ما يزال المرض النفسي عار يخشى المجتمع من الافصاح عنه بل ويحرصون على اخفاء المريض مما يتسبب في كثير من الاحيان من تفاقم المرض ووصول المريض الى نقطة اللا عودة. ولا يعرف الكثيرين الوسيلة الامثل للتعامل مع المريض النفسي فيحرصون على الابتعاد عنه وتهميشه بما يعرضه للتدهور ويفقد المجتمع شخصا منتجا اذا تم التعامل به بطريقة صحيحة. من هنا جائت فكرة الامانة العامة للصحة النفسية التابعة لوزارة الصحة من اجل القيام بحملة "آن الأوان" تشمل محافظات الجمهورية للتعريف بالمرض النفسي واعراضه وعلاجاته والتعامل مع المرضى النفسيين. أعلنت الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الادمان بوزارة الصحة مؤخرا عن اطلاق حملة التوعية بالمرض النفسي بالتعاون مع شركة "سانوفي" للأدوية بهدف زيادة الاهتمام بالصحة النفسية وإزالة الوصمة المتعلقة بالمرض النفسي ورفع الحرج الاجتماعي المحيط بالمرضى. وأوضح من جانبه قال الدكتور هشام رامي، الأمين العام للصحة النفسية وعلاج الإدمان لأخبار مصر خلال اطلاق الحملة ان هذه اول حملة كبرى تعقد من اجل التعريف بالمرض النفسي وقال انه على الرغم من ان التوعية الصحية في المجتمع المصري تحظى باهتمام ومتابعة جموع المصريين ورغم تغطيتها معظم التخصصات الطبية الا انها كانت قليلة بل ونادرة فيما يتعلق بالصحة النفسية. في حين أن العلاج النفسي في كل المستشفيات التابعة للأمانة يقدم مجانيًا للمريض، مشيرًا إلى أن تذكرة الكشف في أي مستشفى حكومي تقدر بجنيه واحد وأضاف أن شركات التأمين الخاصة والتأمين الصحي لاتغطي المرضى النفسيين، ويتم الآن علاج المرضي النفسيين في هيئة التأمين الصحي. وأكد، أن الهدف من الحملة والتي تستمر لمدة عامين متواصلين؛ هو نشر المفهوم السليم عن المرض النفسي وأعراضه، وتقديم التوعية للمجتمع عن المرض النفسي عبر تصحيح المفاهيم الخاطئة عن المرض وعرض معلومات عنه بصورة مبسطة. واستطرد قائلا: "عن طريق المعرفة القائمة على اساس علمي صحيح تنتهي الوصمة المتعلقة بالمرض النفسي واللتي تقوم على خرافات لا اساس لها من الصحة. وكشف رئيس الأمانة العامة للصحة النفسية، عن أن نسبة المرضى النفسيين في مصر تتراوح من 10 إلى 20% سنويًا، بينما بلغ معدل انتشار الأمراض النفسية على مدى العمر من 20 إلى 30 %، مشيرًا إلى أن 15 % فقط من المرضي النفسيين هم من يتوجهون لتلقي العلاج. وأوضح أن الجهة الحكومية المسئولة عن وضع خطط وإستراتيجيات الصحة النفسية في مصر، وضعت في خطتها الاستراتيجية الخمسية 2015 – 2020، التوعية بالمرض النفسي كجزء مهم من تلك الخطة، وذلك لإزالة الوصمة الخاصة بالمرض النفسي ما يزيد من فرص طلب العلاج المبكر، وتأهيل المريض وإعادة دمجه بالمجتمع، وتحسين مستوى خدمات الصحية النفسية المقدمة من المؤسسات المعنية. وأضاف رامي، أن الحملة سوف ترفع مستوى الوعي والمعرفة بالأمراض والاضطرابات النفسية والاجتماعية، وذلك من خلال توعية الحالات التي تعاني من الاضطرابات والمشاكل النفسية، حتى يستطيع المجتمع المحلي التعرف على المرض أو المشكلة النفسية في حال حدوثها، والتوجه إلى الجهة المناسبة لطلب المساعدة، وعدم البحث عن جهات غير مهنية لعلاج هذه المشكلة ونقصد بذلك المشعوذين وغيرهم. وتابع قائلا: "تقليل الوصمة التي يعانيها المريض النفسي في مجتمعه، والتي تقلل من فرص الشفاء والاندماج بالمجتمع نتيجة عدم فهم المجتمع للمرض لان شريحة واسعة في المجتمع من الطبقات المختلفة تتعامل مع المريض النفسي على أنه إنسان مجنون، عدواني، لا يستطيع القيام بأي شيء، وهذه أخطاء شائعة تعمل الحملة على تصحيحها". وأضاف أن الحملة تعتمد على تقديم معلومات عن المرض النفسي عن طريق افلام توعوية قصيرة واقلام روائية طويلة، كما تقوم الحملة ببث اعلانات دعائية عن طريق قنوات الراديو وكذلك طباعة الملصقات والمنشورات التي تتحدث عن كل مرض بشكل منفصل وتطوير موقع الامانة الحالي ليكون اكثر تفاعلا مع الجماهير والمهتمين بالصحة النفسية بشكل عام. الاضطراب الوجداني ثنائي القطب Bipolar Disorder وأوضح الدكتور هشام رامي ان المرض الاول الذي ستتم التوعية بشأنه هو الاضطراب الوجداني ثنائي القطب؛ وهو اضطراب نفسي شديد ناتج بشكل اساسي عن خلل في الموصلات الكيميائية بالمخ. وأضاف انه يظهر في صورة تقلب مرضي في المزاج والعاطفة ومستوى النشاط. والمرض عادة ما يظهر قبل سن الخامسة والعشرين من العمر ويصيب الذكور والاناث بنسب متساوية. أعراض المرض شديدة وليست مثل التقلبات المزاجية والشعورية العادية التي تصيب معظم البشر. واضاف ان تلك الاعراض قد تؤدي الى الاضرار بالعلاقات الاجتماعية والوظائف الحياتية الخاصة بالمريض كالعمل والدراسة والعلاقات الاجتماعية. وأكد الأمين العام للصحة النفسية وعلاج الإدمان إن هذا الاضطراب قابل للعلاج. والمريض المصاب به بامكانه أن يعيش حياة كاملة الانتاجية. وأوضح أن هناك عددا من المشاهير الذين يعانون من هذا المرض الممثلة كاثرين زيتا جونز والفنان فان جوخ والقائد نابليون بونابرت والفيلسوف الالماني نيتشه. ومن اعراض المرض؛ نوبة الهوس وفيها يعاني المريض من اضطراب المزاج، حيث يعاني المريض من مزاج متقلب حيث يميل للفرحة الغير منطقية. كما يعاني من اضطراب النوم. يشعر بالعظمة ويتشتت انتباهه وتتطاير افكاره ويعاني من الكلام السريع غير مترابط. كما يعاني المريض من نوبات اكتئاب ومن اعراضها اصابة المريض بمزاج اكتئابي وحزن مستمر وفقدان الاهتمام ونشاط حركي متقلب واضطراب في النوم. واضاف انه يتم تشخيص المريض بنوبة هوس واحدة على الاقل ويجب ان تحتوي على ثلاثة اعراض اخرى مختلفة مع المزاج المتقلب؛ وقد يتبدل المريض بين نوبات مختلفة من الهوس والاكتئاب. وينتج عنه قصور في حياة المريض الوظيفية أو الاجتماعية الحياتية بوجه عام. وينصح د. هشام رامي بالاسراع في علاج المريض النفسي بوجه عام منعا من تدهور حالته الصحية واملا في الوصول الى شفاء سريع. وأوضح انه يجب على المريض متابعة الطبيب المعالج المتخصص بصورة منتظمة. كما يجب عليه ان يواظب على تناول ادويته بشكل منتظم تبعا لما يراه الطبيب. ويؤكد على وجوب توعية اهل المريض باعراض المرض والعلاجات واعراضها الجانبية. تمويل غير مشروط من جانبه أكد الكسى مويرن، مدير عام شركة سانوفي مصر والسودان على التزام الشركة بالتعاون مع وزارة الصحة ممثلة في المانة العامة للصحة النفسية على تمويل حملة التوعية بالمرض النفسي والتي تستمر لمدة عامين بدون اي شروط من جانبها. وقال لأخبار مصر: " الصحة النفسية تشكل جزءا لا يتجزأ من قدرة الفرد على أن يعيش حياة رغدة، بما في ذلك القدرة على تكوين العلاقات والدراسة وكذلك صنع القرارات والخيارات اليومية". وأضاف أن دورنا يكمن فى دعم تثقيف أفراد المجتمع حول، العمل والهواية مشاعرهم والأمراض النفسية التي يعانون منها .ويأتي ذلك كجزء من مسئولية الشركة الاجتماعية التي تهدف إلى توفير ورفع الوعي لدى المريض و دعم المتخصصين بالرعاية الصحية لتوفير احتياجات المريض. و أضاف قائلا أنه طبقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية أن سبب تبني الشركة لحملة التوعية بالمرض النفسي هو أن ما يقرب من 450 مليون شخص في العالم يعانون اضطرابات نفسية، وفي البلدان النامية تعتبر الاضطرابات النفسية هي السبب الثاني الرئيسى للمرض والوفيات، علاوة على ذلك في هذه البلدان ما يقرب من 80? من الأشخاص المتضررين من الاضطرابات النفسية الشديدة لا يتلقون أي علاج. واستطرد موضحا ان المصابون باضطرابات نفسية يعانون من ارتفاع ضخم في معدلات العجز والوفاة؛ فعلى سبيل المثال احتمالات الوفاة المبكرة بين المصابين بالاكتئاب الشديد والفصام بنسبة 40% الى 60%، فتزداد رغبتهم في الانتحار. ويأتي الانتحار في المرتبة الثانية بين اكثر اسباب الوفاة شيوعا بين الشباب في انحاء العالم.