في احتفال مصر الإسلامي العالمي بليلة القدر يوجه الرئيس حسني مبارك خطابا مهما يؤكد فيه ان احتفال الأمة الإسلامية بليلة القدر هذا العام يأتي ومنطقتنا وقضايانا تحتاج إلي وقفة تأمل لنقارن بين ماضي المسلمين وحاضرهم وما يطرحه المستقبل من امال وتحديات وقال ان العالم الإسلامي يواجه هجمات شرسة تتستر وراء حرية الرأي والتعبير والصحافة لتشوه صورة الإسلام وتعاليمه وتتجاسر علي مقدساته وتغذي المشاعر المعادية للمسلمين وجالياتهم. وقال الرئيس انه من المؤسف ان ينتقل هذا التطاول علي الاسلام من الغرب إلي بلادنا، حيث يرتكب بعض أبنائنا اساءات ويتطاولون علي الاسلام عن جهل أو افتراء. وفيما يلي نص الخطاب .. - فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر.. - العلماء الأجلاء.. - ضيوف مصر الأعزاء.. - الإخوة والأخوات.. نلتقي معا في رحاب شهر كريم وليلة مباركة، اصطفي الله من الشهور شهر رمضان.. فيه نصر المسلمين في »بدر«.. وفيه أيدنا بنصره علي أرض سيناء. واصطفي سبحانه من ليالي رمضان.. ليلة القدر، فيها أنزل القرآن هدي للناس.. ليخرجهم من الظلمات الي النور.. وفيها يفرق كل أمر حكيم. يسعدني في هذه المناسبة العطرة.. أن أتوجه بالتهنئة الي شعب مصر.. وشعوب أمتنا العربية والاسلامية.. وجالياتها في مشارق الأرض ومغاربها. كما يسعدني أن أرحب بضيوف مصر من العالمين العربي والإسلامي.. وأن أتوجه بالتحية لرجال الأزهر الشريف.. الذين يحرصون دائما علي أن يأتي احتفالنا بهذه الليلة المباركة.. مستلهما لمسيرة ماض عريق.. وموصولا بحاضر الأمة الإسلامية ومستقبلها. - العلماء الأجلاء.. - الإخوة والأخوات.. تمر بنا ليلة القدر.. فنتمعن في قضايا الوطن.. وقضايا منطقتنا وامتنا، نتوقف أمام أحوال عالمنا الإسلامي.. فنواجه بمقارنة لا مفر منها.. بين ماضي المسلمين وحاضرهم.. وما يطرحه المستقبل من آمال وتحديات. تتوالي علي عالمنا الإسلامي هجمات شرسة تستتر وراء حرية الرأي والتعبير والصحافة.. تشوه صورة الاسلام وتعاليمه.. تتجاسر علي مقدساته.. وتغذي المشاعر المعادية للمسلمين وجالياتهم.. ومن المؤسف ان ينتقل هذا التطاول علي الإسلام من الغرب الي بلداننا.. بإساءات يرتكبها بعض من ابنائنا.. ما بين طالب شهرة وطالب مال.. يؤذون مشاعرنا.. ويتطاولون علي الإسلام عن جهل أو افتراء. يأتي احتفالنا اليوم.. وعالمنا العربي والإسلامي في مواجهة أوقات صعبة.. يبدو فيه وكأنه بات مستهدفا.. في هويته وأوطانه واستقلال ارادته ومقدرات شعوبة.. ما بين ما يحدث في افغانستان وباكستان والعراق ولبنان والسودان والصومال.. ومخاطر جديدة تتصاعد نذرها بمنطقة الخليج.. تهدد الاستقرار.. وتضع الشرق الأوسط برمته في مهب الريح. ستبقي القضية الفلسطينية مفتاح الأمن الإقليمي بمنطقتنا.. والطريق لحل باقي أزماتها وقضاياها.. لم يعد من المقبول أو المعقول أن تراوح عملية السلام مكانها.. ما بين تقدم وانحسار.. وانفراج وانتكاس.. في وقت تستمر فيه معاناة الشعب الفلسطيني.. ما بين قهر الاحتلال.. وانقسام قادته وفصائله. لقد تواصلت جهود مصر لاحياء مفاوضات السلام.. ولإعادة توحيد الصف الفلسطيني، وكما أكدت منذ أيام قليلة في واشنطن.. فإننا عازمون علي مواصلة جهودنا.. وصولا لاتفاق سلام عادل ومشرف.. يحقق الأمن للجميع.. ينهي الاحتلال.. يضع الشرق الأوسط علي مسار جديد.. ويقيم الدولة الفلسطينية المستقلة.. وعاصمتها القدسالشرقية.. بمسجدها الأقصي وحرمه الشريف. إننا في مصر واعون تماما لواقع عالمنا العربي والإسلامي.. ولما يطرحه من تحديات ومخاطر.. إلا أن إيماننا لا يتزعزع في قدرتنا علي مواجهتها والتعامل معها.. دفاعا عن قضايا وطننا وأمٹنا.. واثقين في الله وتأييده ورعايته.. فلقد كان سبحانه معنا والي جانبنا.. في أوقات الحرب والسلام. الإخوة والأخوات.. ستظل مصر الأزهر حصنا حصينا للإسلام.. ورمزا لاعتداله ووسطيته وسماحته. تمضي في طريقها نحو المستقبل.. حافظة لوحدة ابنائها من المسلمين والأقباط.. موقنة بأن الدين لله والوطن للجميع.. واعية لمخاطر خلط الدين بالسياسة.. راعية لمباديء المواطنة.. وما ترسيه لكافة ابنائها من حقوق وواجبات.. يمضي شعبنا في صنع حاضره ومستقبله.. بثقة وعزم ويقين.. نعلم ان قوتنا في وحدتنا وتماسك مجتمعنا.. ونعي أن تحقيق طموحاتنا رهن بالتفافنا حول ما يجمعنا.. لا ما يفرقنا. نواصل الإصلاح علي جميع محاوره.. من أجل دولة مدنية حديثة ومجتمع ناهض متطور، نتصدي لقوي الإرهاب والتطرف.. ونصون مصالح الوطن أينما كانت. حققنا معا إنجازات عديدة.. اتسعت معها البنية الاساسية الجاذبة للاستثمار.. وضعت اقتصادنا علي الطريق الصحيح.. أتاحت لنا مواجهة أزمات عالمية حادة بمواردنا الذاتية.. ومكنتنا من الوفاء باحتياجات شعب تضاعف عدد سكانه.. أو يكاد.. خلال السنوات الثلاثين الماضية. صحيح أننا لا نزال في مواجهة العديد من الصعاب والمشكلات والتحديات.. لكنها صعاب ومشكلات وتحديات مجتمع تتسع طموحات أبنائه وتطلعاتهم.. عاما بعد عام. مجتمع يتغير.. شهد - ولا يزال- تحولات عديدة.. وتسابق زيادته السكانية آماله وطموحاته وموارده. تلقي ضعوط هذه الزيادة السكانية بانعكاساتها علي جميع نواحي الحياة.. في المساكن والمواصلات وخدمات الصحة والتعليم والأسعار.. وغيرها.. كما تلتهم أولا بأول ثمار ما نحققه من معدلات النمو والتنمية. ان ما نواجهه من حين لآخر.. من اختناقات في بعض السلع الغذائية.. ما هو الا بعض تداعيات هذا الاختلال بين السكان والموارد.. ونحن -كغيرنا من الشعوب النامية- نوجه نسبة كبيرة من دخولنا للإتفاق علي الطعام.. وعلينا أن نتذكر معاناة مواطنينا في طوابير الجمعيات الاستهلاكية خلال سنوات الثمانينات.. حين كان تعدادنا لا يتجاوز »34« مليون مصري ومصرية.. كما ان علينا ان نتساءل عما سيكون عليه الحال.. عندما يتجاوز تعدادنا المائة مليون نسمة.. في غضون يضع سنوات. - الإخوة المواطنون.. لقد دعا الإسلام للتفكر والتدبر وإعمال العقل.. ونحن مقبلون علي المزيد من العمل الشاق.. نستعيد به معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة.. ونستكمل خلاله توسيع قاعدة العدل الاجتماعي، تظل أولويتنا محاصرة البطالة وإتاحة المزيد من فرص العمل.. ونضع نصب اعيننا مساندة الفقراء والبسطاء والمهمشين. لقد كان لنا في رسول الله الأسوة الحسنة.. نستلهم من سيرته العطرة ما يعيننا في حركتنا نحو المستقبل.. نعلي قيم الاجتهاد والإخلاص في العمل.. ويقدم كل منا عطاءه من أجل الوطن. أدعو الله في خشوع هذه الليلة المباركة.. ان يحفظ مصر بلدا آمنا.. وان يوفقنا ويسدد خطانا.. إنه نعم المولي ونعم النصير. كل عام وإنتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،