يخرج المصريون إلى الشواطئ والمتنزهات والحدائق العامة، للاحتفال يوم شم النسيم،ولكن الإهمال يشوه الحدائق العامة التى أصبحت خصماً للنظافة فى الأعياد بشكل عام بالاضافة الى مايحدث من تصرفات غير أخلاقية مثل التحرش والمشاجرات والزحام والنزاعات بين المواطنين. ومن المشاهد المثيرة للانتقاد تحول الحدائق والمتنزهات فى نهاية اليوم الى "مقلب قمامة" وذلك بسبب قيام بعض المواطنين بالقاء مخلفاتهم وبقايا الطعام فى الحديقة والشوارع. وقد أعلنت المحافظات عن استعدادها ورفع درجة الاستعداد لاستقبال المواطنين يوم شم النسيم وتوفير خدمات مكثفة للأماكن التي يتردد عليها المواطنين في شم النسيم كحدائق 6 أكتوبر واليابانية ودار العلوم والفسطاط وحديقتي الحيوان والأورمان ومنطقتي الأهرام وأبو الهول ومدينة الإنتاج الإعلامي وملاهي ماجيك لاند والقناطر الخيرية. وقد أعلنت هيئة نظافة وتجميل القاهرة،أنه تم الانتهاء من إعداد 254 حديقة عامة، و32 حديقة متخصصة، و13 حديقة متميزة، وتجهيزها بالكامل لاستقبال الزوار اعتبارا من الثامنة صباحا حتى الحادية عشر مساء، مع إعداد 50 ألف كيس قمامة لتوزيعهم على الزائرين بالحدائق، لاستخدامها في جمع مخلفاتهم، وعمل صيانة كاملة لجميع دورات المياه بالحدائق، والتنسيق مع مرفق الإسعاف بتواجد سيارات إسعاف داخل الحدائق الكبرى وبالقرب منها لمواجهة أي طارئ، كذلك التنسيق مع الأمن العام وشرطة المرافق بالتواجد حفاظا على الأمن والانضباط. مواطنون يرفضون القاء القمامة بالحدائق وقد أبدى مواطنون امتعاضهم من تفشي ظاهرة رمي القمامة في الأماكن العامة والطرقات، مشيرين إلى أن ديننا الحنيف يأمرنا بالنظافة لكن الكثير لا يلتزم بذلك، مرجعين أسباب انتشار الظاهرة إلى قلة الوعي وعدم الإحساس بالمواطنة والمسئولية. وعن رأى المواطنين ، أكد سيد حافظ، من سكان شارع الهرم، أن صناديق القمامة تمتلىء هذا اليوم عن آخرها مؤكدا أن سلوكيات بعض المواطنين هى السبب،مثلا يجد البعض كمية من القمامة على أحد جوانب الطريق او فى الحديقة يضيف إليها المزيد من القمامة حتى تصبح أكواما. وأرجعت مها سعيد، من سكان عين شمس أسباب الظاهرة الى انعدام الإحساس بالمواطنة والمسئولية وقالت "هو منظر قبيح أن نشاهد كل هذه القمامة ملقاة في الشوارع والحدائق، وخصوصاً في المناسبات والاعياد، حيث ترى الساحات مليئة ببقايا الطعام ومغلفات الأطعمة، والسبب في انتشار هذه الظاهرة هو عدم الإحساس بالمسئولية" . وأضافت أيضا :"الإسلام يحث على النظافة والنظافة من الإيمان،وعندما نسافر دولة غربية هم مهووسون بالنظافة، وعندما ترمي أي قمامة في الشارع عندهم ينظر لك نظرة انتقاد واستهجان. وتعقيبا على الظاهرة ،قالت الدكتورة منى كمال أستاذ علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس – لموقع أخبار مصر- ان بعض الأشخاص يلقى مخلفاته فى الشارع لأنه قد تربي على ذلك منذ الصغر فأصبح الأمر معتادا وبعضهم يعتقد أنه نظيف عندما يحافظ على سيارته من الداخل ولا يترك أي أوساخ داخل السيارة، لكن في المقابل يرمي القاذورات في الخارج ومن النافذة، هذه أمور تربوا عليها وسيربون أولادهم عليها أيضا. وأضافت أنه لابد من وجود منهج دراسي في المدارس لتعليم الطفل الحفاظ على البيئة والاهتمام بغرس النظافة داخل الطفل حتى يتعود على ذلك، وأضافت أنه"لابد من زيادة عدد صناديق القمامة، وعمل صيانة لها. وعن انتشار التحرش فى الزحام قالت د.منى كمال إن الزحام بيئة مناسبة جدا للشخص المتحرش وهو يبحث عن الأماكن المزدحمة لممارسة هذا التصرف. وأشارت الى أن الكثير من حالات التحرش غالبا ما تحدث فى الاحتفالات والحدائق فى الأعياد. وأكدت على ضرورة أن يبدأ الإنسان بنفسه ويجب زرع القيم فى نفوس الابناء منذ الصغر وتوضيح مدى ردائة هذا الفعل على الفرد وعلى المجتمع، لأن غرس هذه القيم فى الأطفال ينمى العديد من القيم الأخلاقية بهم،كذلك ينبغى على الأسرة أن تربى أطفالها تربية سليمة منذ الصغر، وألا يتركوهم للمعلومات الخاطئة التى يحصلون عليها من النت والأصدقاء. "حطها فى الكيس" وقد نظم عدد من الشباب حملة بعنوان "حطها في الكيس" هدفها تشجيع الناس على عدم رمي القمامة والمخلفات في الشارع حفاظا على البيئة ورفع الوعي المجتمعي تجاه البيئة. وقام الشباب خلال الحملة بتوزيع أكياس بلاستيكية على المارة وسائقي السيارات وأيضا في التجمعات، وتحمل هذه الأكياس شعار الحملة. وقد لاقت الحملة أصداء إيجابية من الناس حيث شارك أيضا أفراد من خارج الحملة بتوزيع الأكياس لتأكيده على نشر الفعل الإيجابي. التربية والتعليم ..السبب وقالت الدكتورة هالة منصور، استاذ علم الاجتماع – لموقع أخبار مصر- إن أزمة النظافة في مصر ترجع الى أسلوب التعليم والأسرة والإعلام،وأكدت أن الأسرة هى الأساس لأن من شب على شىء شاب عليه وهنا يأتى دور الأم التى تغرس سلوكيات النظافة والتحضر والرقي بداخل أطفالها منذ الصغر وبالتأكيد سيكبرون على هذا السلوك ويصبح نمط حياتهم. وقالت أسناذ علم الاجتماع ان كل إنسان يعكس نفسه وشخصيته وتربيته من خلال تصرفاته وكل فرد منا مطالب بالتفاعل في هذا الأمر،ويجب علينا إشعار هؤلاء بأن تصرفاتهم غير مرغوبة، من خلال نظراتنا أو علاقاتنا بهم، فالنظيف نظيف في كل مكان ليس في بيته فقط، وإذا رأيت أحداً يرمي الأوساخ في الأماكن العامة فذلك يعكس شخصيته. وقالت "سلوك المواطن تغير بشكل كبير، فأصبح يرمي القمامة فى الشارع بشكل غير طبيعي،مما جعل الأحياء عبارة عن اهرامات من القمامة ويعود ذلك إلي عدم المحاسبة ، ومثلها مثل إلقاء مياه المجاري ، ومخلفات المصانع في النيل". وطالبت الدكتورة هالة المواطنين بالمحافظة على البيئة وعدم تلويثها لأنها بيئتنا وبلدنا التى تحملنا ونعيش فيها. كما اقترحت وضع ضوابط داخل الحدائق وهى نشر مشرفين أو ملاحظين داخل الحدائق يحذروا المواطنين من عدم تلويث الحدائق وعدم القاء مخلفات بها ،واذا رأى من يفعل ذلك يلزم برفع ما ألقاه على الأرض والتخلص منها فى سلة المهملات. وقالت انتصار السعيد مدير مركز القاهرة للتنمية وحقوق الانسان- لموقع أخبار مصر- إن المتحرشين من الصبية الصغار وأصبحوا ينتشرون فى مناطق الحدائق ووسط البلد والكورنيش. وأكدت أنه يوجد خلل كبير في منظومة الاخلاق والتربية،موضحة أن المركز يهدف إلى توثيق ورصد حالات التحرش والعنف الجسدى ضد النساء خلال الاحتفال بشم النسيم. وأكدت أن الحل هو تدريس مناهج التربية الجنسية والاهتمام بشغل أوقات الشباب بالرياضة والأنشطة الثقافية. وأضافت أن المركز خصص خطا ساخنا ورقما خاصا لتلقى الشكاوى والاستفسارات من المواطنين أو المتطوعين الميدانيين من الحملات والمبادرات الشبابية المنتشرة في القاهرة الكبرى لمكافحة ظاهرة التحرش في الأعياد. إماطة الأذى وغض البصر ومن جهته قال الدكتور ابراهيم أمين – من علماء الأزهر الشريف- لموقع أخبار مصر -" أولا بالنسبة للخروج وعدمه ،كل شخص يرجع فيه الى علماء دينه من حيث الحل والحرمة ، ثانيا :اذا خرج الانسان الى الشارع فلابد وأن نعطى الشارع حقه وقد لخص ذلك رسول الله ..صلى الله عليه وسلم..فى قوله "أعطوا ابلطريق حقه، قالوا وماحق الطريق؟ قال "غض البصر وكف الأذى ،ورد السلام .ثلاث ركائز لأخلاقيات الشارع، أولها غض البصر،إنها دعوة لاحترام الأخر ، مهما كان مخالفا،دعوة للوقوف مع حدود الله، ألا ألقى باللوم على المتبرجة، ولكن ألقى باللوم على نفسي،" ولا أبرىء المتبرجة، لكنى أتحدث عن تربية النفس للنفس : قال تعالى "بل الانسان على نفسه بصيرة،ولو ألقى معاذيره، فلاتلقى باللوم على الأخر ولكن هذب نفسك ، وغض بصرك ولا تجرح به الآخرين . وتابع :إن استطعت النصح بلطف وحكمة وإخلاص فافعل، الركيزة الثانية "كف الأذى عن مصر،عن شوارعها ، عن منشآتها، عن متنزهاتها، فاترك المكان صالحا، كما وجدته صالحا،جميلا كما وجدته جميلا، نظيفا كما وجدته نظيف" وأكمل :كف الأذى عن الآخرين ، فالمسلم من سلم المسلمون ومن سلم الناس من لسانه ويده، نريد الرجوع بشارعنا الى النخوة، حينما نجد ضعيفا يتحرش به غيره، ينبغى علينا أن نكون معه على الظالم حتى نكفه عن الظلم ، هذا هو الهدف ، وليس أن نكون ظالمين بعد أن كنا مظلومين،قال تعالى " فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء الى أمر الله" فالهدف الرجوع الى الحق والى العدل والى الأخوة والى التعايش بسلمية وبمحبة ومودة حتى تعم الفرحة والسرور جميع خلق الله وليس الانسان فقط. وتابع :الركيزة الثالثة ، رد السلام ، من أعظم ماتميز به الاسلام فى تحيته ، السلام ، الله هو السلام وأمر بالسلام وجعل تحيتنا السلام وأول مايلقى به المصلى الناس بعد الصلاة السلام. بل إن الحيوانات فى الغابة أخلاقها أعلى من الذين يشنون الحروب ، فانك ترى الأسد لا يقتل فريسة الا لملهبة الجوع وليس للاعتداء أو لحب الدماء، ولا لانه قوى وغيره ضعيف ايضا الزوج الذى يضرب زوجته أو يفترى عليها أو العكس، هذا ليس بانسان ولا ينشر السلام. الجار الذى يؤذى جاره ليس مؤمنا ولا انسانا ، قال صلى الله عليه وسلم – "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لجاره مايحب لنفسه" اذا هذه الركائز الثلاثة ،غض البصر ، كف الأذى، رد السلام " لو التزم الناس بها فى كل تجمعاتهم لعمت الفرحة وسادت البهجة والسرور، وهذا لون من ألوان الأمن والأمان بين الناس لو طبقناه ما احتجنا الى قانون ولا الى محاكم ولعاش الناس فى سلام. الإسلام أوصى بالنظافة وقال الدكتور محمد أبو ليلة أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر إن الإسلام اهتم ببناء الإنسان ورعايته صحيا ونفسيا وسلوكيا فحثه علي النظافة وأمره بها وجعلها ضرورة شرعية لحمايته من الأمراض والأضرار بل إنه – سبحانه وتعالى- أنزل الماء الطهور لنظافة الأبدان. وقال إن المسلم مطالب شرعا أن يحرص على نظافة الشوارع وأن لا يلقي النفايات إلا في حاوياتها المخصصة لها، لأن الشرع يحض على النظافة، وفي الحديث "الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. متفق عليه. وأضاف أن الله – عز وجل – أخبرنا بأن النظافة سبب لمحبته فقال تعالي:" إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" ولذلك جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم أي النظافة نصف الإيمان فقال رسولنا الكريم "الطهور شطر الإيمان".