جلال عارف يستحق كل من كانوا وراء الحكم بحبس الفنان عادل إمام الشكر علي ما فعلوه!!.. لا نقول ذلك لأننا -لا سمح الله- نؤيد الاتجاه الخطير لقتل الإبداع ومحاصرة المبدعين ولا نقول ذلك تأييداً لهذه الخزعبلات القانونية التي يجيء بها الباحثون عن الشهرة أو الذين يستغلون ثغرات القانون لاقامة الدعاوي الباطلة، باسم مجتمع لم يوكلهم عنه وباسم دين كان وسيظل دعوة للعقل والحرية رغم ما يفعله البعض من أنصار التخلف ودعاة الاستبداد. الشكر له سبب وحيد.. هو أن مثل هذه الأحكام هي التي تفتح عيون الجميع علي الخطر الذي يتهددنا جميعاً في مناخ تتصاعد فيه الدعوة لمصادرة الحريات، ووضع القيود علي الإبداع، حتي وصل الأمر بالبعض إلي استدعاء العظيم نجيب محفوظ من قبره لمحاكمته علي ما اقترفت يداه من جرائم أدبية (!!) نقل بها الأدب العربي كله إلي العالمية، دون أن يستأذن صبي الميكانيكي الذي حاول اغتياله باسم الإسلام البريء من جرائم أهل التكفير وفتاواهم المضللة!! ليس هذا مجال مناقشة الحكم بحبسه عادل إمام، أو التعقيب عليه. ولكنه المجال الذي يستوجب السؤال: من الذي يقوم بازدراء الدين والإساءة للإسلام؟.. هل هو المبدع الذي يسعد الملايين، والذي يحارب في أعماله الفنية الإرهاب ويرفض المتاجرة بالدين، والذي يؤكد علي وحدة ابناء هذا الوطن.. أم الذين يحتالون علي القانون لمحاصرة الإبداع ومطاردة الفن، وتصوير الإسلام (وهو دين الحرية) علي أنه الدين الذي يصادر الرأي ويحارب المبدعين ويمنع الكشف عن حقيقة الإرهاب باعتباره العدو الأول للانسانية والخطر الأكبر علي رسالات السماء؟! الحكم بحبس عادل إمام حكم ابتدائي سيجري استئنافه. ولكنه سيبقي جرس إنذار بأن الإبداع في خطر، والثقافة والفنون أمام أكبر التحديات، وأننا أمام معركة حاسمة لابد أن يتوحد فيها المثقفون (بمختلف اتجاهاتهم) للدفاع عن حرية الرأي والتعبير، ومواجهة الهجمة الشرسة لخفافيش الظلام ورلا.. فعليهم أن يستعدوا للوقوف في طوابير المتهمين أمام محاكم التفتيش!! الحكم بحبس عادل إمام بداية.. أما النهاية فلابد أن تكون انتصاراً للحرية، وللثقافة التي تعلي العقل وتحترم الابداع، وللدين الحنيف الذي علمنا كيف نكون احراراً، وللوطن الذي علم الدنيا معني الحضارة وقيمة الفن والجمال.