كاتبا وأديبا مصريا من رواد الرواية والكتابة المسرحية العربية ومن الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث ولد في مدينة الإسكندرية عام 1898 من والد مصري في قرية "الدلنجات" إحدى قرى مركز "ايتاي البارود" بمحافظة البحيرة نشأته اشتغل والد الحكيم بالسلك القضائي وكان يعد من أثرياء الفلاحين وكانت أمه سيدة متفاخرة لأنها من أصل تركي لذا كانت صارمة الطباع تعتز بعنصرها التركي أمام زوجها المصري وتشعر بكبرياء لا حد له أمام الفلاحين من أهله وذويه. قضى الطفل توفيق الحكيم مرحلته الابتدائية بمحافظة البحيرة ثم انتقل إلى القاهرة ليواصل دراسته الثانوية وكان لتوفيق عمانبالقاهرة يعمل أكبرهما معلماً بإحدى المدارس الابتدائية بينما الأصغر طالباً بكلية الهندسة وتقيم معهما أخت لهما. دراسته وفي أواخر دراسته الثانية من تعليمه الثانوي عرف الحكيم معنى الحب فكان له أكبر الأثر في حياته وقصة هذا الحب أنه أحب فتاة من سنه كانت ابنة أحد الجيران الذي اتصلت أسباب الصلة بين عائلتها وبين عمة توفيق ونتيجة لزيارة هذه الفتاة لمنزل عمته فقد تعلق الحكيم بها إلى درجة كبيرة إلا أنه للأسف فإن نهاية هذا الحب هو الفشل حيث أن هذه الفتاة ساءت علاقتها بعمة توفيق أولاً كما أنها أحبت شخصاً آخر غير توفيق .. وكانت لهذه الصدمة وقعها في نفس الحكيم الذي خرج بصورة غير طيبة عن المرأة من خلال هذه التجربة الفاشلة. وبعد حصوله على الباكالوريا التحق بكلية الحقوق نزولا عند رغبة والده الذي كان يود أن يراه قاضيا كبيرا أو محاميا شهيرا. فرنسا بلاد الجن والملائكة عزم الحكيم على السفر إلى فرنسا لدراسة الحقوق فأرسله والده إلى فرنسا ليبتعد عن المسرح والتمثيل ويتفرغ لدراسة القانون هناك وكان سفره إلى باريس عام 1925 وفي باريس تطلع الحكيم إلى آفاقٍ جديدة وحياةٍ أخرى تختلف عن حياة الشرق فنهل من المسرح بالقدر الذي يروي ظمأه وشوقه إليه. اهتم بالتأليف المسرحي فكتب محاولاته الأولى من المسرح مثل مسرحية "الضيف الثقيل" و"المرأة الجديدة" وغيرهما إلا أن أبويه كانا له بالمرصاد فلما رأياه يخالط الطبقة الفنية قررا إرساله إلى باريس لنيل شهادة الدكتوراه لانه وجد في باريس ما يشفي غليله من الناحية الفنية والجمالية فزار المتاحف وارتاد المسارح والسينما. السلك القضائى في سنة 1928 عاد توفيق الحكيم إلى مصر ليواجه حياة عملية مضنية فانضم إلى سلك القضاء ليعمل وكيلا للنائب العام في المحاكم المختلطة بالإسكندرية ثم في المحاكم الأهلية. وفي سنة 1934 انتقل الحكيم من السلك القضائي ليعمل مديرا للتحقيقات بوزارة المعارف ثم مديرا لمصلحة الارشاد الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية. استقال توفيق الحكيم من الوظيفة العمومية سنة 1934 ليعمل في جريدة "أخبار اليوم" التي نشر بها سلسلة من مسرحياته وظل يعمل في هذه الصحيفة حتى عاد من جديد إلى الوظيفة فعين مديرا لدا الكتب الوطنية سنة 1951 وعندما أنشئ المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب عين فيه عضوا متفرغا وفي سنة 1959 قصد باريس ليمثل بلاده بمنظمة اليونسكو لكن فترة إقامته هناك لم تدم طويلا إذ فضل العودة إلى القاهرة في أوائل سنة 1960 ليستأنف وظيفته السابقة بالمجلس الأغلى للفنون والآداب ولقد منحته الحكومة المصرية اكبر وسام وهو "قلادة الجمهورية" تقديرا لما بذله من جهد من أجل الرقي بالفن والأدب وغزارة إنتاجه كما منح جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1961. ومن مؤلفاته نذكر أهل الكهف – شهرزاد – براكسا – صلاة الملائكة – بيجماليون – اللص – الصفقة – السلطان الحائر – الطعام لكل فم – بنك القلق – راهب بين النساء. توفيق الحكيم .. عدو المرأة إعترف توفيق الحكيم بحقوق النساء السياسية عندما حاصره مجموعة من النساء ليجبروه على الإعتراف بحقوقهن السياسية وقدرتهن على العمل في الحياة العامة بل والدخول في مجلس الشيوخ "النواب حالياً". والجدير بالذكر أن توفيق الحكيم كان يشاع عنه كرهه للنساء للحد الذي وصف بعدو المرآة لكن هذا الأمر لم يكن حقيقياً على الإطلاق . هل كان توفيق الحكيم بخيلًا حقًا؟ تكاثرت الأقاويل عن كون الأديب الكبير توفيق الحكيم "بخيلًا" أو حريصًا على المال، بينما نفى المقربون عنه ذلك. عميد الأدب العربي طه حسين اشار إن الحكيم لم يكن بخيلًا وإنما كان يحب أن يقال عنه ذلك ليخلق جوًا من المرح حوله.. فيما أكد الموسيقار إسماعيل الحكيم، ابن الأديب الكبير أن والده لم يكن بخيلًا أبدًا، وإنما كان طيبًا وأن كل النوادر التي تُروى عن معاملة الحكيم "المادية" لابنه كان القصد منها تعليمه الأدب وصدق المعاملة. عصا " توفيق الحكيم " تنقض حال لاعبي كرة القدم " انتهى عصر القلم .. وبدأ عصر القدم .. لقد أخذ هذا اللاعب فى سنة واحدة ما لم يأخذه كل أدباء مصر من أيام إخناتون" هكذا أشار الأديب المصري " توفيق الحكيم " معلقا علي ما قرأه من أن لاعب كرة قدم لا يتجاوز ال 30 من عمره يتقاضي ملايين الجنيهات .. لقد اشتهر " الحكيم " بدمجه في أسلوب كتابته بين الرمزية و الواقعية علي نحو فريد يتميز بالخيال و العمق أو الغموض. الحكيم وأم كلثوم روى الحكيم واقعة طريفة حدثت بينه وبين أم كلثوم حين كانت نقيبًا للموسيقيين حين طلبت منه تبرعًا للنقابة فأعطاها محفظته الخاوية وعندها اكتشفت كوكب الشرق أن الحكيم يخبئ نقوده في علبة النظارة فباغتته بقولها.."ياخبر.. حاطط الفلوس في عينيك!". وبرر الحكيم ذلك بأنه لم يكن يخبئ النقود من باب البخل إنما كان يخشى من السرقة فقط. ابداعاته سمي تياره المسرحي بالمسرح الذهني لصعوبة تجسيدها في عمل مسرحي وكان الحكيم يدرك ذلك جيدا حيث قال في إحدى اللقاءات الصحفية .. "إني اليوم أقيم مسرحي داخل الذهن وأجعل الممثلين أفكارا تتحرك في المطلق من المعاني مرتدية أثواب الرموز لهذا اتسعت الهوة بيني وبين خشبة المسرح ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلى الناس غير المطبعة. الحكيم أول مؤلف استلهم في أعماله المسرحية موضوعات مستمدة من التراث المصري وقد استلهم هذا التراث عبر عصوره المختلفة سواء أكانت فرعونية أو رومانية أو قبطية أو إسلامية لكن بعض النقاد اتهموه بأن له ما وصفوه بميول فرعونية وخاصة بعد رواية عودة الروح أرسله والده إلى فرنسا ليبتعد عن المسرح ويتفرغ لدراسة القانون ولكنه وخلال إقامته في باريس لمدة 3 سنوات اطلع على فنون المسرح الذي كان شُغله الشاغل واكتشف الحكيم حقيقة أن الثقافة المسرحية الأوروبية بأكملها أسست على أصول المسرح اليوناني فقام بدراسة المسرح اليوناني القديم كما اطلع على الأساطير والملاحم اليونانية العظيمة. كانت مسرحيته المشهورة أهل الكهف في عام 1933 حدثا هاما في الدراما العربية فقد كانت تلك المسرحية بداية لنشوء تيار مسرحي عرف بالمسرح الذهني. بالرغم من الإنتاج الغزير للحكيم فإنه لم يكتب إلا عدداً قليلاً من المسرحيات التي يمكن تمثيلها على خشبة المسرح وكانت معظم مسرحياته من النوع الذي كُتب ليُقرأ فيكتشف القارئ من خلاله عالماً من الدلائل والرموز التي يمكن إسقاطها على الواقع في سهولة لتسهم في تقديم رؤية نقدية للحياة والمجتمع تتسم بقدر كبير من العمق والوعي. جوائز وشهادات تقدير قلادة الجمهورية عام 1957. جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1960، ووسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى. قلادة النيل عام 1975. الدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون عام 1975. كما أطلق اسمه على فرقة "مسرح الحكيم" في عام 1964 حتى عام 1972 وعلى مسرح محمد فريد اعتباراً من عام 1987. ترك لنا الحكيم الكثير من الآثار الأدبية المتنوعة في أساليب كتاباتها، كما ترك لنا ذلك الرصيد الهائل من المسرحيات التي تنوعت بين ذهنية واجتماعية وأخرى تميل إلى طابع اللامعقول. غربت شمس الادب العربى 26 يوليو من عام 1987 غربت شمس من شموس الأدب العربي الحديث ورمز من رموز النهضة الفكرية العربية شمس سيبقى بريقها حاضراً في العقلية العربية جيلاً وراء جيل من خلال ذلك الإرث الأدبي والمسرحي الذي أضافته للمكتبة العربية. رحل نائب الأرياف توفيق الحكيم عن عمر يزيد على الثمانين بعد حياة حافلة بالعطاء عمادها الفكر وفلسفتها العقل وقوامها الذهن.