أشار الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف في كلمته التي ألقاها في الاحتفال بليلة القدر إلي حقيقة هامة هي أن نزول القرآن الكريم في هذه الليلة المباركة يذكرنا بما جاء في الآيات الخمس الأولي من الوحي الإلهي التي تكرر فيها الأمر بالقراءة مرتين والتي اكدت علي العلم وعلي القلم الذي هو وسيلة تدوين العلم موضحاً ان هذه الآيات ركزت علي مفاتيح الحضارة المتمثلة في العلم وركزت ايضاً علي الامر بالقراءة بمعني قراءة الكتاب المسطور وهو القرآن الكريم وقراءة الكتاب المنظور وهو الكون كله بأرضه وسمائه وما بينهما. وقال د.زقزوق ان علي الانسان ان يبذل جهده في تحصيله بفتح الابواب المغلقة ليكتشف آيات الله في الكون وفي الانسان عن طريق البحث العلمي والتقدم التقني الي آخر الزمان، مؤكداً ان من شأن ذلك ان يجعله قادراً علي القيام بمهمة اعمار الارض، وهي المهمة التي كلف الله بها الانسان في قوله تعالي: »هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها« اي طلب منكم عمارتها وصنع الحضارة فيها، ومن ذلك يتضح لنا ان الانسان مكلف في هذا الكون بمهمة حضارية بجانبيها المادي والروحي علي السواء، فالمعني المادي والمعني الروحي مرتبطان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً كما يقول القرآن ايضاً: »سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق«. وظيفة العقل واكد وزير الاوقاف في كلمته ان العلم والتقدم العلمي لا يمنحهما الله لأحد من خلقه الا بعد اعمال العقل وممارسة الفكر وامعان النظر، فقد اخبرنا الله بأنه اذا كان قد سخر لنا نحن البشر كل ما في هذا الكون لخدمة الانسان فإن ذلك لن يكون متاحاً إلا لمن يستخدم قدراته العقلية وفي ذلك يقول القرآن الكريم »وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون«.واضاف.. ان ختام هذه الآية امر في غاية الأهمية، فالتفكير الذي هو وظيفة العقل الانساني هو سبيل الانسان الي اكتشاف المجهول وارتياد مسالك العلوم للوصول الي بناء الحضارة مادياً وروحياً وعندما ادرك المسلمون في السابق هذه المعاني استطاعوا في فترة زمنية قصيرة نسبياً ان يبنوا حضارة كانت من اطول الحضارات عمراً في التاريخ، وقدمت عطاءها للبشرية التي استفادت منه وبنت علي اساسه. وقال د.زقزوق ان الاحتفال بليلة القدر هو احتفال بكل المعاني العظيمة التي تحث المسلمين علي النهوض وتدعو الي التقدم وتحفز الي التنافس في السباق الحضاري والبعد عن التعصب المذموم والتشدد البغيض فالدين يسر لا عسر كما جاء في الحديث الشريف وكما يقول القرآن الكريم »يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر«. احترام الإنسان ودعا د.زقزوق الي التمسك في هذا الشهر الكريم بالقيم الدافعة لتقدم المجتمع وهي قيم نسيها الكثيرون وعلي رأسها العلم والعمل والتسامح والتراحم والتعاون واحترام الانسان من حيث هو انسان بصرف النظر عن انتماءاته في الدين او الجنس او اللغة، فالجميع خلق الله، ونحن كبشر لسنا مكلفين بالحكم علي الناس او علي ايمانهم، او تصنيفهم بين الكفر والايمان فلم يعط الله هذا الحق بعد الرسل لأحد من خلقه والله وحده هو الذي سوف يفصل بين الناس يوم القيامة، موضحاً ان الله اراد للبشر ان يتعارفوا ويتعايشوا ويتسامحوا ويتعاونوا من اجل اقامة مجتمع يسوده الامن والاستقرار وتلك دروس قيمة نتعلمها من الاحتفال بليلة القدر. التجديد المتواصل وأكد وزير الاوقاف ان هذه المعاني هي ما تحاول وزارة الاوقاف ترسيخه في اذهان دعاتها ليقوموا بدورهم في توعية المواطنين من اجل مواجهة التيارات المشبوهة التي تدعي السلفية علي الرغم من أنها لم تعرف من الاسلام الا قشوره من هنا تعمل الوزارة علي التجديد المتواصل للخطاب الديني حتي يكون مواكباً للزمان والمكان ومقتضيات العصر. وعرض وزير الاوقاف في كلمته الجهود التي تبذلها هيئة الاوقاف المصرية في استثمار اموال الاوقاف الخيرية في مختلف المشروعات التي تخدم المجتمع ومن الامثلة علي ذلك بناء مؤسسة نموذجية للأيتام علي مساحة سبعة آلاف متر مربع بمدينة السادس من اكتوبر، وقد انتهت الوزارة من بناء مركز للأورام بطاقة ثمانين سريراً بجوار مستشفي الدعاة بمصر الجديدة مجهز بأحد الاجهزة. كما انتهت هيئة الاوقاف ايضاً من استصلاح عشرين الف فدان في شرق العوينات وهي المساحة التي تكفلت الهيئة باستصلاحها والمساحة كلها مزروعة بمختلف المحاصيل. مائة ألف وحدة وفضلاً عن ذلك قال الوزير خططت الوزارة لبناء مائة الف وحدة سكنية للشباب من محدودي الدخل عن طريق الايجار الميسر ضمن المشروع الذي طرحه الرئيس مبارك للاسكان. وقد انتهت الهيئة بالفعل من بناء الآلاف من الوحدات السكنية التي تنتظر قيام السيد الرئيس بتسليم عقود الايجار للمستحقين وجار العمل في بناء عشرات الآلاف من الوحدات السكنية الاخري ومن المخطط ان ينتهي العمل في المشروع كله خلال اقل من عامين ان شاء الله. جامعة نور وقال وزير الاوقاف ان الوزارة قامت خارج مصر ببناء المرحلة الثانية من جامعة نور مبارك للثقافة الاسلامية بكازاخستان بأموال الاوقاف وبعض التبرعات والمبني الجديد للجامعة يعد صرحاً شامخاً يليق باسم مصر في الخارج ويقدم الثقافة الاسلامية الصحيحة للطلاب. المسابقة العالمية واضاف د.زقزوق قائلاً ان مصر بلد الازهر الشريف كانت سباقة دائما الي العناية بالقرآن الكريم، وقد قامت الوزارة بتنظيم المسابقة العالمية الثامنة عشرة للقرآن الكريم تحت رعاية الرئيس مبارك تقدم لها متسابقون من اكثر من ستين دولة واستخدمت فيها تقنية جديدة تطبق لأول مرة في العالم الاسلامي وتحقق الشفافية التامة حتي ان عددا من الدول الاسلامية استفادت من تطبيقها في بلادهم ويتشرف الفائزون بتسلم جوائزهم من السيد الرئيس. ولم تنس الوزارة الاطفال والشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة من اصحاب الاعاقة الذهنية حيث قامت بتنظيم مسابقة خاصة لهم وخصصت لهم جوائز مالية قيمة كما قامت الوزارة باختيار الفائز بجائزة مبارك للدراسات الاسلامية للعام الحالي وهي تمنح مناصفة بين اثنين من علماء الازهر الشريف هذا العام.