حماة الوطن يدعو أبناء مصر بالخارج بالمشاركة الإيجابية في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    تقديرًا لعطائهم الوظيفي.. جامعة قناة السويس تكرم الفائزين بجائزة الأداء المتميز    وظائف خالية اليوم.. فرص عمل ب 300 دينارًا بالأردن    "زي زيزو كدا".. الغندور يكشف الرد الحقيقي للزمالك حول إعادة إمام عاشور    بعد عامين.. عودة ترافورد إلى مانشستر سيتي مجددا    رئيس مجلس الدولة: نثمّن دور النيابة الإدارية في دعم دولة القانون    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    جو شو: التحول الرقمي يبدأ من الإنسان.. والتكنولوجيا وسيلتنا لتحقيق تنمية عادلة    معلومات الوزراء: مصر في المركز 44 عالميًا والثالث عربيا بمؤشر حقوق الطفل    مصر تُصدر أول شحنة تقاوي بطاطس ميني تيوبر إلى أوزبكستان    زلزال يضرب شرق روسيا بقوة 8.8 درجات.. تحذيرات من تسونامي وخسائر مادية    زيارة تبون لإيطاليا.. اتفاقيات مع روما وانزعاج في باريس    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فحوى رسالة " الحية" !?    الهلال الأحمر المصري يرسل قوافل "زاد العزة" محمّلة بالخبز الطازج إلى غزة    فرانشيسكا ألبانيزي عن فرض واشنطن عقوبات عليها: ستضرني لكن التزامي بالعدالة أهم من مصالحي الشخصية    تنسيق الجامعات 2025.. 35 ألف طالب يسجلون في تنسيق المرحلة الأولى    محافظ الفيوم يكرّم طالبة من ذوي الهمم تقديرًا لتفوقها بالثانوية العامة    رسميًا.. بايرن ميونخ يضم لويس دياز حتى 2029    خسارة شباب الطائرة أمام بورتريكو في تحديد مراكز بطولة العالم    صلاح أساسيًا.. سلوت يعلن تشكيل ليفربول لمواجهة يوكوهاما مارينوس وديًا    215 مدرسة بالفيوم تستعد لاستقبال انتخابات مجلس الشيوخ 2025    القبض على 5 أشخاص بتهمة التنقيب عن الآثار في القاهرة    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    برابط التقديم.. إنشاء أول مدرسة تكنولوجية متخصصة بالغردقة (تفاصيل)    السكة الحديد تُعلن مواعيد قطارات خط "القاهرة الإسماعيلية بورسعيد" والعكس    مصير رمضان صبحى بقضية التحريض على انتحال الصفة والتزوير بعد تسديد الكفالة    فى لفتة إنسانية.. الأجهزة الأمنية بالقاهرة تنجح فى إعادة فتاة لأهليتها    «سلم على كل الغاليين».. رانيا محمود ياسين تودع لطفي لبيب    وزارة التضامن: التعامل مع حالات لسيدات وأطفالهن بلا مأوى تعرضن لمشاكل أسرية    مبيعات فيلم أحمد وأحمد تصل ل402 ألف تذكرة في 4 أسابيع    صفية القبانى: فوز نازلى مدكور وعبد الوهاب عبد المحسن تقدير لمسيرتهم الطويلة    لمسات فنية لريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقي العربية ترتدي قفاز الإجادة بإستاد الأسكندرية    ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه.. وهل يصح ذلك بعد التكفين؟.. الإفتاء تجيب    اليوم.. قطع مياه الشرب عن قريتين وتوابعهما بالمنيا    وزارة الأوقاف: تدعو لترسيخ القيم الإنسانية التي دعي إليها ديننا الحنيف بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر    الرعاية الصحية تطلق مشروع رعايتك في بيتك لتقديم خدمة طبية متكاملة داخل المنازل    تحرير (145) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    ليلى علوي تعيد ذكريات «حب البنات» بصور نادرة من الكواليس    لم نؤلف اللائحة.. ثروت سويلم يرد على انتقاد عضو الزمالك    رابطة الأندية: لن نلغي الهبوط في الموسم الجديد    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية فى أوسيم    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 30 يوليو 2025    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    انخفاض أرباح مرسيدس-بنز لأكثر من النصف في النصف الأول من 2025    حميد أحداد ينتقل إلى الدوري الهندي    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    عبداللطيف حجازي يكتب: الرهان المزدوج.. اتجاهات أردوغان لهندسة المشهد التركي عبر الأكراد والمعارضة    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    تنسيق الثانوية 2025.. ماذا تعرف عن دراسة "الأوتوترونكس" بجامعة حلوان التكنولوجية؟    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روجر أوين: الربيع العربي بعد ستة أشهر على انطلاقه
نشر في أخبار مصر يوم 17 - 08 - 2011

انقضت ستة أشهر على بدء الربيع العربي، وآن الأوان لإجراء محاولات أولية لتلخيص الآثار التي خلّفها لغاية اليوم. بادئ ذي بدء، يبقى الربيع العربي حدثاً ثورياً ينطوي على تبعات يتطلب ظهورها سنوات عدّة. وينطبق الأمر بالطريقة ذاتها على الدول والأنظمة التي بقيت بعيدة نسبياً عن تأثيرات الاحتجاجات الشعبية، كفلسطين أو دول الخليج العربي، وعلى الدول التي نجحت فيها الثورات إما في إطاحة رئيس ديكتاتوري أو في إخضاع النظام لامتحان صارم.
ويبيّن التاريخ أنّ الثورات لا تقتصر على إطاحة نظام قديم، بل غالباً ما تشتمل على نضال طويل يهدف إلى استبدال النظام بآخر. هذا وتضطر البلدان المجاورة إلى توخي الحذر وإلى اعتماد سياسات هدفها الحدّ من انتشار هذه الثورات. وبالتالي، تعتبر جميع التقارير المتحدثة عن موت هذه الأخيرة سابقة لأوانها. وعلى الرغم من وجود عدد من التحركات المضادة للثورات في سورية وليبيا مثلاً، ليس هناك أي سبيل واقعي للعودة إلى الوراء.
ثانياً، من الواضح أنّ الربيع العربي هو حدث عربي شامل وناجم عن القضايا المشتركة في أنحاء العالم العربي، وأنّ ارتداداته امتدت من المغرب وصولاً إلى الخليج. وقد حصلت أحداث كان يصعب تصوّرها سابقاً، كالفرار المفاجئ لرجل قوي مثل بن علي أو المحاكمة الحالية للرئيس السابق حسني مبارك.
هذا فضلاً عن الوعود التي قُطِعَت بمحاولة استخدام أموال العائدات المتراكمة التي يدرها النفط والغاز الطبيعي على أنظمة دول الخليج لمعالجة المشاكل الكامنة على صعيدي التنمية المستدامة وبطالة الشباب. إلا أنّ العمل الجدي يبقى ضرورياً للوفاء بهذه الوعود. في الوقت ذاته، سبق أن برزت تناقضات جدية بين المصالح المحلية والمصالح العربية كتلك التي برزت مثلاً بين المؤيدين والمعارضين للانتخابات الشعبية أو بين الأنظمة، هذا إلى جانب الأنظمة التي تعتمد على التحويلات التي يرسلها المواطنون العاملون في البلدان العربية ذاتها.
ثالثاً، لا يزال توقع المستقبل صعباً، وذلك لأسباب عدّة. ويعزى السبب الأهم إلى عدم دراية الفاعلين السياسيين بالطريقة الأنسب لترويج مصالحهم الخاصة ومصالح التحركات الثورية أو القومية الأوسع نطاقاً في آن. ويسهل رصد هذه الظاهرة في شرائح المجتمع المصري والتونسي كافةً، بدءاً بأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر ووصولاً إلى أولئك الذين إما ينشئون أحزاباً جديدة أو يحاولون أن يعرفوا ما هي الأحزاب التي سيصوتون لها.
كما يمكن رؤية ذلك أيضاً في الصراعات المؤيدة أو المعارضة لتحرّك مهم يسعى لإرساء نظام ملكي ذات طابع دستوري أكبر في البحرين والأردن والمغرب. وعليه، يمكن لغاية الآن استخلاص بعض العبر. سأذكر خمساً منها لأنها تعتبر الأهم من وجهة نظر تحليلية.
العبرة الأولى، وقد تعتبَر الأكثر استفزازية، مفادها أنّ الثوّار، مهما كانت مطالبهم محقة ونيتهم حسنة، ليسوا بالضرورة أفضل من الأشخاص الذين حلّوا مكانهم في تولي أنشطة الحكومة الأساسية. ولا عجب في ذلك أبداً. فما نجحوا فيه هو تنظيم الاحتجاجات غير المسلحة في أنحاء شاسعة من بلادهم. إلا أنهم كانوا أقل براعةً في محاربة أنواع أكثر تقليديةً من النزاع المسلح، أو في تنظيم الأحزاب السياسية، أو في إيجاد طرق جديدة لمحاسبة الحكومة والشرطة.
ثانياً، على الرغم من وجود كيان شبيه بما كان الأتراك يسمّونه الدولة العميقة – وهو عبارة عن شبكات خاصة ببلد ما، تضمّ ضباطاً وضباطاً سابقين يدعمون بعضهم البعض من داخل أجهزة الاستخبارات والقوى الأمنية – فهو لم يبدُ خطيراً بالقدر الذي تخيّله ثوار شبان كثيرون في مصر وتونس في بداية المطاف. وسيخضع استمرار نفوذه لامتحان واضح حين ينشئ أعضاء ينتمون إلى هذه الشبكات أحزاباً سياسية كوسيلة للمشاركة في الانتخابات الجديدة.
وبالنظر إلى الأدلة القائمة حالياً، تبدو قدرتهم على اكتساب دعم الشعب، الذي يبدو مدركاً إلى حد معقول للعبتهم، مثيرة للشكوك. وكذلك، سيرى المرء، لو حاول التخمين، أنه لن يسعهم تنظيم ثورة مضادة حقيقية في حال شعروا أن مكانتهم معرضة لخطر كبير.
ثالثاً، إنّ عملية إيجاد مكانة مرضية للجيش والقوى الأمنية في إطار نظام ديموقراطي جديد يقوم على المحاسبة بدأت بالكاد، وهي ستبقى تشكّل مصدر قلق لبعض الوقت. ويقوم الحل الأمثل على تولّي وزير دفاع مدني حماية مصالح الجيش. لكن بالنظر إلى طبيعة الجيش المصري خصوصاً، الذي يحظى بموازنة سرية ويتابع أنشطة اقتصادية هائلة وسرية بمعظمها، ويفتقر إلى القدرة العملية عموماً، فإنه سيرغب حتماً في ضمان أمنه الخاص أكثر من قبل، بدلاً من الاكتفاء بالأمن الذي يمنحه إياه تدبير بهذه البساطة.
رابعاً، من الضروري أيضاً إيجاد مكان، في أيّ نظام يبرز بعد الثورة، لقوى الإسلام السياسي. ويطرح ذلك، بنظر عدد كبير من العلمانيين، مشكلة أساسية. لكن هذه المهمّة باتت أسهل بكثير في ظلّ وجود منظمات مثل «الإخوان المسلمين» الذين شاركوا، أياً كانت شوائبهم، في السياسة الوطنية على مدى عقود، ويملكون بالتالي عدداً من المهارات الضرورية للمساومة والتفاوض على التحالفات.
فضلاً عن ذلك، وبالنسبة إلى إيجاد مكان للجيش في البنية السياسية الجديدة، يبقى من الضروري مواجهة هذه المشكلة التي لا يمكن تفاديها، ومن المهم تشجيع المحاولات الجدية بهدف إيجاد حلّ قابل للاستدامة بعد سنوات عديدة من محاولات الادعاء بأنّ المشكلة ليست موجودة.
خامساً وأخيراً، يتساءل البعض عن كيفية وضع حدّ نهائي للماضي السياسي الذي شاهدناه مؤخراً. وقد تعطي المحاكمات إجابة محتملة عن هذا السؤال. لكن ما السبيل لتوحيد عملية يتمّ خلالها تحقيق عدالة سياسية - كالضرر الذي لحق بجيل كامل، على حدّ تعبير الشباب المصري - باسم الشعب كله؟ من الواضح أنّ القضاة في محاكمة مبارك القائمة حالياً مدركون تماماً لهذه المسؤولية الكبيرة.
ومع ذلك، يبقى هذا الأسلوب بعيداً كل البعد عن الوسائل التي استخدمتها مفوضية الحقيقة والعدالة والتي حققت نجاحاً كبيراً في جنوب أفريقيا. وهنا كما في أي مكان آخر، يُعتبَر ما يحصل في مصر نموذجاً مهماً، وإن لم يكن مرضياً بالضرورة، عمّا يحصل أو قد يحصل في القسم المتبقي من العالم العربي.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.