"السلام الجاف" نصيحة أطلقها خبراء الصحة لتغيير السلوكيات كالقبلات والأحضان التي تنشر الأمراض بدلاً من الود والمحبة.. وفي المكسيك نصحت وزارة الصحة مواطنيها بتجنب المصافحة وتبادل القبلات والتحية بضرب المرافق بدلا من مد اليد.. وفي مصر دعا د. حاتم الجبلي وزير الصحة المواطنين إلي التوقف عن ارتياد الأماكن المزدحمة كالسينما والتجمعات وغسل الأيدي باستمرار. في سطور هذا التحقيق نتناول النصائح الاجتماعية الصحية التي أطلقها المتخصصون وفي مقدمتها السلام من بعيد والامتناع عن مرض التقبيل مؤكدين ان التوعية بالسلوكيات الخاطئة هي أولي خطوات اجتياز فترات الخوف من تفشي الأوبئة وآخرها انفلونزا الخنازير. حملة للقبلات التحذيرات بتجنب المصافحة وتبادل القبلات ليست جديدة وانما ترتبط بانتشار الأوبئة والأمراض.. انطلقت علي استحياء مع بدء مرض السارس وعادت بقوة مع انفلونزا الطيور وانتشرت بشكل أوسع مع انفلونزا الخنازير. وفي مصر.. نشطت حملة واكبت بدايات انفلونزا الطيور في أكتوبر 2005 تدعو لتغيير السلوك ومنع القبلات قادها د. عادل عاشور أستاذ طب الأطفال والأمراض الوراثية ورئيس وحدة الطواريء بالمركز القومي للبحوث.. لم تحظ الحملة بالاهتمام الكافي ولم تلاق الجدية اللازمة حتي جاءت التحذيرات الأخيرة وتجددت المخاوف مع نشاط أنفلونزا الخنازير. يقول د. عادل عاشور ان سبب حملته هو اكتشاف ان النفس والرذاذ هي أهم أسباب انتشار الأمراض والأوبئة وبالذات في بلد مزدحم مثل مصر خصوصاً وان المراحل اللاحقة من أنفلونزا الطيور والخنازير قد تنتقل من انسان إلي آخر لذلك بدأت حملة في المركز القومي للبحوث ثم انطلقت في مجالات أوسع للتخلص من عادة التقبيل المسئولة عن 15 مرضا.. وفقا لدكتور الأطفال والأمراض الوراثية. يعدد هذه الأمراض قائلاً: الانفلونزا البشرية وانفلونزا الطيور والخنازير والتهابات الحلق والشعب الهوائية والجيوب الأنفية والالتهاب الرئوي والحمي القرمزية والحصبة الألمانية والحصبة والنكاف "تضخم في الغدة النكافية" والجدري المائي والدرن والحمي الشوكية والسارس وبعض أنواع الكبد الوبائي "ب وسي" والهريبز والتيفيا والمونيليا والدمامل كل هذه الأمراض المرتبطة بالجهاز التنفسي والأمراض الجلدية ترتبط باللعاب والرذاذ والاحتكاك الجلدي وتنتقل كعدوي عبر التقبيل. مرض التقبيل ويكشف د. عاشور عن مرض قائم بذاته بدعوة العلماء مرض التقبيل الناتج عن فيروس إبشتاين بار وأعراضه تشبه السرطان مثل ارتفاع في درجة الحرارة والتهاب في الحلق وخمول وكسل وآلام شديدة في العظام وانهاك جسدي وتورم في الغدد الليمفاوية وهو مرض يصعب تشخصيه والعلاج يكون لأعراضه. ويشدد د. عاشور علي خطورة عادة التقبيل لأن الشخص الحامل للمرض يكون قادرا علي نشر العدوي قبل ظهور الأعراض عليه كما ان المرض ينتقل من السيدة الحامل الي جنينها مما يؤدي إلي تشوهات به أو الاجهاض محذرا من خطورة تقبيل الأطفال بالذات باعتبار ان جهازهم المناعي لم يكتمل بعد. ويري د. عادل عاشور ان التقبيل والسلام الحار لا يعكس محبة حقيقية وانا عادة اجتماعية يمكن الاستغناء عنها بالسلام الجاف خصوصا ان دولا كبري استوعبت خطورة هذه السلوكيات الي حد منعها وفرض غرامات مثل انجلترا واندونيسيا وماليزيا. التوعية لتحصين المواطن ومن جانبه يؤكد د. عبدالرحمن شاهين مستشار وزير الصحة والمتحدث الرسمي للوزارة علي أهمية التوعية لتحصين المواطن خصوصا ان هناك حالة من القلق قد انتابت الجميع بعد الاعلان عن تفشي وباء انفلونزا الخنازير مشيرا الي بعض الارشادات البسيطة التي تساعد علي تحصين المواطنين مؤيدا دعوة منع القبلات بعد ان ثبت انها وسيلة لنقل أمراض الجهاز التنفسي والدرن. ويشير د. شاهين إلي ان أعراض أنفلونزا الخنازير شبيهة بأمراض الأنفلونزا العادية سواء ارتفاع درجة الحرارة مصاحبة بالكحة. العطس. احتقان في الحلق. آلام بالمفاصل أو العضلات. صداع وقد تتطور إلي حدوث التهاب رئوي حاد والمطلوب من المصاب بهذه الأمراض عدم الاختلط بالآخرين وتغطية الفم والأنف أثناء السعال والعطس وغسل الأيدي باستمرار واستشارة الطبيب أما غير المصاب فعليه تجنب التجمعات. البعد عن الأحضان والقبلات وأماكن الزحام كالسينمات والمسارح والتواجد في أماكن جيدة التهوية. ويوضح المتحدث الإعلامي ان كثيرا من الأمراض مرتبطة بالسلوكيات الخاطئة فأنفلونزا الطيور ارتبطت بنمط سلوكي يفضل الدواجن الحية بدلا من المجمدة وهو ما حاولنا تغييره وكذلك يركز الأطباء والخبراء علي تغيير سلوكيات تزيد فرص حدوث الأمراض.. واستبدالها بسلوكيات صحية كغسيل الأيدي بالمياه الدافئة باستمرار. تغيير تدريجي ويتبني د. جمال الطحاوي أستاذ علم الاجتماع بالمنيا مبدأ الوقاية خير من العلاج فيما يتعلق بالسلوكيات والعادات المترسخة موضحا ان التحية بالمصافحة والتقبيل صارت عادة يومية حتي بين العاملين في نفس المكان وهو ما يفتقر إلي المنطق أو حتي العاطفة الحقيقية مطالبا بالاقلاع عن هذ العادات ولو بين طبقة المتعلمين كبداية لتغيير السلوكيات خاصة مع تفشي الوباء بالعالم. ويضيف د. الطحاوي أن بداية التغيير داخل الأسرة من خلال توعية الوالدين للأبناء بعدم التقبيل أو الجلوس في الأماكن المغلقة والتخلي عن المكيفات والحرص علي فتح الأبواب والنوافذ من أجل التهوية الجيدة في هذه الظروف. ويشير أستاذ علم الاجتماع إلي صعوبة تغيير السلوكيات ويميل إلي التغيير التدريجي باعتباره الأفضل والأطول عمرا بدلا من التغييرات الكلية المفاجئة. مراهنا علي عنصر الوقت ودوره في زيادة الوعي خصوصا ان سلوك التقبيل يمكن الاستغناء عنه بالمصافحة مع استثناء حالات الغياب الطويل. المهم ألا يتحول إلي عادة يومية دون مبرر رغم الخطورة الصحية الواضحة وينوه بأهمية دور رجال الدين الاسلامي والمسيحي ومنظمات المجتمع المدني في توعية المواطنين أولا وتهدئة مخاوفهم ثانياً وتدريبهم علي السلوكيات الصحية ثالثا مشيرا إلي استجابة واضحة وتغيير نحو الأفضل في السلوكيات يمكن ملاحظته علي الموظفين في المصالح الحكومية والجامعات.