مع اقتراب موعد انتخابات البرلمان الايرانى الذى يهيمن عليه الان انصار الرئيس محمود أحمدى نجاد نجد رغبة واضحة فى التغيير حتى وان لم يتوقع أحد أن تحقق المعارضة الاصلاحية عودة قوية. فالهيئات المحافظة التابعة للدولة والتى رفضت السماح لأغلب الاصلاحيين لخوض انتخابات عام 2004 ،أظهرت تحديها من جديد فمنعت مئات الاصلاحيين من خوض الانتخابات المقررة يوم 14 مارس/ آذار 2008، والتى تعتبر بمثابة استفتاء على سياسات احمدى نجاد الاقتصادية والخارجية. ومع ذلك فان آمال الاصلاحيين كبيرة فى ان يحققوا مكاسب متواضعة بعد هزيمتهم عام 2004 ، ويقول الاصلاحيين أن الذين يساندون أحمدى نجاد سيعانون جزئيا بسبب التضخم الذى ارتفع الى مستوى قياسى بلغ 19 %. ومن المعروف ان السلطة فى ايران تقع فى قبضة الزعيم الروحى أية الله على خامنئى، لذلك فان النتائج لن تحدث أى تحول كبير فى السياسة الخارجية أو النووية، لكنها ستؤثر على المناظرات وقد تشير الى احتمالات اعادة انتخاب احمدى نجاد عام 2009. وقال سياسى اصلاحى ان المحافظين لن يهيمنوا على البرلمان بنسبة 100 % لان الناس مستاءون وغير راضين عن سياساتهم. وأضاف ان الناس لا تريد ان يستمر هذا الوضع، وانهم سيصوتون لصالح التغيير، لكنه غير واثق من أن ربيع طهران سيعود، مشير الى العهد الذى أعقب انتخاب الرئيس السابق محمد خاتمى عام 1997 ، والذى أدى الى تخفيف القيود على الحريات الاجتماعية وتوسيع قاعدة المناقشات العامة. ويقول المحللون ان محرك التغيير هو فشل احمدى نجاد فى تحقيق ما تعهد به بشأن توزيع ثروة النفط بشكل أكثر عدالة. وقد يكون الرئيس انفق الايرادات الاستثنائية من ارتفاع أسعار النفط بسخاء، لكن البطالة مازالت مرتفعة عند مستوى نحو10 % والتضخم بلغ 19 % مما اضر بالفقراء بدرجة أكبر وهم من سعى الرئيس لكسب ودهم فى انتخابات الرئاسة عام 2005. ويتمتع احمدى نجاد بالتأييد فى الاقاليم النائية التى شهدت تغييرا ملموسا نتيجة لسخائه، بينما فى المدن فان الاستياء من ارتفاع الايجارات وأسعار الغذاء يتصاعد. ويقول المحلل سعيد ليلاظ "المجتمع فى ايران حساس جدا للتضخم، مع كل نقطة مئوية يزيدها التضخم يقع مئات الالوف تحت خط الفقر." واضاف "جوهر الهيكل البرلمانى المقبل هو ان يهيمن عليه المحافظون الاكثر عملية، وتوقع فوزا بنسبة 30 % من الاصوات للاصلاحيين بالمقارنة مع 20 % حاليا و70 % للمحافظين. واوضح ليلاظ ان المتشددين من الجانبين سيخرجون من البرلمان، وسيكون هناك اقليات محدودة من معسكرات مختلفة، وجميعهم يدين بالولاء للزعيم الروحى." من جهته قال مساعد الرئيس على أكبر جوانفكر "الحكومة ستتخذ قرارات جديدة واعتقد ان هذا الاتجاه (للتضخم) سيتم احتواءه"، واضاف انه يتوقع تغييرا فى تشكيل البرلمان ولكن ليس تحولا لهيمنة الاصلاحيين. وخسر الاصلاحيون الذين تعهدوا بتغييرات اجتماعية وسياسية الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية عام 2005 ، فيما يرجع جزئيا الى ادراك الناس لعدم قدرتهم على الوفاء بعهودهم، كما القيت عليهم كذلك المسؤولية فى أوجه قصور اقتصادى، ومن الناحية السياسية رتبت المعارضة صفوفها من أجل استعادة مقاعد فى المجلس الذى يضم 290 مقعدا. وأعاد الاصلاحيون التحالف مع انصار الرئيس السابق هاشمى رفسنجانى، وهو شخصية محورية فى السياسة الايرانية على مدى 30 عاما، وتمرس فى القدرة على تغيير المسار عندما يتطلب الوضع ذلك. وفي انتخابات عام 2004 دعا بعض الاصلاحيين الى مقاطعة الاقتراع، لكن مثل هذه الاصوات لم تعد تسمع الان ويقول رجل الدين مهدى كروبى - وهو رئيس حزب اصلاحى بارز- "انهم تعلموا عدم تسليم النصر للمنافسين، ويدعون لمشاركة كبيرة فى التصويت، وادت هزيمة أنصار أحمدى نجاد فى انتخابات المجالس المحلية عام 2006 الى تقوية معارض الرئيس. ورغم وجود أحزاب وقوائم انتخابية فان الخطوط الفاصلة بين الاحزاب عادة ما تكون غير واضحة ويكون الالتزام الحزبى محدودا، وليس هناك كذلك استطلاعات رأى يعتد بها مما يصعب التنبؤ بالنتيجة فى بلد يضم 70 مليون نسمة منهم 40 مليون ناخب. وبدأ العديد من المحافظين التقليديين ينتقدون سياسات أحمدى نجاد، وبخاصة خطبه المتكررة التى ينتقد فيها الغرب قائلين انه عزل ايران فى الوقت الذى كانت الدبلوماسية الحذرة ربما كانت السبيل الافضل لحل النزاع بشأن البرنامج النووى. ومع قلق الاصلاحيين من استبعاد اعداد كبيرة من مرشحيهم من السباق بسبب منعهم من قبل هيئات تنفيذية متشددة تديرها الحكومة، بالاضافة الى مجلس صيانة الدستور، فان الكثير سيعتمد على ما اذا كان خامنئى سيتدخل لاحداث توازن وهو دور يقول المحللون انه اتبعه بعناية. ويرى الاصلاحيون ومنهم كروبى انهم سيناشدون خامنئى اذا تطلب الامر، لكن المحللين يقولون انهم يعتقدون ان الزعيم الروحى يشعر بارتياح عام ازاء الرئيس رغم انتقاداته المعتدلة لفشل الحكومة فى احتواء التضخم. ويقول احد المحلليين انه فيما يتعلق بنظرة الزعيم الروحى لهذه الحكومة فانه يشعر بأمان كبير مع أحمدى نجاد، فهو لم يشعر بمثل هذا الامان منذ 18 عاما، مضيفا ان خاتمى ورفسنجانى تعاملا باعتبارهما من أهل الصفوة.