جمال الغيطانى ثمة شيء. لم يعد خافيا أن أمرا يدبر في المنطقة، شيء واحد له سمات يمكن الآن رصد بعضها، خاصة مع اتخاذ الامور في مصر مسارا فيما تلي ثورة يناير يخالف مضمونها والأهداف التي خرجت من أجلها جموع المصريين الحقيقيين، الذين تصادف بدء تحركهم التلقائي مع دعوة بعض الشباب الذين اتقنوا استخدام الوسائط الحديثة من إنترنت وفيس بوك، اختفي البسطاء الذين يخرجون دائما من اجل حياة كريمة ويستشهد منهم البعض، ويجرح من يجرح، وبعد هدوء الحال يتكاثر هاموش يحاول أن يستمد من الاحداث قيمته، هل يمكن الآن اتخاذ وقفة للتقييم والتفكير بهدوء بعد مضي ما يزيد عن عام وتصدر المشهد وجوه كثيرة حولها علامات استفهام عديدة لم ينفها أحد، المفروض ان نفكر فيما جري وما يجري لكي نعرف ملامح المستقبل، اذا ما نظرنا إلي مسار الاحداث من تونس إلي السودان إلي اليمن إلي مصر إلي سوريا ومن قبل فلسطين والعراق، سنجد أن خيطا رئيسيا يربط حلقات الاحداث، أهم ملامحه، تدمير الدولة القائمة، ليس اسقاط انظمة وتبديلها، إنما اسقاط أعمدة الدول من مؤسسات وكيانات قديمة، تدمير البعض بواسطة القوة العسكرية العراق وليبيا وتدمير الأخري من خلال الاحداث التي مرت بها سواء عن تدبير مسبق أو تلقائية.. تونس، مصر، اليمن.. الملاحظ ان المؤسسات الرئيسية التي جري التركيز عليها الجيوش. اختفي الجيش العراقي، وتورط السوداني في حرب أهلية مدمرة، وتم الا جهاز علي المؤسسة العسكرية الليبية، لم يعد لها أي بقايا. ونتيجة للتركيبة الطائفية في سوريا يتهاوي الجيش السوري وللأسف تخسر القوة العربية بمحاولة الإ جهاز عليه، اما المؤسسة العسكرية الوحيدة التي ما تزال صامدة فتتمثل في الجيش المصري الذي تسدد السهام اليه من بعض بني وطنه وسط تهليل من اصيبوا بشطط في الفهم والتعبير، لقد أصبح احد شروطه اثبات الثورية الآن مهاجمة المجلس العسكري خاصة والجيش عامة ويجري وصف قادته بالقتلة، ليس من اسرائيل ولكن من بعض الذين يعتبرون أنفسهم واجهة الثورة ورموزها، اما المشترك الآخر فهو صعود التيارات الدينية بكل طوائفها والتي بدأت في الانتقال الي مرحلة جديدة، الهجوم المسلح من خلال احداث العباسية، بعد تدمير ليبيا وتقسيم السودان واليمن والاستيلاء تدريجيا علي الدولة في تونس ومصر، هذه التيارات ليس لديها عقيدة الوطن، وما يعنيها الإمارات أيا كان عددها، فالطائفية تبرز الآن كبديل للكيانات القائمة والتي كان يمكن ان تتغير بطرق أخري، هل حقا مازلنا في الربيع العربي ام اننا نتجه الي الصقيع البهيم؟