بين التهويل والتهوين يأتى قرار ترشيح فيلم مصرىّ للاشتراك فى مسابقة الأوسكار لهذا العام، نعم هى خطوة صغيرة جدا ولكن مَن قال إن الخُطوات تُقاس فقط باتساعها، فى الحقيقة كان موقفا مهمًّا وحتميًّا لكى تشارك السينما المصرية فى تلك المسابقة أفضل فيلم أجنبى، نعم جئنا فى اللحظات الأخيرة، التعبير الصحيح هو اللحظات بعد الأخيرة لأن الوقت كان قد مضى قبل أن يتم إنقاذ الموقف بمبادرة من السيناريست محمد حفظى الذى نبَّه الدولة إلى هذا الخطأ، وعلى الفور وباستجابة مشتركة من نقابة السينمائيين وجبهة الدفاع عن حرية الإبداع تم تشكيل لجنة من عدد من السينمائيين لتدارك الخطأ أو الخطيئة لو قررنا اختيار اللفظ الملائم. أتمنى أن لا نبالغ فى مشاعرنا تجاه ترشيح فيلم مصرى للمشاركة فى مسابقة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبى، كنت واحدا من بين تسعة شاركوا فى الاختيار لنلحق بالموعد النهائى قبل أن تضيع الفرصة وتقدمت اللجنة بفيلم إبراهيم بطوط «الشتا اللى فات». الأصل فى عمل اللجنة هو أن تختار من بين كل إنتاج السينما المصرية الذى تم عرضه جماهيريا وأن لا تستبعد مبدئيا أيًّا من الأفلام حتى التجارى منها، وهذا هو ما حدث رغم أن بعض الاجتهادات الصحفية من عدد من الزملاء قد أشارت إلى أن المنافسة بين ثلاثة فقط «عشم» ماجى مرجان و«هرج ومرج» نادين خان و«الشتا اللى فات»، ربما رأى البعض فيها أنها تحمل لغة سينمائية عصرية من الممكن أن تستوقف أعضاء أكاديمية الفنون والعلوم الأمريكية، ويجب ملاحظة أن مصر لم تشارك إلا فى هذا الفرع فقط، إلا أنه حدث قبل نحو عشر سنوات أن تمكَّن الممثل هشام عبد الحميد من عرض فيلمه «خريف آدم» إخراج محمد كامل القليوبى تجاريًّا فى إحدى الولاياتالأمريكية وأصبح من حقه من الناحية النظرية المشاركة داخل المسابقة العامة ويومها حدث انفلات صحفى، وكان الإعلان المصاحب لتلك الواقعة هو أن مصر تغزو الأوسكار لأول مرة، والوحيد الذى صمت وقتها ولم يتحدث هو كاتب ومخرج الفيلم القليوبى لأنه كان يعلم الحقيقة وهى أننا نشارك لأننا انطبقت علينا الشروط الشكلية. أنتظر فى العام القادم أن يشارك أيضا فيلم خالد النبوى «المواطن» فى نفس المسابقة العامة لأنه عُرض بالفعل فى أمريكا قبل أيام وأصبح من حقه نظريا الترشح، أى أنه يتنافس على 24 جائزة، وهى عدد العناصر الفنية فى الفيلم التى تمنحها الأكاديمية، وأتمنى أن لا نبالغ فى التناول الإعلامى خصوصا أن الفيلم لم يُعرض حتى الآن فى مصر، وأظنه سيجد صعوبة شديدة فى إيجاد عدد من دور العرض تتحمس لعرضه لأسباب متعلقة باسم البطل، حيث يشترط أن يلعب البطولة نجم شباك وهذا بالطبع غير متوفر فى حالة خالد النبوى، ولكن دعُونا لا نستبق الأحداث للحديث عن أوسكار 2014 خصوصا أن فيلم «المواطن» الذى سبق لى أن شاهدته فى مهرجان «أبو ظبى» العام الماضى لا يحمل الجنسية المصرية، الإنتاج أمريكى والمخرج سورى هو سام قاضى، وبالتالى فهو من الناحية القانونية لا يمثّل السينما المصرية.
ونعود إلى أوسكار 2013، لن أذيع أسرار اللجنة ولكن علينا فى كل الأحوال أن لا نغالى كثيرا فى الأمنيات وأننا مع استبعاد مرات قليلة لم نتمكن فيها من الاشتراك فى أوسكار أفضل فيلم أجنبى كانت لنا أفلام فى تلك المسابقة على مدى تجاوَز نصف قرن، عدد من الزملاء عندما تردد أن مصر تسعى للاشتراك قللوا من قيمة هذه الخطوة باعتبارها لن تضيف شيئا وأن حالتنا السينمائية المتردية لا تدعو للتفاؤل، وما يقوله الزملاء به الكثير من الصحة، ولكن يظل أن الوجود حق لكل دول العالم وأتصور أن هناك خمس دول عربية ستشارك هذا العام فى تلك المسابقة بينها السعودية ولبنان والجزائر والمغرب ولهذا كان ينبغى أن لا تغيب مصر.
أتمنى أن نصل بفيلم «الشتا اللى فات» إلى القائمة قبل النهائية التى تشمل خمسة عشر فيلما، وتعلن قبل التصويت النهائى بنحو شهرين أى فى مطلع العام الجديد، نعم لدينا أمل ليس فى الجائزة ولكن فى الترشح، والأمر بالفعل لا يحمل تهوينا ولا تهويلا ولكن وعلى رأى أم كلثوم «أنا عندى أمل».