"تذكروا إنني قلت لكم اليوم أن زمن الإخوان لن يستمر أكثر من شهور". بهذه الكلمات الواضحة والصريحة والمباشرة، تنبأ الفنان خالد يوسف، وكتب بخط يده على الشاشة الصغيرة، وعلى مرأى ومسمع من ملايين المشاهدين، جهر الفنان بما يمكن وصفه بخلاصة تقويمه لزمن الإخوان، وإمكانية زوال هذا الظرف السياسي والاستثنائي الطارئ في حياة المصريين، عن قريب جدا. نبوءة الفنان خالد يوسف ظهرت في لقاء تليفزيوني مثير مع الإعلامي اللبناني الشهير طوني خليفة ضمن برنامجه الحواري الرمضاني اليومي الأكثر إثارة المسمى ب"زمن الإخوان" على قناة القاهرة والناس. ترى ما مدى اقتراب وما مدى ابتعاد خالد يوسف في تحليله وتقديره وقراءته كفنان وكمبدع وكناشط سياسي للحالة المعقدة التي تمر بها مصر الآن؟ وهل تصدق نبوءة هذا الفنان الموهوب بخصوص العمر المتبقي من زمن الإخوان كما سبق أن تنبأ، هو شخصيا، فضلا عما ظهر واضحا في أعماله السينمائية المشتركة مع أستاذه الراحل يوسف شاهين، وبدا وكأنهما كانا يتنبآن بقيام الثورة في 25 يناير، خاصة، في أفلام من عينة: هي فوضى وحين ميسرة ودكان شحاتة... أو غيرها؟! صعب الإجابة على مثل هذه الأسئلة، لكنني أواصل في هذا المقام سرد بعض الانطباعات والملاحظات عن عروض الشاشة الصغيرة المزدحمة جدا في شهر رمضان، وأقر بداية حرصي على الابتعاد تماما عن مشاهدة المسلسلات، اللهم إلا نادرا وآخرها على ما أذكر، مسلسل ناصر بطولة مجدي كامل، وعمل درامي آخر كان باسم يتربى في عزو بطولة كريمة مختار، في الوقت نفسه فإنني مشدود إلى حد الإدمان بمتابعة البرامج الثقافية والحوارية المتميزة على الشاشة الصغيرة خلال الشهر الفضيل. في مساء يوم الاثنين الماضي، على سبيل المثال، فزت بوجبة دسمة من البرامج الثقافية والحوارية المميزة على الشاشة الصغيرة، بدأت بالمقبلات على قناة "أون تي في" ببرنامج "ولاد بلدنا" الذي تقدمه إيمان عز الدين وكان مخصصا للتذكير بشاعر الشباب الراحل أحمد رامي من خلال لقاء نادر مع نجله توحيد، تلاه على القناة- نفسها- برنامج "مانشيت" للزميل جابر القرموطي في حوار ممتع وصريح للغاية مع عالم الاجتماع الدكتور سعد الدين إبراهيم. في السهرة نفسها، وعلى قناة المحور جاء الدور على برنامج "الخطايا السبع" للإعلامي الموهوب عمرو الليثي في لقاء مع الشاعر النابغة أحمد فؤاد نجم، لننتقل- بعد ذلك- إلى برنامج "إشارات" على القناة الأولى من تقديم المذيع عاطف كامل، وضيفه الكاتب الصحفي عبد الله السناوي في مواجهة ممتعة مع القطب الإخواني الدكتور محمود حسين، ليأتي مسك الختام على قناة أون تي في بمشاهدة برنامج "وسط البلد" تقديم الناشط السياسي الرائع خالد تليمة، خصوصا وهو يستضيف شخصية سياسية محببة بحجم وبشعبية المرشح الرئاسي حمدين صباحي. ما دمنا نتحدث هنا عن البرامج الحوارية المسائية الدسمة في الشهر الفضيل، أذكر أنني شاهدت لقاءين مؤثرين جدا، مع الفنانتين الشهيرتين رغدة وأصالة عن المأساة التي تمر بها الشقيقة سوريا، ضمن برنامج زمن الإخوان. خلال اللقاء مع الفنانة الرائعة رغدة، يعلم الله كم كان قلبي يتمزق وأنا أتفاعل مع دفاعها المستميت عن سوريا وبكائها على الدماء العربية الطاهرة التي تنزف على أرضها، ورفضها القاطع للتدخلات الأجنبية والإقليمية السافرة لتمزيق هذا القطر العربي الشقيق، بحجة تخليصه من الفساد والاستبداد، فيما الهدف الأبعد هو دفعه دفعا نحو حرب أهلية وطائفية شاملة، سوف تحرق في طريقها الأخضر واليابس، بمساندة عربية فجة تصل إلى حد تمويل المرتزقة والعصابات المسلحة. على القناة ذاتها وفي وقت لاحق، شاهدت المطربة السورية أصالة وهي تتهم شقيقها ابن أمها وأبيها بالخيانة لأنه وقف مع النظام السوري ضد الثورة، رأيت أصالة وهي تنعي زمن النخوة العربية، وتقول: إن أكثر فنان عربي يستفزها لمواقفه السياسية هو الفنان دريد لحام، وأن أكثر إعلامي يستفزها هو الإعلامي جورج قرداحي، ومؤكدة أنها لا تحترم مثقفي سوريا الذين أعلنوا دعمهم للنظام، وباعوا ضمائرهم وكرامتهم. يا إلهي.. ألهذا الحد وصلت الفتنة طريق اللاعودة في سوريا؟ ألهذا الحد أصبح نجم العرب دريد لحام فنانا مستفزا؟ ألهذا الحد بات زمن الإخوان في دائرة الاتهام.. رحمتك ولطفك يا الله.. بحق الشهر الفضيل. نقلا عن جريدة الأهرام