إبراهيم سعده حتي الآن.. لم تعلن النتيجة النهائية للانتخابات التشريعية في ليبيا، ورغم ذلك فإن التسريبات التي تتناقلها وكالات الأنباء العالمية تجمع علي "اكتساح" التيار الليبرالي المشكل من 60 حزباً بقيادة الدكتور محمود جبريل وتراجع حزب "العدالة والبناء" إخوان مسلمين إلي المرتبة الثانية علي عكس ما تم في تونس وتكرر في مصر. اختلاف الربيع الليبي لم يكن مقصوراً علي نتيجة الانتخاب، وإنما امتد للعملية الانتخابية لأول مرة خلال العقود الأربعة الماضية ذاتها. فقد اتسمت بالشفافية والاحترام المتبادل بين كل المنافسين عليها، سواء قبل، أو أثناء، أو بعد إعلان نتائجها الأولية. لم نسمع عن الاتهامات بين حزب وآخر. لم يتطاول مرشح علي منافس له. لم ترتفع أصوات الخاسرين تتهم اللجنة العليا للانتخابات بالتزوير، والعمالة للنظام البائد ، والتبعية والخيانة تنفيذاً لأجندة خارجية ضد الشعب الليبي. وسارع "الإخواني محمد صوان رئيس حزب "العدالة والتنمية" بإعلان ترحيبه بالعملية الانتخابية النزيهة كما يتقبلون بداهة بنتائجها الديمقراطية. والفائزون في الانتخابات التيار الليبرالي لم يختل أحدهم ب "الانتصار التاريخي" الذي حققوه، كما لم يتشف آخر في هزيمة الإسلاميين. العكس كان صحيحاً. فقد استبق الدكتور محمود جبريل النتيجة النهائية بإعلان عزم تآلف ال 60 حزبا علي التعاون والمشاركة مع جميع الأحزاب والقوي السياسية الرابحة والخاسرة معاً من أجل بناء الدولة الجديدة التي تحقق آمال الشعب الليبي. و لأن بعض الإعلاميين يبحثون عادة علي "الإثارة" في جذب القاريء والسامع والمشاهد بالخبر المثير بلا أدني اهتمام بصحته أو مصداقيته فلم يجدوا بغيتهم في الموقف الحضاري الديمقراطي الذي التزم به الفائزون والخاسرون في احترام خيار أغلبية الناخبين. فهذا الالتزام ليس فيه ما يثير الفضول لدي القراء والمشاهدين. والحل الوحيد في رأي هذه النوعية من الصحفيين والإعلاميين هو "التدخل" غير المهني في تصريحات رموز الخاسرين والفائزين معاً بما يحقق الإثارة التي لا يعنيهم غير تفجيرها! والأمثلة علي ذلك عديدة، أبرزها: أدلي محمد صوان، رئيس حزب "العدالة والتنمية" بتصريحات لوكالة الأنباء العالمية "رويترز" علق فيها علي مؤشرات نتيجة الانتخابات معلناً ترحيب حزبه وجماعته بها رغم تراجع شعبية حزبه. ورداً علي سؤال من مندوب "رويترز"عن تحليله لتقدم تحالف القوي الوطنية الليبرالي أجاب محمد صوان قائلاً: [هناك ثلاثة أنواع من المصوتين لصالح هذا التحالف. نوع مؤمن بمشروع جبريل ومقتنع بأدائه في المكتب التنفيذي وهؤلاء فئة معتبرة ولا يشكك أحد فيها ونوع آخر صوتوا لجبريل كرئيس محتمل. أما النوع الثالث فمن الموالين للقذافي في الداخل والخارج والذين يعتقدون أن وجود جبريل سيكون في صالحهم]. إجابة واضحة، واقعية، تحتمل المصداقية أكثر من التشهير والافتراء، لكن هواة الإثارة من خلال إحداث الوقيعة بين التيارين السياسيين البارزين الليبرالي والإخواني سارعوا بتدخلهم غير المهني فيما صرح به رئيس حزب الإخوان المسلمين بالحذف منه، والإضافة إليه، ليبدو أمام القاريء والمشاهد أن رئيس الحزب الإخواني "صوان" يحرض الشعب علي اكتساح الليبراليين بزعم أنهم جميعاً من أنصار العهد البائد والموالين للسفاح معمر القذافي(..). وكان يمكن للإخواني الليبي أن يتجاهل ما فعله مثيرو الزوابع الصحفية من تشويه ما قاله ل "رويترز"، تشويها لليبراليين وتعويضاً في الوقت نفسه للإخوان الليبيين عن هزيمتهم في استقطاب أصوات الناخبين كما يفعل عادة أساتذتهم وملهموهم من قيادات الإخوان في مصر لكنه فاجأنا بحرصه علي تصحيح ما نسب افتراء إليه، وبادر بإصدار البيان التالي الذي قرأته أمس علي موقع "ليبيا اليوم" نفي فيه ما تناقلته بعض وسائل الاعلام مجتزئا عن مقابلة "رويترز" معه في تحليله لتقدم تحالف القوي الوطنية في القوائم. واتهم الإخواني الليبي هؤلاء الإعلاميين بأنهم تجاهلوا الفقرتين الأوليين لفئات المصوّتين لليبراليين، وركزوا فقط علي الفئة الثالثة فلول القذافي ليبدو أنهم وحدهم الذين أعطوا أصواتهم لليبراليين! إنها شجاعة من الإخواني الليبي لا يحسده عليها بعض قيادات الإخوان المصريين.