تنفست ادارة البورصة والمستثمرون العاملون تحت مقصورتها الصعداء بعد قرار مجلس الوزراء بتعليق العمل بضريبة الارباح الراسمالية لمدة عامين .. وبين الحديث عن اخضاع فرض الضريبة وفرضها وتجميد جزء منها يتسائل البعض اذا كانت الضريبة حق للدولة عن اية مكاسب تجارية فلماذا رفضها مجتمع البورصة على هذا النحو؟. وقال وائل عنبة رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لمجموعة ادارة محافظ مالية لموقع اخبار مصر "مجتمع البورصة رفض الضريبة ليس رغبة في التهرب من الالتزام بالضرائب ولكن لانها تضر بالاستثمار ولن تساهم بشكل فعال في سد عجز الموانة العامة للدولة". واضاف ان وزارة المالية قدرت الحصيلة المتوقعة من الضريبة بنحو 10 مليارات جنيه في الموازنة الحالية وعلى ارض الواقع لم تحصل سوى نصف مليار جنيه. وذكر ان السياسة ضريبية لابد ان تحقق هدفا من ثلاثة ولن تتحقق اي منها في ضريبة البورصة، اولها تحقيق العدالة الاجتماعية بمعني ان تأخذ من الغني وتعطي الفقير وهذا غير متحقق في تلك الضريبة نظرا لان مستثمري البورصة ليسوا اغنياء ولكن في الاغلب اشخاص لديهم فائض يتجهون الى شركة لاستثمارة بالتالي بند العدالة الاجتماعية غير متحقق في اغلب الحالات. والهدف الثاني للضرائب – وفقا لعنبة – هي تشجيع الاستثمار وهذا غير متحقق ايضا في ضريبة البورصة حيث ان تلك الضريبة طاردة للاستثمار وساق مثالا قائلا "تراجع القيمة اليومية للتداول جراء الضريبة من 900 مليون جنيه الى 300 مليون وهو ما يوازي 1 على 1000 من تداولات بورصة السعودية و 1 على 100 من تداولات بورصة دبي". واورد ان من ضمن اهداف الضريبة تمويل الخزينة العامة وهذا ايضا غير متحقق نظرا لان حصيلة تلك الضريبة ضعيفة فلم تتجاوز نصف مليار بينما يبلغ عجز الموازنة العامة للدولة اكثر من 300 مليار. وذكر ان البورصة والعملة مؤشرين مهمين لاي دولة وانهيار احدهما يعد جرس انذار خطير لاي دولة. وعزا عيسى فتحي نائب رئيس شعبة الاوراق المالية باتحاد الغرف التجارية ازمة الضريبة جزئيا الى سوء اختيار توقيت فرضها وليس الضريبة في حد ذاتها مشيرا الى ان جزءا من نجاح اي قرار التدقيق في مدى ملائمة وقت صدوره. وقال "القرار جاء في وقت لا تطبق اي من دول المنطقة تلك الضريبة بينما تتمتع عدد كبير منها بظروف اقتصادية افضل .. نحن نمر بظروف صعبة ومع ذلك نلجأ الى امور تصعب الموقف وهنا لابد من طرح مجموعة من التساؤلات مثل هل تم تقدير الاثار الاقتصادية للضريبة على البورصة والدولة؟ .. وهل لا يوجد بديل للقرار؟". واضاف عادل عبد الفتاح مدير شركة للتعامل في الاوراق المالية ان خضوع التعاملات في بورصة مصر منفردة الى ضريبة ادى الى تدني قيم التداولات وهو ما يؤدي الى هروب المستتثمرين للاسواق المجاورة وضعف الشهية الاستثمارية مما يؤثر سلبيا على سمعة البورصة المصرية. وفي المقابل قال هاني توفيق رئيس الجمعية العربية للاستثمار المباشر ان فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية بالبورصة أمر منطقي وواجب التطبيق. وعزا ذلك الى ان اي مكسب لابد ان تقابله ضريبة وأكد أنه رغم ما تسببه تلك الضريبة من خسائر للبورصة والاسهم، إلا أن هذه خسارة وقتية ستتجاوزها السوق خاصة وأن الرؤية طويلة الأجل للسوق إيجابية. وبدأ الشد والجذب على ضريبة البورصة منذ 2010 عندما طرح يوسف بطرس غالي وزير المالية في حكومة احمد نظيف فكرة فرض ضرائب على البورصة دون وضع مقترح تفصيلي لتلك الفكرة. وفي يونيو 2011، ظهر أول مقترح واضح لفرض ضريبة بنسبة 10% على توزيعات الأرباح بالبورصة، وكان ذلك في عهد وزير المالية الأسبق سمير رضوان. وتراجع المجلس العسكري الذي كان يتولى شئون إدارة البلاد وقتها عن المقترح الحكومي، بعد 72 ساعة فقط من الإعلان عنها بعد أن أبدى عدد من المستثمرين والسماسرة استيائهم من الضريبة المقترحة، وحذروا من التأثير السلبي لها على مناخ الاستثمار وأداء البورصة. وتكرر السيناريو في نوفمبر 2012، حيث اقترح ممتاز السعيد، وزير المالية في حكومة هشام قنديل، فرض ضريبة على تعاملات البورصة، ووافق مجلس الوزراء عليها. وكانت الضريبة المقترحة حينها ستُفرض بنسبة 10 % على "أول تعامل على السهم والأرباح المحققة من إمتلاكه". ولم يصمد القرار طويلا، حيث قررت الحكومة عدم تطبيق تلك الضريبة، ولم يقرها مجلس الشعب أنذاك. وبحلول أبريل 2013، عاودت الحكومة التفكير فى فرض ضرائب على تعاملات البورصة تحت مسمي "ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة"، والتي قُدرت بنسبة واحد فى الألف على جميع عمليات شراء أو بيع الأوراق المالية مصرية كانت أو أجنبية داخل البورصة المصرية. وفي مايو 2014، اقترح وزير المالية هاني قدري فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية فى البورصة بنسبة 10٪، وضريبة على توزيعات الأرباح بالبورصة، ومع غضب المستثمرين، خفف قدري من الضريبة المقترحة ليعفي توزيعات الأسهم المجانية من الضريبة، والتوزيعات النقدية حتى 15 ألف جنيه. وفي يوليو 2014، فرضت حكومة المهندس ابراهيم محلب ضريبة على التوزيعات النقدية بواقع 10 % إلى جانب ضريبة أخرى بنسبة 10 % على الأرباح الرأسمالية المحققة من الاستثمار في البورصة. وبعد 9 اشهر من صدور القانون صدرت لائحته التنفيذية مما ادخل البورصة في دائرة مفرغة من الاداء العرضي منذ نحو 3 اشهر ومع طول مدة الاداء الباهت اصاب المتعاملين الملل والخوف من اتخاذ قرار استثماري انتظارا لما سيحدث في المستقبل.