الناس فى الأحياء الشعبية لا تُصدق أن الرئيس موجود!
الناس فى المرج ودار السلام والمطرية والشرابية ومدينة السلام وإمبابة وبولاق يحلفون أن الرئيس ذهب للاعتكاف قبل موعده كى يدعو إلى الشعب.. ويصلى طوال الليل لحل مشكلاتنا التى لا يبدو أن هناك حلا لها.
الناس تُصدق الشائعة، وترددها، وتتناقلها، ولا تلتفت إلى نفيها، ليس فقط لأنهم تعودوا أن لا يثقوا فى بيانات الرئاسة، ولكن لأنهم لا يرون ما يثبت العكس!
المدهش أن هناك من يسهم فى نشر هذه الشائعة والترويج لها من داخل التيار الإسلامى مثل الدكتور عادل عفيفى رئيس حزب الأصالة، الذى قال إن اعتكاف الرئيس مرسى موضوع عادى جدًا ليس أزمة لإثارتها، ورغم أن هذا الأمر لن يرضى العلمانيين والليبراليين، مؤكدًا أن رأيهم وهجومهم الإعلامى ليس له أهمية على الإطلاق فى تأدية الرئيس سُنة مؤكدة.
الحقيقة أن الاعتكاف سُنة مؤكدة، لكن خدمة الناس فرض.
فقد قال الرسول، الله صلى الله عليه وسلم: «لأن أمشى مع أخى المسلم فى حاجة أحب إلىَّ من أن اعتكف فى المسجد شهرًا».
المشكلة ليست فى تصريحات هذا أو ذاك، لكن المشكلة الرئيسية أن أكثر من يروج لهذه الشائعة هو الرئيس مرسى ذاته. فالناس تسأل هو الرئيس فين؟! هل ما زال معنا؟ هل هو موجود فى مصر فعلا؟ هل تم قطع النور عليه وهو فى الحمام؟ هل تناول الإفطار فى الظلام؟ هل صلى التراويح فى مسجد، النور والمياه مقطوعان فيه؟ هل يعلم أن الشعب المصرى يعيش أسوأ أيام حياته؟ هل يعلم أن النور يقطع بالساعات فى كل الأماكن وأنه يقطع فى بعض المحافظات منذ اليوم الأول لشهر رمضان من بعد الإفطار وحتى السحور؟ وهل يعلم أن الدعوة المستجابة ساعة الإفطار تكون من نصيبه فى بعض الأحيان؟! هل يعلم أن أكوام الزبالة فى دار السلام صارت مثل الأهرامات فى الجيزة؟ وهل سمع عن فتنة دهشور؟ وهل عرف أنه تم تهجير الأقباط من منازلهم؟ وهل تحدث مع رئيس حكومته عن أهالى رملة بولاق ووضع حلا لهذه الأزمة؟!
الله وحده يعلم، إذا كان الرئيس يعلم ويسعى للحل أم لا! ومصيبة إن كان يعلم ولا يملك القدرة على التصرف وإدارة الأمور بسرعة وحكمة حتى لا تزداد تعقيدا، أما إن كان لا يعلم فالمصيبة أكبر وأعظم.
فالرئيس بعد شهر واحد فقط من خدمته الدنيا ضلمت «مياه ونور»! صحيح أن هذا ميراث مبارك، لكنه قرر أن يرثه، ولم يرغمه أحد على أن يأخذ مكانه، وعليه أن يصلح ما أفسده المخلوع، وأن يعتكف على خدمة الناس.
والاعتكاف لغة هو الافتعال، ومن عكف على الشىء، أى لازمه، وواظب عليه، والاعتكاف المطلوب من الرئيس الآن هو الاعتكاف فى دهشور حتى يعود الأقباط المهجرين إلى منازلهم، وداخل محطات الكهرباء، وداخل شركات المياه وأمام شركات النظافة.
إن هذا الاعتكاف وحده هو الذى يجب على الرئيس أن يفعله فى العشر الأواخر من رمضان إذا كان يريد أن يدعو الشعب له بدلا من أن يدعو عليه!