أرجو المعذرة من القاريء الكريم، فلن نلتقي اليوم في »استراحة الجمعة« التي كنا نحاول فيها أن نلتقط الأنفاس ونستعيد بعض الهدوء بعيداً عن السياسة ومعاركها بقدر الإمكان. لكن قراءة التصريحات التي جاءت علي لسان المستشار الغرياني رئيس الجمعية التأسيسية للدستور، لا تترك مجالاً للهدوء ولا مساحة لالتقاط الأنفاس. الأخ الغرياني استقبل أمس الأول وفداً من أهلنا العمال والفلاحين ليقدموا مطالبهم التي تتمحور حول تحقيق العدالة الاجتماعية، وحماية العمال من الفصل التعسفي، وتتمسك ببقاء نسبة ال50٪ من مقاعد البرلمان للعمال والفلاحين. الأخ المستشار الغرياني فاجأ الجميع بهجوم كاسح علي ثورة يوليو، معتبراً أن مصر تعرضت لأكبر عملية نصب في تاريخها منذ 52 وحتي ثورة يناير. ثم أضاف سعادته مخاطباً العمال والفلاحين: »لا تخدعكم نسبة ال 50٪ التي منحتها ثورة يوليو للعمال والفلاحين، فقد استخدموها في التغطية علي عمليات النهب والسرقة التي كانوا يقومون بها في أعقاب الثورة باسم الدفاع عن حقوق العمال والفلاحين«. أعرف أنه حديث لا يستحق الرد، لولا المكان الذي يحتله الأخ الغرياني علي رأس لجنة الدستور، فعلي مدي ستين عاماً من عمر ثورة يوليو لم يتوقف مثل هذا الهجوم الذي يدين أصحابه ولا يدين الثورة. سمعناه من أبواب تحريضية كانت تتحدث باسم أعداء مصر، وسمعناه من قوي الثورة المضادة، وسمعناه من الخائفين من أن يمتلك الشعب مصيره. وفي كل الأحوال كانت الملايين في مصر تعرف الحق من الباطل، وتدوس بأقامها علي أحاديث الضلالة وحملات التحريض. من حق الأخ الغرياني أن يعتبر ما فعلته ثورة يوليو للعمال والفلاحين نصباً واحتيالاً، ولكن فليسأل رئيس الجمهورية: هل كان يمكن أن يكون كما هو لولا فدادين الإصلاح لأسرته ومجانية التعليم التي وفرتها ثورة يوليو؟. ومن حق الأخ الغرياني ألا يري شيئاً إيجابياً في كل القرارات التي اتخذتها يوليو لضمان حقوق العمال ورعايتهم، ولكن فليقل لنا ماذا أعدت لجنة خطف الدستور التي يرأسها من نصوص لتحقيق العدالة الاجتماعية، وإعطاء العمال والفلاحين ما لم يحصلوا عليه في ظل يوليو قبل الانقلاب عليها. لن يضير ثورة يوليو هجوم الأخ الغرياني ولا حملات التشويه التي لم تتوقف منذ ستين عاما، لكن الضرر يأتي حين يتأكد ملايين العمال والفلاحين أن ما تبقي من حقوقهم في خطر، وأن ما حققوه في ظل ثورة يوليو يتم القضاء عليه في جميعة خطف الدستور التي يتصور رئيهسا أنه في مهمة قومية لتصفية الحساب مع ثورة يوليو!!