الأخبار: 18/3/2009 فشل نتانياهو في مباحثاته مع حزب كاديما، ومع حزب العمل، لاقناعهما بشروطه بتشكيل حكومة ائتلاف إسرائيلية. واضطر رئيس حزب الليكود المكلف من الرئيس شيمون بيريز بتشكيل الحكومة، بالتحالف مع حزب اليمين المتطرف: "إسرائيل بيتنا" الذي يرأسه اليميني الأكثر تطرفاً: آفيجدور ليبرمان، وتقاسم وزارات الحكومة القادمة. المتشائمون من فرص تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وجدوا في تحالف نتانياهو/ليبرمان ما يدعم تشاؤمهم، وما يؤكد تأجيل التسوية الشاملة إلي أجل غير مسمي. ودليلهم علي ذلك تصريحات نتانياهو و ليبرمان منذ احترافهما السياسة، وقبل تولي الأول رئاسة حزب "الليكود"، وتأسيس الثاني لحزب "إسرائيل بيتنا" وحتي اليوم.. وكلها تعبر عن رفضهم للسلام مع الفلسطينيين، و معارضة قيام دولتين ، وضرورة التخلص من العرب الإسرائيليين الذين يشكلون »الطابور الخامس« داخل البلاد.. علي حد زعم كاره الفلسطينيين الأول: آفيجدور ليبرمان! أما المتفائلون حتي الآن بفرص التوصل إلي السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ، فهم يعتمدون علي المبادرة العربية للسلام، وعلي الأولوية التي اختص بها الرئيس الأمريكي الجديد "قضية السلام في الشرق الأوسط" في قائمة الاهتمامات الخارجية لإدارته. وعندما يقال للمتفائلين بإعادة النظر في تفاؤلهم بعد أن اكتسح صقور اليمين الأعمي، واليمين المتطرف، خصومهم ومنافسيهم ممن يطلق عليهم وصف: الحمائم.. يسارع المتفائلون بالرد: "لقد كان اليمين المتطرف يحكم إسرائيل عندما قرر الرئيس السادات القيام بزيارته إلي إسرائيل. وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، آنذاك، مناحم بيجين الذي كان داهية في تعصبه، وتطرفه إذا قورن بالصبيين: نتانياهو، وليبرمان ورغم ذلك تحققت اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وكان يمكن لباقي الأطراف العربية المعنية استرداد أراضيها وحقوقها هي أيضاً لولا اعتراضاتهم، وشعاراتهم، وتهديداتهم .. التي لا أول لها أو آخر! فلماذا نستبعد هكذا يتساءل المتفائلون أن ينجح الرئيس الفلسطيني محمود عباس في انتزاع حقوق شعبه، وقيام دولته، فوق الأرض التي كانت محتلة.. رغم تعنت نتانياهو، وبلطجة ليبرمان؟! عودة الأول لحكم إسرائيل.. ليس بالجديد. فلقد سبق أن عرفناه، وكشفناه، وعاديناه.. خلال الفترة التي رأس فيها الحكومة الإسرائيلية. أما الجديد كما أتصوّر فنجده في مشاركة الثاني، لأول مرة، في الحكم. خاصة أنه سيشغل شخصياً منصب وزير الخارجية ..كما سيحظي حزبه المتطرف "بيتينو" إسرائيل بيتنا بعدد من الوزارات المهمة. من الصعب التنبؤ بنتائج اختيار هذا الشخص بالذات لرئاسة الدبلوماسية الإسرائيلية فور تشكيل الوزارة الجديدة، وموافقة الكنيست عليها. فالرجل بني شهرته علي إعلان كراهيته للعرب، خاصة عرب إسرائيل الذين يتهمهم ليبرمان بأن استمرار وجودهم يشكل خطراً علي أمن واستقرار دولة إسرائيل، ولابد من إبعادهم عن حدودها، وانضمامهم إلي جذورهم الأصلية في غزة أو لبنان أو الأردن! والعنف الذي يستسهله في التعامل مع الإسرائيليين العرب، هو نفسه الذي لم يجد غيره في كل مرة يوزع فيها اتهاماته علي مصر والمصريين باعتبارهما مصدر خطر رئيسي علي إسرائيل وشعبها، وأن الحل هو نسف السد العالي المصري ليغرق شعبها في مياهه! وهذه البلطجة ليست بالغريبة علي "آفيجدور ليبرمان" الروسي الأصل، والذي أمضي شبابه في الشوارع ، يتشاجر ويتعارك مع "طوب الأرض" مستخدماً ضخامته وعضلاته التي ربّاها بدلاً من أن يربي عقله وقلبه. وعندما اضطر إلي البحث عن عمل، اختار "البلطجة" التي يجيدها ويعرف بها كأهم شهادة ضمن مسوغات تعيينه، ولشغل الوظيفة الوحيدة التي تصلح له ويصلح لها! وهي وظيفة "الغوريللا" الذي يقف أمام أبواب "البارات" و"علب الليل " ليحدد من يدخل ومن يمنع من الدخول! وإذا حدث أن افتعل "السكاري" و "المخدرون" مشاجرة داخل الملهي وقاموا بقلب الموائد علي الجالسين حولها، وقذفوا المصابيح بالأكواب والزجاجات ل "قلبها ضلمة«"، فإن "آفيجدور ليبرمان" الغوريللا يسارع بالتصدي للخارجين عن الوعي، وضربهم، وتكسير عظامهم، وحملهم للإلقاء بهم علي قارعة الطريق! هكذا أمضي آفيجدور ليبرمان أحلي سنوات عمره في روسيا، ممارساً خبرته في التصدي للعنف بالأعنف منه! وفي غفلة زمن .. فوجئنا به يتولي رئاسة دبلوماسية بلد يفترض فيه أن يحسب حساب كل كلمة قبل النطق بها، ويملك من الحصافة، واللباقة، ما يمكنه من تحييد خصومه ممن يلتقي بهم ويتحاور معهم! قلبي مع وزير خارجيتنا أحمد أبوالغيط ووزير خارجية الأردن، والرئيس الفلسطيني محمود عباس وأعوانه.. الذين سيضطرون بحكم مناصبهم إلي التعامل، والتفاوض، مع هذا الغوريللا!