المملكة العربية السعودية هي إحدي ركائز استقرار الوطن العربي وأظنها لا تتخلف عن هذا الواجب كل المصريين يعرفون سلسلة الصيدليات التي تملأ مصر كلها من شمالها الي جنوبها والتي تحمل اسم العزبي.. ولكن القليلين هم الذين يعرفون صالون د. أحمد العزبي الذي يجتمع في منزله مرة كل شهر ويضم مجموعة غير قليلة من الوزراء السابقين وأحيانا الحاليين ومن كثير من المفكرين واساتذة الجامعات من تخصصات مختلفة والفنانين التشكيليين وغير التشكيليين. والواقع ان هذا الصالون فرصة لكي تلتقي مجموعة من الاصدقاء لا يلتقون عادة إلا في هذه المناسبة. مثلا أنا لا ألتقي الصديق العزيز القديم اللواء محمد عبدالسلام »المحجوب« الذي كان وكيلا للمخابرات العامة وكان محافظا للاسكندرية وكان وزيرا للادارة المحلية وكان قبل هذا كله منذ كان محافظا للثغر صديقا عزيزا أرتاح اليه وآنس اليه ومع ذلك لا أراه إلا في هذا الصالون. وفي كل لقاء يقترح بعض الحاضرين أو يقترح الدكتور أحمد العزبي موضوعا للنقاش وفي العادة يدير النقاش الصديق القديم - والدائم أيضا بإذن الله- الاعلامي الكبير محمد الخولي الذي كان علما من أعلام قسم الترجمة العربية في هيئة الاممالمتحدة والذي عرفته عن طريق اصدقاء عزيزين كانوا ومازال بعضهم يعمل في المنظمة الدولية. ومحمد الخولي يدير الجلسات باقتدار ولكنه يحرص قبل ان يعطي الكلمة لأي أحد ان يغتنم الفرصة لكي يتحدث هو بضع دقائق وفي النهاية يكون محمد الخولي هو مدير الجلسة وهو أكثر المتحدثين فيها. يا محمد خللي بالك!! وينتهي الصالون بمائدة فاخرة تضم اشهي المأكولات وعادة وخاصة في شهور الشتاء يكون علي المائدة أجود وأندر وأشهي أنواع السمك والكابوريا والجمبري، ربنا يجعله عامر. عيبان وحيدان في هذا الصالون.. أما العيب الأول فهو تأخير تقديم العشاء الي ساعة متأخرة من الليل وأحيانا تكون في الساعات الأولي من صباح اليوم التالي. والعيب الثاني أن الصالون يقتصر علي الرجال فقط. ليه يا عم الدكتور أحمد. نحن في دولة المواطنة التي لا تفرق بين رجل وامرأة. ليتك تستجيب. العيد الوطني السعودي يوم الاحد الثالث والعشرون من ديسمبر كان الوصول الي فندق الفورسيزونز أمرا بالغ العسر، وكانت حشود السيارات متراصة لا تكاد تخطو خطوة إلا وتقف عدة دقائق وكان المفروض ان نصل الي احتفال العيد الوطني السعودي في الساعة الثامنة فلم نصل إلا قرابة التاسعة بسبب الزحام الشديد للمدعوين. ما اظن انني أعرف احدا من الشخصيات العامة أو من الدبلوماسيين أو الفنانين والادباء والكتاب والوزراء الحاليين والسابقين لم التق به في ذلك الاحتفال الحاشد.. والحقيقة ان المناسبة تستحق ذلك وأكثر منه. الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس الدولة كان رجلا غير عادي، كان فعلا من بناة الدولة. وقد اقارن بينه وبين محمد علي الكبير منشيء مصر الحديثة.. مع فارق أن الملك عبدالعزيز عربي أصيل ومحمد علي مصري وافد. ومما اذكره للملك الراحل المؤسس عبدالعزيز آل سعود رحمه الله ما قاله ذلك الرجل العظيم ببديهته الصادقة عندما جمع أولاده الكبار وقد أحس بقرب المنية قال لهم »إياكم مصر تطيح.. مصر إذا طاحت طاح العرب أجمعين« هذه حكمة بالغة وقد سمعتها من المغفور له جلالة الملك فيصل عندما كان في زيارة للقاهرة في منتصف السبعينيات من القرن الماضي في اعقاب حرب أكتوبر 3791 التي كان له فيها فضل كبير فيما تحقق من نصر وسمعتها من الامير طلال بن عبدالعزيز الذي كثيرا ما أسعد بلقائه في زياراته للقاهرة. لقد شهدت السفارة السعودية في ذلك اليوم حشدا ما اظن ان سفارة من السفارات العربية أو غير العربية شاهدت مثله.. والحقيقة ان سفير المملكة الصديق العزيز السفير/ أحمد القطان بعلاقاته الواسعة مع كل اطياف الشعب المصري من نخب سياسية وفكرية وفنانين ورجال حكم هو وحده القادر علي حشد مثل هذا الجمع الكبير.. حيا الله المملكة وحفظ جلالة الملك ووفق سفراءه في كل بلاد الدنيا وفي مصر علي وجه الخصول.. المملكة العربية السعودية هي إحدي ركائز استقرار الوطن العربي وأظنها لا تتخلف عن هذا الواجب. أوبرا عايدة كان الخديو اسماعيل يحلم بجعل مصر قطعة من اوروبا. وعند افتتاح قناة السويس دعا الامبراطورة أوجيني لحضور حفل الافتتاح الذي اخذ زخما عالميا.. وفي هذه المناسبة طلب من الفنان الكبير فيردي »أوبرا عايدة« التي يدور جوهرها حول الصراع بين الولاء الوطني عندما يتعارض ذلك الولاء مع عشق واحدة من الذين اعتدوا علي الوطن وغزوا ارضه. ولم تكن تلك المعشوقة شخصية عادية وإنما كانت بنت ملك الحبشة الذي قاد جيوشه لغزو مصر وكان نصيب قائد الجيوش المصرية التي دحرت الغزو ان يقع في شراك حب عايدة. علي هذا الصراع تدور قصة الاوبرا وقد سعدت بحضور هذا العرض الرائع وكان معي بعض الضيوف الذين سمعت منهم جميعا الاعجاب الشديد بالعرض إلا ان بعضهم أبدي ملاحظة حول مدي التوفيق في اختيار الشخصية التي مثلت عايدة وأنه كان يحسن أن تكون أكثر جمالا وجاذبية لكي تستحق هذا الحب الجارف العنيف ونسي هؤلاء انها- افتراضا- بنت ملك الحبشة وليست مثل غريمتها المصرية ابنة الفرعون. أما قائد الجيوش فكان يبدو شخصا قصير القامة ضعيف البنيان وكان الأجدر به أن يكون شخصا قوي البنيان يليق بقيادة جيش مصر الذي هزم الغزو الحبشي وأخذ قادته أسري. هذه ملاحظات عابرة لا تقلل مطلقا من روعة العرض وجمال إخراجه.