السلام على حضرتك الشريفة ، يا سيدى يا رسول الله ، ورحمة الله وبركاته . إسمح لى يا سيدى أن أتشرف بالحديث ، عن حضرتك الشريفة فى مناسبة مولدك الشريف ، تلك المناسبة العطرة التى تعطرت بها البشرية كلها، والتى كانت فاتحة الخير كله عليها ، فمولدك ياسيدى ، هو النور الذى أشرقت به الأكوان ، بعد ذلك الظلام الذى خيّم عليها ، وأحاط بها .
سيدى يا رسول الله ، يامن يتشرف اللسان بذكرك ، ويتحرق القلب شوقاً لحضرتك ، كيف لى أن أفى ، ولو بقدر بسيط ، لأى حق من حقوقك علي بل ، ومن أين للبشرية كلها بذلك ؟
لقد أقرت الألسن ، والأقلام بعجزها الكامل عن ذلك صراحة بعد أن حارت فى وصف محاسنك ، وأفضالك ، وقدرك العظيم ، الذى لا يعلمه سوى الخالق ، وحده سبحانه ، وتعالى .
لكن ياسيدى ما الحيلة ، وفى الحديث عن حضرتك الشريفة يجتمع للإنسان كل مواضع الشرف ، والفضل قاطبة . فإسمح لي يا حبيبى ، ونور عينى بهذا الشرف ، وهذا الفضل وإغفر لى تقصيرى ، يامن سمّاك رب العالمين ... الرؤوف الرحيم .
وهذا ما قد عبر عنه ، الإمام البوصيرى رحمه الله قائلاً : وأنسب إلى ذاته ماشئت من شرفٍ وأنسب إلى قدره ماشئت من عِظَمٍ فإن فضل رسول الله ليس له حد فَيُعرِب عنه ناطقٍ بفمِ وكما قال أيضاً : أعيا الورى فهم معناه فليس يُرى فى القرب والبعد فيه غير مقتحم فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كُلهمِ عزيزى القاريء .. بين يديك الآن ، مجموعة من أقوال بعض المستشرقين ، الذين بل بلغ بهم الإعجاب ، بشخصية الحبيب المصطفى ، صلى الله على حضرته وآله وصحبه وسلم مبلغه . فقد قال المهاتما غاندى : أردت أن أعرف الرجل الذى يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر . لقد أصبحت مقتنعاً كل الإقتناع أن السيف ، لم يكن الوسيلة التى من خلالها إكتسب الإسلام مكانته ، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول ، مع دقته ،وصدقه فى الوعود ، وتفانيه ، وإخلاصه لأصدقائه ، وأتباعه ، وشجاعته مع ثقته المطلقة فى ربه ، ورسالته . هذه هى الصفات التى مهدت الطريق ، وتخطت المصاعب ، وليس السيف . بعد إنتهائى من قراءة الجزء الثانى ، من حياة الرسول وجدت نفسى أسفاً ، لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة . المفكر الفرنسى لامارتين : إذا كانت الضوابط التى نقيس عليها عبقرية الإنسان هى سمو الغاية ، والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة . فمن ذا الذى يجرؤ ، أن يُقارن أياً من عظماء التاريخ الحديث ، بالنبى محمد (صلى الله عليه وسلم) فى عبقريته فهؤلاء المشاهير قد صمموا الأسلحة ، وسنوا القوانين ، وأقاموا الإمبراطوريات ، فلم يجنوا إلا أمجاداً بالية ، لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانيهم ، لكن هذا الرجل محمد (صلى الله عليه وسلم) لم يقد الجيوش ، ويسن التشريعات ، ويقم الإمبراطوريات ، ويحكم الشعوب ، ويروض الحُكام فقط ، وإنما قاد الملايين من الناس . فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ ليس هذا فقط ، بل إنه قضى على الأنصاب ، والأزلام ، والأفكار ، والمعتقدات الباطلة . هذا هو محمد (صلى الله عليه وسلم) الفيلسوف ، الخطيب ، النبى ، المُشرّع ، المُحارب ، قاهر الأهواء ، مؤسس المذاهب الفكرية ، التى تدعو إلى عبادة حقة بلا أنصاب ، ولا أزلام . هو المؤسس لعشرين إمبراطورية فى الأرض ، وإمبراطورية روحانية واحدة .. هذا هو محمد (صلى الله عليه وسلم). وبالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية ، أود أن أتساءل هل هناك من هو أعظم من النبى (محمد صلى الله عليه وسلم) ؟ برنارد شو : إن العالم أحوج مايكون ، إلى رجل فى تفكير محمد (صلى اللله عليه وسلم) هذا النبى الذى وضع دينه دائماً موضع الإحترام ، والإجلال فهو أقوى دين على هضم جميع المدنيات خالداً خلود الأبد ، وإنى أرى كثيراً من بنى قومى دخلوا هذا الدين على بينة ، وسيجد هذا الدين مجاله فى هذه القارة . (أوروبا)
السير موير : إن محمداً نبى المسلمين ، لُقّب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه ، وحسن سلوكه ، ومهما يكن هناك من أمر ، فإن محمداً أسمى من أن ينتهى إليه الواصف ، ولا يعرفه من جهله ، وخبير به من أمعن النظر فى تاريخه المجيد . ذلك التاريخ الذى ترك محمداً فى طليعة الرسل ، ومفكرى العالم .
المستر سنكس : إن الفكرة الدينية الإسلامية ، أحدثت رقياً كبيراً جداً فى العالم ، وخلّصت العقل من قيوده الثقيلة ، التى كانت تأسره حول الهياكل بين يدى الكُهان . لقد توصل محمد (صلى الله عليه وسلم) بمحوه كل صورة من المعابد ، وإبطاله كل تمثيل لذات الخالق المطلق ، إلى تخليص الفكر الإنسانى من عقيدة التجسيد الغليظة .
مايكل هارت : إن إختيارى محمداً ليكون الأول فى أهم ، وأعظم رجال التاريخ قد يُدهش القراء ، ولكنه الرجل الوحيد فى التاريخ كله ، الذى نجح أعلى نجاح على المستويين .. الدينى ، والدنيوى . تولستوى : يكفى محمداً (صلى الله عليه وسلم) فخراً أنه خلّص أُمة ذليلة دموية ، من مخالب شياطين العادات الذميمة ، وفتح على وجوههم طريق الرُقى ، والتقدم ، وأن شريعة محمد (صلى الله عليه وسلم) ستسود العالم لإنساجمها مع العقل ، والحكمة .
شبرك النمساوى : إن البشرية لتفخر بإنتساب رجل كمحمد (صلى الله عليه وسلم) لها ، إذ أنه بالرغم من أميته إستطاع قبل بضعة عشر قرناً ، أن يأتى بتشريع سنكون نحن الأوروبين ، أسعد ما نكون إذا توصلنا لقمته .
بورسورث سميث : لقد كان محمداً (صلى الله عليه وسلم) قائداً سياسياً ، وزعيماً دينياً فى آن واحد ، لكن لم تكن لديه عجرفة رجال الدين ، كما لم تكن لديه فيالق مثل القياصرة ، ولم يكن لديه جيوش مجيشة ، أو حرس خاص ، أو قصر مُشيد ، أو عائد ثابت ، إذا كان لأحد أن يقول أنه حكم بالقدرة الألهية ، فإن محمد (صلى الله عليه وسلم) لأنه إستطاع الإمساك بزمام السلطة ، دون أن يملك أدواتها ، ودون أن يسانده أهلها .
مونتجومرى : إفتراض أن محمداً (صلى الله عليه وسلم) مدع إفتراض يثير مشاكل ، ولا يحلها بل إنه لا توجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين ، لم تنل التقدير اللائق بها ، مثل محمداً (صلى الله عليه وسلم) .
هذه مقتطفات بسيطة ، من بعض أقوال بعض المستشرقين على سبيل المثال ، لا الحصر عن سيد البشر أجمعين ، فمن ذا الذى يستطيع أن يفى ، ولو بجزء بسيط من حق سيد المرسلين وإمامهم صلوات الله ، وتسليماته عليهم أجمعين .
صلى الله عليك ، وسلم يا سيدى يا رسول الله فى كل لمحة ، ونفس عدد ما وسعه علم الله . وأحسن منك لم تر قط عينى وأجمل منك لم تلد النساء خُلقت مبرّأ من كل عيب كأنك قد خُلقت كما تشاء كل عام ، ومصر ، والبشرية كلها بخير ..