة للمؤمنين تري أن رسول الله صلي الله عليه وسلم ينظر إلي من يرجي منه الخير ولا يخاف أحد منه ولا يتأتي من جانبه شر هو خير الناس، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: »خيركم من يرجي خيره ويؤمن شره« رواه الترمذي. وقد وضح القرآن الكريم أروع صور الأمن والأمان التي هيأها الله سبحانه وتعالي للمؤمنين المخلصين في أعمالهم، وأنه سبحانه قد مكن للناس حرماً آمناً في مكةالمكرمة، ولكن فريقاً من المشركين المقيمين هناك تذرعوا بأسباب وأهمية وتعللوا بعلل لا أساس لها من الصحة واحتجوا لعدم اتباع الهدي والدخول في الاسلام بأنهم يخافون علي أنفسهم ولا يأمنون من أعدائهم ان اتبعوا رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يتخطفهم المشركون الذين يجاورونهم، فرد الله سبحانه وتعالي عليهم تلك العلة الواهية، ووضح لهم انه جعل لهم حرماً آمناً ورزقهم من كل شيء فكيف نسوا أنه حرم آمن لهم في وقتهم الحاضر؟ وكيف لا يكون أمناً لهم وسلاماً بعد أن يدخلوا في دين الله؟ فقال الله سبحانه: »وقالوا ان نتبع الهدي معك نتخطف من أرضنا أو لم نمكن لهم حرماً آمناً يجبي اليه ثمرات كل شيء رزقاً من لدُنا ولكن أكثرهم لا يعلمون« سورة القصص »75«. وهكذا نري في اتباع الاسلام، وتطبيق المنهج النبوي تحقيق الأمان، وأنه بالايمان والعمل الصالح واتباع الهدي وتعاون الأمة يكون الأمان »فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف« سورة قريش »3، 4«. فما أحوجنا إلي تطبيق أسس الأمن التي أشرنا إليها آنفاً وهي: 1 الايمان 2 العمل الصالح 3 العدل 4 محبة الناس بعضهم البعض. إننا حين نتاحب ونتآلف ونتعاطف ننبذ الفرقة والاختلاف ونعتصم بحبل الله جميعاً مصداقاً لقول الله تعالي: »واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا«. وحين نتحاب ونتآلف ونترك البغضاء والحقد نستطيع أن نصوغ مجتمع الأمان الذي يسعد الناس فيه ويعملون، وينتجون، ويضاعفون التنمية، ويسعدون جميعاً أفراداً وجماعات، ويحققون خيريتهم علي ظهر الأرض أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر وإيماناً بالله كما قال الله تعالي: »وكنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله«. وهكذا نصبح يداً واحدة، وعلي قلب رجل واحد وهكذا نري للأمن نتائجه وثمراته في إتاحة الفرصة للجميع أن يعمل وأن يسعي لسعادة وطنه وخير أمته، والنهوض قدماً للأمام وعندئذ نتوجه بالشكر لله الخالق المنعم الذي لولا نعمة الأمن التي وفقنا إليها ما استطعنا أن نفعل شيئاً.. »فيلعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف«. وعلي المجتمع أن يراقب ربه سبحانه وتعالي وأن يطرح الخلافات جانباً، وأن يسعي لدعم الوطن وتوحيد الصف، وتحقيق التنمية والعمل في مناخ يسوده السلام،وتشرق فيه المودة بين الناس، »وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون«.