في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الدفاع الروسية أن مسار الطائرة الماليزية المنكوبة كان يقع في مرمى الدفاع الجوي الأوكراني، حمّل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كييف مسؤولية سقوط طائرة الركاب الماليزية الذي أودى بحياة 295 شخصا، هم ركابها وأفراد طاقمها. وأشار بوتين إلى أن هذه المأساة ما كانت لتقع لو "ساد السلام في هذه الأرض ولو لم تستأنف العمليات القتالية في جنوب شرق أوكرانيا". وأوعز بوتين للحكومة الروسية ببذل كل الجهود الممكنة للتوصل إلى الصورة الموضوعية للكارثة، كي تكون هذه الصورة واضحة بالنسبة للمجتمع الروسي والمجتمع الأوكراني وللعالم كله.
وذكر بوتين أنه قد أعطى تعليمات للأجهزة العسكرية الروسية بتقديم "المساعدات المطلوبة في تحري هذه الجريمة".
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية عن وجود منظومات دفاع جوي صاروخية من طراز "بوك" تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية في منطقة حادث تحطم الطائرة الماليزية.
والمعروف إلى الآن أن طائرة تابعة للخطوط الجوية الماليزية من طراز "بوينج 777" تحطمن الخميس 17 يوليو الحالي في سماء أوكرانيا أثناء قيامها برحلة من هولندا إلى ماليزيا. وسقط حطامها قرب بلدة سنيجنويه في منطقة تشهد معارك ضارية بين الجيش الأوكراني وقوات جمهورية دونيتسك الشعبية، الجمهورية التي أعلنها محتجّون يرفضون البقاء تحت سلطة العاصمة الأوكرانية كييف.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنه "توجد في منطقة الحادث المفجع وحدات من القوات المسلحة الأوكرانية تملك منظومات دفاع جوي صاروخية من طراز "بوك-إم1"، وهي منظومات قادرة على اكتشاف الأهداف الجوية من على بعد 160 كيلومترا وضربها من على بعد 30 كيلومترا.
ونوهت بأن الطائرة الماليزية حلقت خارج مجال عمل الدفاعات الجوية الروسية وتحطمت في المجال الجوي الأوكراني.
ومن جهتها قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن أجهزة الاستخبارات الأمريكية رصدت انطلاق صاروخ وتفجُّر الطائرة الماليزية، ولكنها لم تحدد المكان الذي انطلق منه الصاروخ.
من جانبه أعرب الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو عن خوفه من ترحيل الصندوق الأسود للطائرة الماليزية المتحطمة إلى موسكو لكشف حقيقة حادثها.
ووضع خبراء مستقلون للحادث احتماليْن، إسقاط الطائرة بصاروخ انطلق من الأرض أو تحطمها في عملية تفجيرية إرهابية. ومن جانبها سارعت كييف إلى اتهام "انفصاليين إرهابيين على اتصال مع روسيا" بإسقاط الطائرة. واتهم الرئيس الأوكراني بوروشينكو مَن سماهم الإرهابيين" بأنهم "يرغبون في ترحيل الصندوق الأسود للطائرة المتحطمة إلى موسكو لطمس الآثار. وقال فيتالي ياريوما النائب العام الأوكراني إن "قادة عسكريين أبلغوا رئيس الجمهورية بعد سقوط طائرة الركاب، أن الإرهابيين لا يملكون منظومات الصواريخ الأوكرانية "بوك" و"إس-300"، مضيفا أنه لم يتم الاستيلاء على هذه الأسلحة. يذكر أن صاروخاً اعتراضياً أوكرانياً تم إطلاقه أثناء تدريبات القوات الأوكرانية في عام 2001 أسقط طائرة ركاب تابعة لشركة طيران "سيبيريا" الروسية من طراز "تو-154 إم" كانت متجهة إلى مدينة نوفوسيبيرسك من تل أبيب. لقد فجَّرَت عملية إسقاط الطائرة الماليزية في الأراضي الأوكرانية جملة من الأسئلة والقضايا التي يمكن أن تفاقم الأوضاع في الداخل الأوكراني من جهة، وبين روسيا والولايات المتحدة من جهة أخرى. ففي الوقت الذي أكدت فيه السلطات الأوكرانية في كييف أن الطائرة أُسقِطَت بصاروخ (أرض – جو)، وجهت حكومة جمهورية دونيتسك الشعبية، المعلنة من طرف واحد، اتهامات مباشرة للقوات الأوكرانية بإسقاط طائرة الركاب الماليزية التي راح ضحيته 295 شخصا هم جميع من كانوا على متنها، وبينهم 15 من أفراد الطاقم. غير أن مصدرا في الوكالة الفيدرالية الروسية للنقل الجوي اعتبر أن طائرة الرئيس الروسي يمكن أن تكون الهدف المحتمل للصاروخ الأوكراني الذي أسقط الطائرة الماليزية. وقال المصدر الذي طلب عدم كشف اسمه إن مساري الطائرة الرئاسية الروسية "رقم 1" والطائرة الماليزية تطابقا يوم الخميس 17 يوليو في نقطة واحدة، وحدث ذلك قرب العاصمة البولندية وارسو على ارتفاع حوالي 10 كلم، حيث كانت تحلق طائرة الرئيس الروسي في الساعة 16 وعشرين دقيقة والطائرة الماليزية في الساعة 15 و44 دقيقة بتوقيت موسكو. وأشار نفس المصدر إلى أن الطائرتين متشابهتان من حيث شكلهما وحجمهما، أما لونهما فيبدو من مسافة بعيدة وكأنه نفسه لدى كلا الطائرتين. أعلنت شركة الطيران الحكومية الروسية "أيروفلوت" أن طائراتها ستقوم بتنفيذ رحلاتها دون الطيران فوق أراضي أوكرانيا، بعد كارثة طائرة الركاب الماليزية بمقاطعة دونيتسك. ومن جانبها حذت شركة "ترانس آيرو"، ثاني أكبر الشركات الجوية الروسية من حيث عدد ركابها، حذو "أيروفلوت"، معلنة أنه اعتبارا من اليوم ستنفذ رحلاتها إلى دول ثالثة دون المرور فوق المجال الجوي الأوكراني. وأشار متحدث باسم الشركة أنه منذ أشهر عدة لا تحلق طائراتها فوق أراضي مقاطعتي دونيتسك ولوجانسك، جنوب شرق أوكرانيا، حيث تواصل كييف عمليتها العسكرية ضد معارضيها.
أما شركة الطيران الألمانية "لوفتهانزا" فقد أعلنت أنها قررت وقف رحلاتها فوق أوكرانيا مؤقتا، مشيرة أنه اعتبارا من الخميس 17 يوليو ستحلق طائراتها عبر القارة الآسيوية. والمثير للتساؤلات، هو توقيت الحادث، الذي أثار الشكوك حول نوايا السلطات الأوكرانية، خاصة بعد أن طلب الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو مساعدات من حلف شمال الأطلسي لحماية أجوائه وفرض الأمن على الأراضي الأوكرانية. علما بأن أوكرانيا ليست عضوا في الناتو. وتفرض المشاهد الميدانية عددا من الروايات الخطيرة المثيرة أيضا للتساؤلات. فبعد نجاح القوات الأوكرانية في دخول مدينتي سلافيانسك وكراماتورسك نهاية الأسبوع الماضي، وإبعاد وحدات الدفاع الشعبي التابعة لشرق أوكرانيا، أعلن الرئيس بوروشينكو مواصلة العمليات العسكرية حتى "تحرير دونيتسك ولوجانسك". وقامت القوات العسكرية الأوكرانية بحشد معداتها وأفرادها في ضواحي مدينتي لوجانسك ودونيتسك بداية من الاثنين 7 يوليو الحالي. بينما بدأت قصف مواقع وحدات الدفاع الشعبي بداية من صباح الخميس 10 يوليو الحالي. ونجحت القوات الأوكرانية في السيطرة على عدد كبير من المعابر الحدودية بين أوكرانياوروسيا، ومن بينها منطقة "شاختيورسك" التي تمتلك معبرا حدوديا مع روسيا. ووقعت حادثة إسقاط الطائرة الماليزية فوق منطقة "شاختيورسك" تحديدا، ما يثير تساؤلات عديدة. هذا في الوقت الذي أعلنت فيه وحدات الدفاع الشعبي أنها لا تملك أسلحة مضادة للأهداف الجوية بعيدة المدى، مشددة على أن ما لديها من أسلحة لا يتجاوز مداه 5 كلم. بينما الطائرة الماليزية كانت تحلق على ارتفاع 10 – 11 كلم.