صدرت خلال الأسبوع الماضي بالتزامن إحصائيات المعهد الأميركي العالمي (وورلد كريستيان داتا باز) وإحصائيات مؤسسة العمران البشري التابعة لمنظمة الأممالمتحدة وإحصائيات الفاتيكان التي نشرتها صحيفته (لوبزرفاتوري رومانو) يوم الأحد 30 مارس وهي تنقل خبر تجاوز عدد المسلمين في العالم لعدد الكاثوليك لأول مرة في التاريخ الحديث. وذكرت هذه الإحصائيات بأن عدد المسلمين بلغ مليارا و322 مليون نسمة مقابل مليار و130 مليون كاثوليكي بحيث يصبح المسلمون يشكلون نسبة 2 .19 من سكان الدنيا مقابل 4 .17 من الكاثوليك. وتعقب صحيفة (لوفيجارو) الباريسية على هذه الحقائق الجديدة فتقول إن الإسلام أصبح هو الدين الأكبر والأوسع انتشارا والأسرع كثافة على الإطلاق في العالم. أما النشرة الداخلية السنوية للفاتيكان التي تصدر تحت عنوان (لانوير بونتيفيكال) فقالت يوم الأحد الماضي بأننا نحن الكاثوليك لم نعد في المقدمة وجاء المسلمون ليأخذوا منا الريادة. وأضاف كاتب التعليق البطريق (فيتوريو فورمنتي) يقول: تؤكد هذه المعطيات بأن الإسلام يتقدم في عالم يتكاثر فيه النسل وتنمو البشرية، في حين تقهقر عدد الكاثوليك ولم يتطور سوى بنسبة 5 .1% من عام 2005 إلى عام 2006، أي ان عدد الكاثوليك ظل يراوح مكانه بينما العالم الاسلامي تصدر النمو الطبيعي للإنسانية بنسق كبير ومتواصل. وأضاف البطريق بأن الأسرة المسلمة تنجب باستمرار وبأن الأسرة الكاثوليكية تخلفت وتقلص انجابها. ويعلق الصحافي الفرنسي (هرفيه يانوه) على هذا الحدث قائلا: منذ خمسة عشر عاما بدأ العد العكسي للمجتمعات الكاثوليكية التي كانت دائما هي الأكثر عددا في العالم ولهذا السبب يميل عدد من مفكري الكنيسة إلى الاعتقاد بأن الحوار الحضاري يجب أن يتواصل مع المسلمين لا فقط من أجل مصالح الأقليات المسيحية في البلدان المسلمة بل وأساسا لأن مصير المسيحية كلها رهين العلاقات السلمية والطيبة مع الإسلام. ويطمئن الصحافي قراء الصحيفة بقوله ان المسيحية تبقى الدين الأول إذا ما حسبنا البروتستان والأرثودوكس والأنجليكان والطوائف الأخرى ليشكلوا جميعا نسبة33% من سكان المعمورة. لكن هذا الزعم يبقى معوقا بالحقائق الدامغة لأن المسيحية منقسمة إلى كنائس مركزية شديدة الاختلاف وعنيفة العداء يترأس كل منها (بابا) قائم بذاته تتضارب تعاليمه مع تعاليم منافسيه بل وبلغ الأمر في التاريخ أن ارتكب الصليبيون الكاثوليك مجازر بحق المسيحيين الأرثوذكس حينما اقتحموا القسطنطينية غازين ناهبين قاتلين مغتصبين آلاف المسيحيين الشرقيين في أبريل عام 1204 حارقين الكنائس وذابحين القساوسة. كما جاء في شهادات عديدة أبرزها كتاب الأميرة ابنة امبراطور بيزنطة (ألكسيس) التي عاشت تلك الفاجعة. فالمسيحية في الواقع مسيحيات وما يزال البابا بندكت السادس عشر إلى اليوم يدعي تمثيل جميعهم بل ويعتبر الفاتيكان في سره لا في علنه بأن المسيحيات الأخرى هرطقات لا بد أن تعود إلى أصولها في حين ما يزال البابوات البروتستان والأرثوذكس والأنجليكان ومختلف الابتكارات اللاهوتية الأخرى يعتقدون بأن البابا في روما ما هو سوى مغتصب لحق الانفراد بالحقيقة والعصمة. ان الذي يتبادر إلى ذهن القارئ المسلم وهو يطالع مقالي هذا هو أن الاسلام كذلك محل فرقة وانقسام وموضع إدانة واتهام من قبل خصومه ومن قبل بعض المسلمين الانسلاخيين! نعم هو كذلك. ولكن الأمة اليوم تصحو من غفوة القرون وتنهض من كبوة الدهور بفعل القهر الذي يصيب منها القلب والضمير، وبفعل عودة الفكر الصليبي على جياد الصهيونية المتعصبة هذه المرة في تحالف شيطاني عارم يخطط من خلال إعادة الاستخراب والاستكبار إلى سالف ما كانا عليه في القرن التاسع عشر أي اقرار الاحتلال العسكري والإداري والثقافي والديني بشكل مباشر على الأمة الإسلامية. وكأنما حين نقرأ اعلان قمة حلف شمال الأطلسي في بوخارست بداية أبريل الجاري فنحن نستعيد الخطاب التاريخي الذي ألقاه البابا يوربان الثاني في كاتدرائية (كليرمون) الفرنسية عام 1095 حين جند أوروبا لأول حملة صليبية على ما سماه البابا (دار الكفر والبغي) أي العالم الاسلامي. فاليوم يطوف زعماء الولاياتالمتحدة الراهنون والقادمون على حد سواء وزعماء الاتحاد الأوروبي للتناصح والتضامن لزيادة عدد القوات المتحالفة في (الناتو) في كل من العراق وأفغانستان والتلويح بحروب استباقية محتملة على أقاليم من العالم الاسلامي تحت دعاوى باطلة وهواجس وهمية دون الرجوع بالنظر إلى شعوبهم كما تقتضيه الديمقراطية لديهم مما يبرأ الرأي العام في الغرب من كل عداء للإسلام والمسلمين، بل ان أغلبية السياسيين المعارضين والمفكرين الأحرار من ديار الغرب نددوا بقرع أجراس الكراهية تمهيدا لقرع أجراس العدوان. وقد أشيع في أدبيات العنصريين الغربيين أن النيل من رسول الله محمد والتشكيك في أركان الإسلام والتنصير الفج باللهجات الشعبية العربية هي من أسس حرية التعبير بينما أقيل السيد (برونو جيج) من منصبه كمساعد محافظ مدينة (سانت) الفرنسية لمجرد انتقاده بأدب سياسة إسرائيل وتعمد قتل الأطفال الفلسطينيين!