يبدو أن المفاوضات مع خاطفي الجنود في سيناء في طريقها نحو الحائط المسدود، فالجيش المصري لن يصمت طويلًا، والتعزيزات العسكرية المتجهة إلى سيناء تنذر بعملية عسكرية واسعة ضد الجماعات الإسلامية المنتشرة فيها. القاهرة: تصاعدت أزمة الجنود المصريين المختطفين من قبل الجماعات الجهادية في سيناء، بعد تعثر المفاوضات التي تجري على مدار اليوميين الماضيين، بسبب إصرار الجماعة الخاطفة للجنود السبعة على إطلاق سراح جميع السجناء من الإسلاميين، وعودتهم إلى سيناء بطائرة عسكرية، ما اعتبرته السلطات في مصر "لي ذراع"، ما يمس هيبة الدولة. وتجري القوات المسلحة والشرطة إستعدادات كبيرة للقيام بعملية عسكرية للإفراج عن الجنود بعد تحديد مكان إحتجازهم، في حالة وصول المفاوضات إلى طريق مسدود. ويقود المفاوضات مع الجماعات الجهادية القيادي السلفي الدكتور عماد عبد الغفور، مساعد رئيس الجمهورية، وعدد من العناصر الجهادية في مصر، إضافة إلى قيادات بجماعة الإخوان المسلمون، وزعماء قبليون في شمال سيناء. غير مشروعة وفقًا لمصادر في جماعة الإخوان المسلمون، تعثرت المفاوضات بسبب إصرار الجماعات المسلحة على إطلاق سراح جميع السجناء الإسلاميين في السجون، منذ أحداث طابا التي وقعت في العام 2004، وإنتهاءً بالمعتقلين الثلاثة على خلفية الخلية التابعة لتنظيم القاعدة، التي خططت لتفجير السفارة الفرنسية. ووصفت المصادر تلك المطالب بغير المشروعة، لاسيما أن غالبية السجناء صدر بحقهم أحكام قضائية، مشيرةً إلى أنهم يطالبون بإصدار قرار رئاسي بالعفو عنهم. ولفتت إلى أن رئاسة الجمهورية رفضت هذا المطلب، ووعدت بتحسين أحوالهم في السجون، وعدم التعرض لهم، وفتح تحقيقات حول إدعاءات تعرضهم للتعذيب. ونبهت المصادر إلى أن الوفد بقيادة الدكتور عماد عبد الغفور، والذي يضم رموزًا بالتيار الإسلامي في مصر، تفاوض مع الجماعات على إلقاء السلاح، وعدم توجيهها إلى صدور المصريين، أو إستفزاز إسرائيل من خلالها. وأوضحت أن هذا السلوك يضر بالأمن القومي المصري، ويساهم في إسقاط النظام الحالي والقضاء على المشروع الإسلامي. الرئاسة غاضبة قالت مصادر الإخوان إن الوفد تحدث إلى رموز الجماعات المسلحة في سيناء من أجل إلقاء السلاح، وعدم إستخدامه ضد الدولة أو إسرائيل، مشيرة إلى أن المقابل هو عدم ملاحقتها ما دامت ستكف عن إستخدام العنف. وأضافت أن الهدف عدم منح إسرائيل وأميركا الذريعة من أجل التدخل في شؤون مصر، بحجة محاربة الإرهاب، منوهة بأن الجماعات الإسلامية خرقت إتفاقًا سابقًا مع السلطة بعدم إستخدام السلاح خارج نطاق الدولة. ولفتت المصادر إلى أن الرسالة التي حملها الوفد تفيد بأن السلطة، وخصوصًا مؤسسة الرئاسة، غاضبة جدًا من توجيه السلاح إلى صدور المصريين وترويعهم، بالإضافة إلى أنها غاضبة أيضًا من إطلاق صاروخين بإتجاه إسرائيل أخيرًا، ما أوحى للخارج بأن سيناء خارج سيطرة الدولة، تحت سيطرة الجماعات المسلحة التي تهدد الإستقرار، ليس في مصر فقط بل في المنطقة كلها. حملة عسكرية أستبعد الدكتور عماد عبدالغفور، مساعد رئيس الجمهورية لشؤون التواصل المجتمعي، رضوخ الدولة لأي مطالب غير مشروعة يطلبها خاطفو الجنود السبعة في شمال سيناء. وأضاف في تصريحات تليفزيونية مساء أمس الجمعة: "لم تجر أي مفاوضات بشأن الجنود المختطفين، ولم ألتق بممثلين عن الخاطفين، وقمت فقط بإجراء اتصالات هاتفية مع إخواننا وأبنائنا بشمال سيناء"، مشيرًا إلى أن الأمر برمته في يد الجهات الأمنية والقوات المسلحة. ويأتي هذا الأمر في الوقت الذي بدأت فيه القوات المسلحة والشرطة الإستعداد للقيام بعملية عسكرية واسعة من أجل تحرير الجنود. وقال مصدر عسكري ل"إيلاف" إن هناك تحضير عسكري ضد الجماعات المسلحة، مشيرًا إلى أن الدولة لن تخضع لإبتزاز الجماعات الإرهابية، حتى ولو كانت على علاقات ببعض الجماعات التي تمسك بالسلطة في الوقت الراهن. أضاف: "الجيش أعلن للرئيس أن لا سبيل لتحرير الجنود وإستعادة هبية الدولة إلا من خلال عملية عسكرية قوية وواسعة، لكن الرئيس يفضل عدم إراقة دماء المصريين، حتى ولو كانوا من الجماعات المسلحة في سيناء، لكن عملية تطهير سيناء والقضاء على الجماعات الإرهابية لن يكون إلا بالدماء، ما دموا يحملون السلاح، ويريدون الإنشقاق عن الدولة وإعلان سيناء إمارة إسلامية". صبرنا نفد وقال مصدر عسكري لوكالة الأنباء الألمانية: "صبرنا بدأ ينفد ويدفعوننا للمواجهة"، مشيرًا إلى أن الأجهزة الأمنية لا يمكن أن تصمت طويلًا على ما وصفه بمهزلة خطف الجنود ومن بينهم جنود تابعين للقوات المسلحة. أضاف: "نعطي مساحة للتفاوض مع الخاطفين إلى حين تعثرها، لكن الخاطفين يدفعوننا للأسف للمواجهة بتعنتهم الشديد". وتابع قائلاً: "ما زالت المفاوضات جارية مع الخاطفين، وسط توقعات بحدوث مواجهة أمنية في حال استمرار تعنتهم، عقب وصول تعزيزات أمنية كبيرة إلى سيناء". ودفعت القوات المسلحة، أمس الجمعة، بتعزيزات كبيرة من مدرعات ومجنزرات ومصفحات وجنود وقوات صاعقة من الجيش الثالث الميداني، وتمركزت وسط سيناء.