في خطابه أمام مجلسي الشعب والشوري أكد الرئيس مبارك ان تجربة الانتخابات الأخيرة بما لها من ايجابيات وسلبيات هي خطوة علي الطريق, وأنها تطرح دروسا للتمعن فيها والاستفادة منها, وكان الرئيس في الاسبوع الماضي قد أدان السلوكيات السلبية التي حدثت من بعض المرشحين في بعض الدوائر أثناء اجتماعه بالهيئة البرلمانية للحزب الوطني الديمقراطي مشيرا إلي أنها سلوكيات سلبية ومرفوضة حاولت الافتئات علي إرادة الناخبين باستخدام المال.. واللجوء للعنف والترهيب. وأكد الرئيس مبارك أنه كرئيس لمصر كان يود لو حققت باقي الاحزاب نتائج أفضل, والاهم من كل ذلك أنه طالب الحزب الوطني وباقي الاحزاب بالتمعن في دروس الانتخابات الاخيرة بايجابياتها وسلبياتها دعما للتعددية وإثراء لحياتنا الحزبية والسياسية.هي دعوة للنظر الي المستقبل من خلال مراجعة كل الملفات والاستفادة من التجربة بايجابياتها وسلبياتها في إطار السعي إلي ترسيخ فكرة التعددية الحزبية والسياسية, فلا ديقمراطية حقيقية دون أحزاب قوية قادرة علي المنافسة والتداول السلمي للسلطة مراجعة التجربة تحتاج الي دعوة جديدة لحوار وطني جاد وصريح بين الاحزاب السياسية فيه من المكاشفة والمصارحة أكثر من اللقاءات البروتوكولية والتصوير لوضع تصور عقلاني ومقبول لمستقبل الاصلاح السياسي بما فيه النظام الانتخابي الامثل الذي ترضاه كافة الاحزاب والقوي السياسية, وما إذا كان من الملائم الاستمرار في النظام الفردي الحالي ام تغييره الي القوائم. النظام الفردي له مزاياه المهمة خاصة فيما يتعلق بالعلاقة المباشرة بين المرشح والناخب غير أنه يعاني العديد من المشكلات أبرزها زيادة حدة العصبية والقبلية وتنامي دور المال والبلطجة بشكل زاد عن الحد, وفي حالة وجود ضوابط واضحة لتلك السلبيات القاتلة يظل النظام الفردي هو الأقرب للتطبيق إلا إذا وافقت الاحزاب السياسية علي تعديل النظام الفردي إلي القوائم النسبية التي تساهم في دعم الاحزاب وتخفف من سلبيات النظام الفردي. لقد فتحت التعديلات الدستورية الاخيرة الباب واسعا لاختيار النظام الانتخابي المناسب دون تحديد لشكل هذا النظام وبالتالي لاشبهة في عدم دستورية القائمة.. تبقي فقط ضرورة دراسة الفكرة باهتمام والتوافق الحزبي والمجتمعي عليها لتطبيقها خاصة أنها نجحت في زيادة مقاعد الاحزاب خلال تطبيقها ونقلت المنافسة والصراع من الافراد إلي الاحزاب وبرامجها, وقللت مخاطر البلطجة والمال إلي أدني مستوياتها. علي الجانب الاخر لابد من التفكير بجدية في مستقبل اللجنة العليا ودورها وزيادة صلاحيتها واستمرار عملها بشكل دائم بحيث تكون هي الجهة الوحيدة المنوط بها تنظيم العملية الانتخابية من الالف إلي الياء بدءا من إعداد الكشوف الانتخابية, ومرورا باختيار المشرفين علي اللجان الانتخابية, وأنتهاء باجراء الانتخابات واعلان نتائجها, ولكي يتحقق هذا الامر يجب الا يقتصر عمل اللجنة العليا علي أيام الانتخابات فقط, وإنما تكون لجنة دائمة تعمل طوال الوقت سواء كانت هناك انتخابات ام لا ولها ميزانية مستقلة وصلاحيتها واضحة ومحددة بحيث تصبح هي المهيمنة علي ادارة العملية الانتخابية بالكامل. مبادرة الحوار الوطني لابد أن تنطلق من الحزب الوطني, وأمينه العام العام السيد صفوت الشريف يستطيع أن يطلق تلك الدعوة في التوقيت المناسب وأن كنت أتمني الا يتأخر طويلا لكي يلملم شمل الاحزاب, ويداوي جراحهم, ويستمع اليهم, ويتحاور معهم للخروج بوثيقة تدعم التعددية الحزبية وتستفيد من إيجابيات المرحلة السابقة وتتجاوز سلبياتها. إذا أخذ الحزب الوطني زمام المبادرة فلن ترفضها احزاب المعارضة رغم حالة التوتر والحزن التي تسيطر علي معظمها الآن لأنها في النهاية تبحث عن حلول للمشكلة وليس تصعيدها أو تعقيدها. تبقي بعد ذلك ضرورة أجراء حوار داخلي في الحزب الوطني ذاته ودراسة تلك التجربة بكل أبعادها والاستماع إلي أراء كل المرشحين, وخاصة في دوائر الترشيخ المزدوج لتوضيح ابعاد التجربة الانتخابية بكل ابعادها, وكشف دور أمناء المحافظات الذين حاولوا أفساد تلك التجربة بانحيازهم غير المبرر تحقيقا لمصالحهم الخاصة ورؤيتهم الشخصية متحدين تعليمات الحياد والمساواة بين المرشحين. نقلا عن صحيفة "الاهرام" المصرية