مخترع الحقن الطبية المخصصة للاستخدام مرة واحدة النيوزلندي "كولين مردوخ" رحل عن عالمنا الاثنين 5 مايو 2008، دون أن يترك ثروة تستحق الذكر لأنه اختار ألا يقاضي الشركات التي انتهكت حقوق الملكية الفكرية وبراءة اختراعه وكان يشعر بالارتياح أن اختراعاته توضع في مكانها الصحيح وتساعد في إنقاذ حياة الملايين من البشر. ولم تكن "الحقن الطبية البلاستيكية" الاختراع الوحيد لمردوخ، إذ ذكرت صحيفة "تيمارو هيرالد" أنه سجل 36 براءة اختراع باسمه بينها بندقية إطلاق المخدر المستخدمة مع حيوانات الغابة العملاقة والإنذار الصامت للتعرض للسرقة. ولد مردوخ (1929- 2008) في كرايستشيرش بنيوزيلاندا، وأظهر موهبته وحبه في علم الكمياء في سن مبكرة. وعلى الرغم من معاناته خلال فترة دراسته بالمدرسة من إعاقة تعلم متعلقة بالقراءة والكتابة، إلا أنه أثبت اهتماما كبيرا في كل من المهارات التقنيه، والميكانيكية. وفي العاشرة من عمره، نجح مردوخ في اكتشاف البارود، حيث أدرك أن خلط أزوتات معينة مع حمض الكبريتيك سوف يؤدي إلى الاشتعال. قاد هذا الاكتشاف مردوخ- صغير السن- لصنع سلاح صغير باستخدام فتيل ومطرقة بها "اسبستوس" (مادة لا تحترق، وكانت تستخدم في الماضي في المباني، والملابس للحماية من الاحتراق)، وظل يقضي الكثير من أوقاته في صيد الأرانب البرية بسلاحه الذي صنعه في بيته. بعد ذلك، بدأ مردوخ في التغلب على مشكلة في التعلم المتعلقة بالقراءة والكتابة، وتوجه إلى جامعة "ويلنتون" ليدرس الصيدلة؛ وبالفعل درس خمس سنوات، وأصبح مثل والده صيدليا، ولم يكتف مردوخ بهذ فقط، بل أكمل دراسته أيضا ليصبح طبيبا بيطريا، حيث لم يكن فضوله العلمي لرفاهية الانسان فقط، ولكن كان لرفاهية الحيوان ايضا. حقنة لاستعمال المرة الواحدة باعتبار كونه صيدليا وطبيبا بيطريا في آن واحد، كان مردوخ مدركا لمخاطر إعادة استعمال الحقنة؛ فهناك خطر كبير من انتقال العدوى من مريض لآخر في كلتا الحالتين الإنسان والحيوان إلا إذا تم تعقيم هذه الحقن الزجاجية بصورة جيدة؛ ولتجنب تلك المخاطر، إلى جانب الحاجة الماسة للقاح أكثر فاعلية لمرضى الحيوانات، صمم مردوخ حقنة بلاستيكية لاستعمال المرة الواحدة كبديل لمماثلتها الزجاجية. قدم مردوخ تصميمه إلى مسئولي وزارة الصحة النيوزلندية؛ ولكنهم كانوا غير واثقين من نجاح وانتشار هذا التصميم، واعتقدوا أنه اختراع سابق لوقته أو مستقبلى، وربما لا يلقى قبولا من الأطباء أوالمرضى، ونظرا لانعدام المال اللازم لتمويل التصميم الجديد، تأجل المشروع لبضعة أعوام. أخيرا بعد ان مُنح مردوخ براءة اختراعه، باتت حقنته في الانتشار الواسع ليستعملها الملايين عبر العالم كل يوم. بندقية إطلاق المخدر وبينما كان هو وزملاؤه يقومون بدراسات على الماعز والبقر الوحشي في نيوزيلاندا، اعتقد مردوخ في فكرة أن الحيوانات أسهل بكثير في الصيد لإجراء الفحص عليها بإعطائها جرعة من مسكن بقذفها من بعيد، ثم إطلاقها من جديد. أصبح مردوخ خبيرا بإصلاح البنادق أثناء الحرب العالمية الثانية، بينما لم تكن البنادق العادية و بنادق الصيد تستوردها نيوزيلاندا آن ذاك؛ فمن خلال تلك الخبرة، استمر مردوخ لتطوير مجموعة من البنادق المختلفة، والتي كان لها أثر كبير في دراسة وعلاج الحيوانات في كل أنحاء العالم، وكانت شركته "باكسارمز ليميتيد" Paxarms Limited- التي ترمز للسلام والسلاح- مركزا لتطوير انظمة متنوعة لتطبيق المنتجات البيطرية على انواع مختلفة من الحيوانات. جوائزه كولين مردوخ كان له تاريخ علمي حافل على مدى حياته؛ فقد حصل على 3 ميداليات ذهبية، وواحدة برونزية في "المعرض العالمي للاختراعات" World Inventions Fair في بروكسل، كما كرمه ايضا "مجلس التصميمات النيوزلندي" New Zealand Design Council؛ وفي عام 2000، حصل مردوخ على "وسام الاستحقاق النيوزلندي". لم يكن مردوخ غنيا رغم انتشار اختراعاته عبر العالم؛ فاختار ألا يقاضى تلك الشركات التي انتهكت براءة اختراعه، وكان يشعر بالارتياح أن اختراعاته توضع في مكانها الصحيح. وفي "تيمارو"، عاش مردوخ حتى تعرض لمرض السرطان، ووافته المنية عن عمر ناهز 79 عاما بعد صراع طويل مع مرض السرطان.