تشهد ليتوانيا أعلى نسبة لحالات الانتحار في اوروبا ويدرك داريوس لينكفيتشيوس الحطاب الذي يعول زوجة وثلاثة اطفال السبب وراء ذلك. ويقول "يبدو الانتحار سبيلا للهروب من جميع المشاكل. ترحل ولا ينبغي عليك ان تفكر بهم.فكرت في الانتحار ولكن حين اكون ثملا.لم افكر فيه ابدا وانا واع." ونسبة الانتحار المرتفعة احدى القضايا الاجتماعية المؤلمة لدول البلطيق مثل ليتوانيا واستونيا ولاتفيا عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، وانضمت الدول الثلاث للاتحاد الاوروبي في 2004. وبعيدا عن النمو الاقتصادي القوي وتحويل العواصم المنهارة لمزارات سياحية تعاني قطاعات كبيرة من السكان من مصاعب جمة. ويصارع المتقاعدون عن العمل من اجل البقاء واغلب منشات الرعاية الصحية في حالة مزرية كما ان حالات الاصابة بالسل وهو مرض غالبا ما يرتبط بالفقر اعلى بكثير من المتوسط في دول الاتحاد الاوروبي. وهاجر مئات الالاف من مواطني لاتفيا وليتوانيا بحثا عن اجور اعلى وحياة افضل ولكن اخرين يبحثون عن مهرب نهائي. وبلغت نسبة حالات الانتحار في ليتوانيا 30 لكل مئة الف في 2006 والنسبة الاكبر بين الرجال. وفي لاتفيا المجاورة بلغت هذه النسبة 21.4 حسب البيانات الرسمية. وتنتشر حالات الانتحار بصفة خاصة في المجتمعات الريفية حيث ارتفعت نسبة البطالة اثر حل المزارع الجماعية التي ترجع للحقبة السوفيتية وتصل في منطقة فارينا حيث يعيش الحطاب لينكفيتشيوس الى 71.9 لكل مئة الف. ويقول خبراء ان السكان يفتقرون للتعليم والمهارات المهنية الضرورية او تقدم بهم السن بحيث لا يمكنهم التكيف مع الواقع الجديد ولم تبذل الحكومة جهدا يذكر لمساعدتهم. ومع اليأس يتحول كثيرون للمشروبات الكحولية مما يؤجج مشاعر اليأس بدوره. وفارينا منطقة خلابة بغابتها وبحيرتها ولكن الحياة هناك صعبة. يعيش لينكفيتشيوس واسرته في منزل كان مدرسة ابتدائية وهو في أمس الحاجة للترميم وحين تنخفض درجات الحرارة يتراكم الجليد على الجدران الداخلية. وتعيش الاسرة في غرفة واحدة كبيرة ومطبخ صغير به موقد وتقول ايرينا (29 عاما) زوجة لينكفيتشيوس انه يجني 800 ليتا (365 دولارا) شهريا من قطع الاخشاب. وحين يعجز عن العمل بسبب الخمر يحصل على معونة من الدولة قدرها 156 ليتا. وتقول الزوجة "يكاد رأسي ينفجر. أستيقظ في كل صباح وانا أفكر من اين آتي بالخبز ومن اين آتي بالبطاطا (البطاطس) وكيف اطعم اطفالي." وتختلف حياتهم تماما عما هي عليه في العاصمة فيلنيوس التي تزخر بمظاهر الاصلاحات التي شهدتها منطقة البلطيق عقب انتهاء الحقبة السوفيتية وهو نفس الحال في ريجا عاصمة لاتفيا وتالين عاصمة استونيا حيث شيدت مبان ادارية وفنادق وافتتحت حانات ومطاعم بينما تزدحم الشوارع بسيارات فارهة مثل بي.ام.دبليو ومرسيدس وبورش. واتسعت الهوة بين الفقراء والاغنياء نتيجة ارتفاع نسبة التضخم مما ادى لحملة في لاتفيا لاجراء استفتاء بشأن زيادة معاشات التقاعد. وقال ارتيس بابريكس وزير الخارجية الاسبق وأحد منظمي الحملة "حققنا كل هذا النمو الاقتصادي ولكن هناك قطاع من السكان لم يستفد." ويعيش معظم المتقاعدين في لاتفيا على 120 لاتس لاتفي (271.5 دولار) في الشهر في وقت يشهد ارتفاعا في الاسعار وبصفة خاصة المنتجات الغذائية الاساسية مثل اللبن والخبز. وبلغت نسبة التضخم 16.7 في المئة في فبراير شباط. وفي ليتوانيا يتراجع معدل الانتحار اذ كان المعدل 46.6 في المئة لكل مئة الف في عام 1996 ويتوقع خبراء ان يتحسن بالتدريح مع انتشار مزايا النمو الاقتصادي. وقال الفيداس نافيكاس رئيس الجمعية الليتوانية المعنية بدراسة حالات الانتحار "يقود تحسن الظروف الاجتماعية لحالات انتحار اقل. اليوم بعض من يعيشون في مثل هذا الفقر ليس لديهم اي اوهام بشأن الهروب منه. انها ازمة كبيرة." ويقول نافيكاس "اذا استمر هذا الاتجاه (التراجع) سنهبط الى المتوسط في الاتحاد الاوروبي بحلول عام 2015."غير أن لينكفيتشيوس غير مقتنع اذ يقول "لم تتحسن حياة المواطن العادي.. حين تشرب الخمر تميل لنسيان تلك المشاكل. (رويترز)