الحصر العددي لأصوات الناخبين بالدائرة الرابعة في أبو تشت بقنا    30 دقيقة تأخير على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الجمعة 5 ديسمبر 2025    أسعار الدواجن والبيض في محافظة أسوان اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    أسعار الذهب في أسوان ليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    أسعار الحديد في أسوان اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    من السواحل الشمالية إلى القاهرة، خريطة سقوط الأمطار المتوقعة اليوم    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    لسه ما شفتش الوجه الحقيقي، خليفة "أبو الشباب" يتوعد حماس من داخل مستشفى إسرائيلي    مراجعة فورية لإيجارات الأوقاف في خطوة تهدف إلى تحقيق العدالة    شوقي حامد يكتب: غياب العدالة    ضمن «صحّح مفاهيمك».. أوقاف المنيا تنظّم ندوة بعنوان «احترام الكبير»    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة قبيا غرب رام الله بالضفة الغربية    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    عصام عطية يكتب: الأ سطورة    وزير الأوقاف ينعي شقيق رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم    الأنبا رافائيل يدشن مذبح «أبي سيفين» بكنيسة «العذراء» بالفجالة    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    الصحة: الإسعاف كانت حاضرة في موقع الحادث الذي شهد وفاة يوسف بطل السباحة    صحة الغربية: افتتاح وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بمستشفى حميات طنطا    وست هام يفرض التعادل على مانشستر يونايتد في البريميرليج    دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة وأعظم الأدعية المستحبة لنيل البركة وتفريج الكرب وبداية يوم مليئة بالخير    عاجل- أكسيوس: ترامب يعتزم إعلان الدخول في المرحلة الثانية من اتفاق غزة قبل أعياد الميلاد    الجيش الأمريكي يعلن "ضربة دقيقة" ضد سفينة مخدرات    رئيس هيئة الدواء يختتم برنامج "Future Fighters" ويشيد بدور الطلاب في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية وتعزيز الأمن الدوائي    نجوم العالم يتألقون في افتتاح مهرجان البحر الأحمر.. ومايكل كين يخطف القلوب على السجادة الحمراء    دنيا سمير غانم تتصدر تريند جوجل بعد نفيها القاطع لشائعة انفصالها... وتعليق منة شلبي يشعل الجدل    فضل صلاة القيام وأهميتها في حياة المسلم وأثرها العظيم في تهذيب النفس وتقوية الإيمان    مصادرة كميات من اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمي بحي الطالبية    نتائج االلجنة الفرعية رقم 1 في إمبابة بانتخابات مجلس النواب 2025    ضبط شخص هدد مرشحين زاعما وعده بمبالغ مالية وعدم الوفاء بها    سبحان الله.. عدسة تليفزيون اليوم السابع ترصد القمر العملاق فى سماء القاهرة.. فيديو    البابا تواضروس الثاني يشهد تخريج دفعة جديدة من معهد المشورة بالمعادي    قفزة عشرينية ل الحضري، منتخب مصر يخوض مرانه الأساسي استعدادا لمواجهة الإمارات في كأس العرب (صور)    كأس العرب - يوسف أيمن: كان يمكننا لوم أنفسنا في مباراة فلسطين    بالأسماء.. إصابة 9 أشخاص بتسمم في المحلة الكبرى إثر تناولهم وجبة كشري    صاحبة فيديو «البشعة» تكشف تفاصيل لجوئها للنار لإثبات براءتها: "كنت مظلومة ومش قادرة أمشي في الشارع"    د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!    بعد إحالته للمحاكمة.. القصة الكاملة لقضية التيك توكر شاكر محظور دلوقتي    كاميرات المراقبة كلمة السر في إنقاذ فتاة من الخطف بالجيزة وفريق بحث يلاحق المتهم الرئيسي    رئيس مصلحة الجمارك: ننفذ أكبر عملية تطوير شاملة للجمارك المصرية    انقطاع المياه عن مركز ومدينة فوه اليوم لمدة 12 ساعة    فرز الأصوات في سيلا وسط تشديدات أمنية مكثفة بالفيوم.. صور    اختتام البرنامج التدريبي الوطني لإعداد الدليل الرقابي لتقرير تحليل الأمان بالمنشآت الإشعاعية    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    محمد موسى يكشف أخطر تداعيات أزمة فسخ عقد صلاح مصدق داخل الزمالك    مراسل اكسترا نيوز بالفيوم: هناك اهتمام كبيرة بالمشاركة في هذه الجولة من الانتخابات    أحمد سالم: مصر تشهد الانتخابات البرلمانية "الأطول" في تاريخها    محمد إبراهيم: مشوفتش لاعيبة بتشرب شيشة فى الزمالك.. والمحترفون دون المستوى    مصدر بمجلس الزمالك: لا نية للاستقالة ومن يستطيع تحمل المسئولية يتفضل    كيف يقانل حزب النور لاستعادة حضوره على خريطة البرلمان المقبل؟    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    أخبار × 24 ساعة.. وزارة العمل تعلن عن 360 فرصة عمل جديدة فى الجيزة    "لا أمان لخائن" .. احتفاءفلسطيني بمقتل عميل الصهاينة "أبو شباب"    ترامب يعلن التوصل لاتفاقيات جديدة بين الكونغو ورواندا للتعاون الاقتصادي وإنهاء الصراع    العزبي: حقول النفط السورية وراء إصرار إسرائيل على إقامة منطقة عازلة    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    سلطات للتخسيس غنية بالبروتين، وصفات مشبعة لخسارة الوزن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الدستور الأصلي يوم 02 - 05 - 2014

فى مطلع الأربعينيات غنى المونولوجيست محمود شكوكو من تلحين محمد عبد الوهاب «يا جارحة القلب بقزازة لماذا الظلم ده لماذا»، حقق شكوكو شهرة طاغية، وامتلك مشاعر الناس، حتى إنهم أطلقوا عليه شارلى شابلن العرب، وصارت ملامحه أيقونة للمصريين، يطيلون النظر إليه كلما أرادوا أن يتفاءلوا بالحياة، ويضحكوا للدنيا، إنه ملك المونولوج الأول، كما أنه استعاد مسرح العرائس والأراجوز من أجداده الفراعنة، وقدمه للجمهور ضمن برنامجه، فلقد كان هو الفقرة التى ينتظرها الجميع فى الحفلات الغنائية.فى حياة شكوكو موقف لم يسبق أن شاهدناه مع أى فنان من السابقين واللاحقين فى تاريخنا المعاصر، حيث إن المعجبين به صنعوا له تماثيل خاصة بزيه التقليدى الجلباب والزعبوط والعصا، ولم يكن ثمن الحصول على التمثال عملة نقدية كما هو متعارف عليه، لكن كانت الوسيلة أكثر بدائية، وهو ما يطلق عليه فى علم الاقتصاد المقايضة، أى أن الناس تشترى التمثال مقابل زجاجة مياه غازية فارغة، وعرف الشارع المصرى نداء صار لصيقا به وهو «شكوكو بقزازة»، المفروض فى الأحوال العادية أن تعاد هذه الزجاجات إلى الشركة لتعيد تعبئتها، ويحصل بائعها على نقود، لكن المفارقة هى أن رجال المقاومة من الفدائيين المصريين فى أثناء مناهضة الاستعمار البريطانى فى تلك السنوات كانوا يلجؤون إلى هذه الحيلة، ويستحوذون على تلك الزجاجات، ويضعون بداخلها المولوتوف لإلقائها على معسكرات الإنجليز، لإجبارهم على الرحيل عن حدود الوطن، وبالفعل كانت الضربات موجعة للعدو وبوسيلة قليلة التكلفة لم تستطع أن تتصدى لها بنادق ورشاشات الأعداء، ولم يدر شكوكو أنه بتمثاله صار رمزا للبطولة، وملهما للفدائيين، وعندما تناهى إلى سمعه تلك الخطة ازداد تشبثا بموقفه الوطنى، فلم يتراجع أو يتبرأ من هذا الفعل، الذى كان من الممكن أن يؤدى به إلى حبل المشنقة أو القتل رميا بالرصاص، بتهمة الخيانة العظمى، تلك هى علاقة الثقافة المصرية بزجاجة المولوتوف التى نلقيها فقط على من يغتصب الأرض.

وما أبعد الليلة عن البارحة بعد أن أصبح العالم يتابع كل يوم فى «ميديا» الإعلام خبر العثور على زجاجة مولوتوف متفجرة أو فى طريقها للاشتعال قبل أن تتوجه إلى شرطى أو جندى من الجيش أو تجمعات لمصريين على باب الله يلتقطون رزقهم، أو وهم بصحبة أطفالهم يمسكون بأيديهم فى طريقهم للمدرسة، صار البعض من أبناء الوطن يلقيها على أبناء الوطن، بعد أن أصبح السائد الآن أن نتحدث عن فريقين وفسطاطين، بل نغنى بكل أريحية «إحنا شعب وإنتو شعب»، ما الذى أصاب «جينات» بعض المصريين؟ وكيف هانت عليهم أرواح المصريين؟

تاريخ الزجاجة فى الثقافة الشعبية المصرية موغل فى القدم، وهى تستخدم للدلالة على الاستهجان عندما يوصف شاربها بأنه صاحب زجاجة، أو تتحول فى الأفلام القديمة إلى فعل قبيح أسود عندما تقول البطلة التى تم التغرير بها من الشرير بعد أن دفعها إلى منزله بخدعة زيارة أمه المريضة، وقبل أن تكتشف أغراضه الدنيئة كان قد زج لها فى الكأس من زجاجة مشروبا يطلقون عليها على سبيل الدلع والبراءة «حاجة أصفرة أو أحمرة» أدار عقلها وأفقدها من بعده أعز ما تملك، راجع مثلا هذا المشهد تحطيم قعر الزجاجة وتهديد البطل بسنها الحاد المشرشر، أو الإمساك بالراقصة ووضع الزجاجة على عنقها، لكن الشجيع لا يستسلم، ويتمكن فى المشهد الأخير من الانتصار ونزعها من يد الشرير، وهل ننسى تلك الأغنية التى ذاعت شهرتها فى العشرينيات من القرن الماضى «هات القزازة واقعد لاعبنى.. دى المزة طازة.. والحال عاجبنى».

هذه عى علاقتنا بالزجاجة فى التاريخ المعاصر بحلوه ومره، لكن ما يجرى بعد ثورة 30 يونيو فى الشارع المصرى يحيله إلى أثر بعد عين، فهو ليس مونولوجا ولا فيلما أبيض وأسود، الأمن يسعى فى الكشف عن أى خلية إرهابية تريد اغتيال الحياة، لكننا بين الحين والآخر لا نزال نستيقظ على صوت انفجار استخدمت فى تنفيذه زجاجة مولوتوف، بينما مشاعرنا تتوق إلى يوم يعيد إلينا الفرحة، إلى زمن شكوكو و«يا جارحة القلب بقزازة لماذا الظلم ده لماذا».

احتفل «جوجول» أمس بعيد ميلاد شكوكو 102، وأشارك المصريين بتلك الشمعة التى أعيد إشعالها مجددا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.