تباينت ردود أفعال القوى السياسية والثورية على اصدار محكمة جنايات القاهرة قرارها بإخلاء سبيل الرئيس الأسبق مبارك في قضية "هدايا الأهرام" حيث أكد البعض أنه يجب احترام القضاء، أياً كانت قراراته، بينما أثار القرار غضب القوى الثورية التى شددت على رفضها الإفراج عن مبارك ابعد ما أشاعه فى البلاد من فساد، بالإضافة إلى جرائم قتل المتظاهرين فى عهده والتنكيل بالمعارضين واعتقالهم دون وجه حق. الدكتور عبد الله المغازي استاذ القانون الدستوري واللبرلماني السابق ان اخلاء سبيل الرئيس الاسبق المخلوع حسني مبارك ليس حكماً لمحكمة بل هو قرار؛ وهو من نوع القرارات المسببة التي لا يجوز الطعن عليها، ومعناه انه لا يزال على ذمة قضايا اخرى أما الإفراج النهائي فيكون إذا لم يكن مطلوبا على ذمة قضايا أخرى . وأضاف متحدثا إلى محررة أخبار مصر أنه في حالتنا هذه فان إخلاء سبيل مبارك جاء بسبب انتهاء مدة الحبس الاحتياطي قانونيا وأقصاها عامين ويجب أن يكون هناك أسباب لذلك وقد ذكرت المحكمة أسباب القرار التي تراها منطقية وهي المرض والسن وكلاهما، كما يؤكد المغازي، مبرراً منطقياً وقانونياً لإخلاء سبيل المتهم وبالتالي فمن حق المحكمة أن تخلي سبيله من غرفة المشورة ولا يجوز قانوناً للنيابة العامة أن تطعن على قرار المحكمة. وأضاف المغازي موضحاً أسباب وضع مبارك قيد الإقامة الجبرية وقال: "يجوز لنائب الحاكم العسكري أن يضع أشخاصا خطرين قيد الإقامة الجبرية مثل مبارك لأننا هنا في حالة طوارئ تبرر وضعه بالاقامة الجبرية ولكن تنتهي هذه الحالة بانتهاء حالة الطوارئ فيكون حراً في التنقل ولكنه ممنوع من السفر للخارج. وأوضح أن ما يحاسب عليه مبارك الآن يسمى محاكمات جنائية وهي بعيدة كل البعد عن المحاكمات السياسية وهو ما تفتقده مصر حالياً مما تسبب في حالة عبثية؛ فكيف يمكن ان تجد ادلة تسمح باتهام رئيس في سدة الحكم، وأكد المغازي أن مبدأ إقرار المحاكمات السياسية هو ما يحتاجه يحتاجه الشعب في الفترة المقبلة ويجب إقراره في الدستور ويجب تقنينه ولذا يجب إجراء تعديلات على القوانين فوراً حتى لا نفق نفس الموقف مرة أخرى. ويرى البرلماني السابق ان شباب الثورة هم الفصيل الوحيد الذي يشعر بالضيق من جراء إخلاء سبيل مبارك وقال: "ليس من حق الإخوان استثمار إخلاء سبيل مبارك أو المتاجرة به فهم السبب الرئيسي في هذا المشهد العبثي ومعهم المجلس العسكري حيث استعجلوا الحصول على استحقاقات سياسية أدت إلى تلك النتيجة". ويرى أيضاً ان الشارع المصري الآن لا يهتم إلا بالمستقبل، فرجل الشارع المصري اصبح في حالة لا يريد فيها إلا النظر للمستقبل وهذا واضح فان كان له تأثير لكان خرج الشارع المصري احتجاجاً هذا القرار كما حدث سابقاً؛ بالإضافة إلى ان الأحداث الأخيرة أثبتت للشعب ان هناك يد أخرى ساهمت في قتل الثوار. وأضاف المغازي ان رجل الشارع الذي كان يريد الثأر من مبارك بسبب ما أفسده في فترة حكمه وذلك من خلال رؤيته محبوساً لفترة عامين وهو اول رئيس في منطقة الشرق الأوسط يسجن ويحتكم ولم يهرب أو يحاول الهرب. وفى المقابل قال اللواء عبد الرافع السيد رئيس حزب فرسان مصر ان قرار المحكمة بإخلاء سبيل مبارك سيكون له اثر سلبي على الشارع، فما رآه وملمسه الناس يختلف تماماً عن الأوراق المقدمة قانوناً؛ فالأوراق لم تثبت إدانته لان النيابة لم تقم بدورها من تصوير ورفع الأدلة التي تدين هذا النظام الفاسد. وأضاف في حديثه ومحررة أخبار مصر أن محاكمة مبارك الهزلية تعطي مؤشراً خطيرا للمستقبل؛ فيتوقع ان يتم محاكمة مرسي بنفس الطريق لان كل الاتهامات الموجهة لنظام الإخوان المسلمين واحدة وهي التحريض ، وطالب رئيس حزب فرسان مصر بمحاكمات ثورية يعاد فيها محاكمة مبارك ويتم فيها محاكمة مرسي وأعوانهما. بينما أكد عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى،أن إخلاء سبيل مبارك متوقع وهذا ناتج عن الإجراءات التى تم اتخاذها فى القضية من عدم جمع أدلة جنائية حقيقية تدين المتهم، وما علينا سوى الالتزام بالقانون فى قضيتى القصور الرئاسية وهدايا الأهرام موضحا أنه من الوارد جدا أن تتم إعادة محاكمة مبارك قريبا ولابد أن يستجيب لها ويلتزم بقرار المحكمة كما نلتزم نحن بقرار المحكمة فى إخلاء سبيله بشكل مؤقت وهو ليس براءة. وأكد لمحررة اخبار مصر أن قانون العدالة الانتقالية هى الحل الوحيد لمحاكمة مبارك بما يسفر عن عقاب عادل لما قام به من فساد وجرائم، مضيفاً أن هذا ما طالبت به جميع القوى السياسية، ومختلف فئات المجتمع المصرى، منذ ثورة يناير، وأشار شكر، إلى ضرورة المسارعة فى إصدار قانون العدالة الاجتماعية، وتطبيقه على كل من أفسد وأجرم فى حق مصر، فى عهد كل من مبارك، والمجلس العسكرى، ومرسى، مضيفاً أن شخص مبارك لم يعد مهماً لأنه انتهى سياسياً، وجميع أركان حكمه لم يعد لهم حول ولا قوة. من جانبه أكد محمد أنور السادات "رئيس حزب الإصلاح والتنمية "أن إخلاء سبيل الرئيس الأسبق مبارك مسألة لا يجب أن تأخذ أكبر من حجمها الطبيعى خاصة بعد أن إرتضينا أن نعيش فى دولة العدالة وسيادة القانون والتى يتم فيها إحترام أحكام القضاء، وأشار السادات إلى أن حكم القضاء تجاه الرئيس الأسبق مبارك أو الحكم المنتظر بالنسبة للرئيس السابق مرسى سنحترمه أيا كان واثقين فى قضاءنا الحر المستقل، مؤكدا أن قرار وضع مبارك تحت الإقامة الجبرية هو نوع من الموائمة السياسية، وغلق الباب أمام التيارات الإسلامية التى تريد أن تتاجر بقضية إخلاء مبارك لتشيع للخارج بأن ثورة 30 يوليو قامت لإعادة إنتاج مبارك ورجاله من جديد . فيما قال المتحدث الرسمى للتيار الشعبى ،حسام مؤنس أن اخلاء سبيل مبارك والاتجاه للافراج عنه جريمة بحق الوطن والثورة واهانة لدماء الشهداء واكد أن قوى الثورة وشبابها لن تقف ساكنة أمام تلك الخطوة مهما كان وطالب ببدء حوار حول تشريع عدالة انتقالية يصدر بأسرع وقت ضد كل من أجرموا منذ 25 يناير . وقال ياسر عبد المنعم عضو الهيئة العليا لحزب الوطن السلفى أن خروج مبارك من محبسه سيعيد نظامه إلى الميادين مرة أخرى، وأكد على ضرورة وجود محاكمة شعبية، بالإضافة إلى ضرورة الإسراع فى إصدار قانون العدالة الانتقالية لمحاكمة كل من أفسد وأجرم فى حق مصر، فى عهد مبارك، وأضاف أن إخلاء سبيل مبارك كارثة بمعنى الكلمة وهو الذى لم تقبله شباب الثورة وسيمثل شق للوحدة الوطنية واستعادة للنظام القديم، فهو رجل مجرم وتسبب فى قتل المصريين بثورة 25 يناير وبسببه وقعت العديد من جرائم تعذيب فى عهده آخرها قضية خالد سعيد. ومن جانبه قال المهندس ياسر قورة عضو الهئة العليا لحزب الحركة الوطنية في تصريحات خاصة لأخبار مصر ان إخلاء سبيل مبارك هو إجراء قانوني حيث انه استنفذ مدة الحبس الاحتياطي ووضعه تحت الإقامة الجبرية يعني خروجه من محبسه ولكن يلزم مسكنه أو مشفاه في حالته دون الاتصال بأحد أو الخروج أو الزيارة و منعه من السفرواضاف أن الإفراج يعني مزاولته لحياته الطبيعية وان تتم إعادة محاكمته دون حبسه ويزاول حياته الطبيعية ولكن يرى قورة ان خروج مبارك سيثير حالة من الاستياء والقلق في الشارع و قد تحدث بعض التظاهرات التي يستغلها الإخوان وهذا فيه تهديد لأمن المواطنين ويمثل عبئا علي الأمن في الوقت الحالي نظرا لما يتحمله الأمن من مواجهات مع إرهاب أجرام الإخوان؛ هذا بالإضافة الي وجود خطورة علي حياة مبارك نفسه وهذا سيضع حملا إضافيا علي الداخلية لحماية مبارك في حالة حرية التحرك. بينما أكدت حركة تمرد، فى بيان رسمى لها أن مرسى وأعوانه كانوا يخشون حصول مبارك على أحكام قضائية فى قضايا قتل الثوار أو الفساد السياسى، لمعرفتهم بإمكانية تكرار الأمر معهم، مشددة على أنها تحترم الأحكام القضائية أمر مفروغ منه، ولكن فى ظل ما حدث من تواطؤ كامل من نظام مرسى ونائبه الخاص، فإن من حق الشعب المصرى أن يطالب بإعادة المحاكمات لمبارك ورجال نظامه بأدلة جديدة، بالإضافة إلى محاكمة مرسى ورجال نظامه. وحذرت حركة تمرد من أى محاولة من جانب رجال نظام مبارك أو مرسى بالعبث بأمن مصر، مطالبة الرئيس عدلى منصور والدكتور حازم الببلاوى، بما لديهما من سلطات قانونية فى ظل حالة الطوارئ، باحتجاز مبارك إن لم يكن محبوساً على ذمة قضايا أخرى، لما يمثله الإفراج عنه من خطورة على الأمن القومى المصرى. فيما أكدت حركة شباب 6 إبريل أنه بعد قرار المحكمة الإفراج عن مبارك فى قضية هدايا الأهرام، فإن جرائم المخلوع فى حق مصر والمصريين على مدى سنوات حكمه لا تنتظر حكما قضائيا بعد أكثر من عامين ونصف ضاعوا من ضعف الإدعاء والترتيبات وإفساد الأدلة والموائمات والمهادنات مع نظام محمد مرسى وحملات التشويه المنظمة للثورة. وقال محمد كمال عضو المكتب السياسى للحركة، وفقا لبيان صادر عنها، أن قيادة الفترة الانتقالية الأولى السيئة وتبخر وعود مرسى فى إعادة المحاكمات وإختفاء تقارير لجان تقصى الحقائق المتتالية والاحتكام لمسار قانونى مُسيس لنظام قامت عليه الثورة وإتلاف الأدلة والتستر على الحقائق فى شهادات المحكمة لحماية النظام السابق هى ما أدت بنا لتكرر المشهد مرة أخرى اليوم. كما أضاف أن كل الخيارات متاحة لرفض الإفراج عن المخلوع لكن المسار القانونى سوف يظل مفتوحاً برفع دعاوى جديدة وتقديم أدلة إدعاء جدية وتعديل الإدعاء لتحقيق القصاص فى كل جرائم الإفساد والاستبداد وقتل المصريين.