كنت أتابع في البداية ما يجري بين المخرج «أحمد عاطف» ومهرجان «الصورة» الذي يقيمه المركز الثقافي الفرنسي علي هذا النحو، المركز لم تكن لديه دراية كاملة بتفاصيل مشاركة فيلم «شبه طبيعي» للمخرجة الإسرائيلية «كارين بن رافيل» وأن المخرج الشاب نبه المركز إلي هذا الخطأ غير المقصود، وعلي هذا فإن عليه بعد أن يتم اتخاذ اللازم ويستبعد الفيلم من الجدول أن يواصل عمله في لجنة التحكيم.. والذي دعم هذا التوجه هو أن «لطيفة فهمي» المسئولة عن المركز أرسلت بالفعل «إيميل» ليس به الفيلم المذكور.. واتصلت بمديرة المركز وقالت لها طالما تم استبعاد الفيلم فلا توجد مشكلة ووجدت أن مشاركة «كاملة أبو ذكري» في لجنة التحكيم بعد اعتذار «أحمد عاطف» موقف إيجابي من «كاملة».. ثم قطعت الاتصالات بين كل الأطراف واكتشفت أن الفيلم عاد مرة أخري للجدول فكان الموقف المصري من عدد كبير من الجهات الرسمية وغير الرسمية المشاركة بسحب الأفلام مثل مهرجان المركز القومي، معهد السينما، عدد من مخرجي السينما المستقلة ثم بيان يوقع عليه عدد كبير من المثقفين يقاطعون المهرجان؟! أعتقد أن المهرجان كان لديه تشويش في الصورة.. صحيح هو من حقه طبقاً للقانون الدولي أن يدعو ويعرض ما يشاء من أفلام خاصة أن الفيلم المذكور ليس إنتاجاً إسرائيلياً ولكنه من إنتاج معهد السينما الفرنسي، ولكن علي الجانب الآخر كان عليه أن يضع في المعادلة أنه يقيم تظاهرة في حي المنيرة بالقاهرة وليس علي شاطئ «الريفييرا» في مهرجان «كان» السينمائي الذي يقدم كل عام أفلاماً إسرائيلية، والسينمائيون في مصر ومنهم «أحمد عاطف» إذا تقدم بفيلمه إلي مهرجان «كان» ووافقت إدارة المهرجان فسوف يسارع بإعلان المشاركة دون أي غضاضة لكن علي أرضنا فإن الأمر يختلف.. مهرجان «الصورة» واحد من المهرجانات الجادة التي تقام منذ ست سنوات وسبق وأن شاركت في لجان تحكيمه أكثر من مرة ولم يحدث في دوراته الخمس السابقة أن سمح بعرض أفلام إسرائيلية أو بها مخرج إسرائيلي.. كنت أعتقد أن المهرجان يدرك تلك الحساسية فهو يعلم تماماً أنه إذا استخدم حقه في أن يستضيف فيلماً به شبهة إسرائيلية فسوف يؤدي هذا لا محالة إلي إثارة البلبلة بين قطاع عريض من المثقفين فلا يوجد مهرجان بدون هذه الدائرة.. وزارة الخارجية الفرنسية التي فرضت علي المركز عرض فيلم «شبه طبيعي» ربما لم تقدر خطورة هذا القرار ولكنني أراه في كل الأحوال يخاصم المنطق والدبلوماسية فما المكاسب الثقافية التي تعم علي المركز إذا فتح هذا الباب الذي لن يستطيع أحد إغلاقه؟!.. وما جدوي إقامة مهرجان علي أرض مصر وهناك مقاطعة شبه جماعية من قبل القطاع المستهدف للمهرجان؟!.. هل الدبلوماسية عناد؟ وهكذا فإن الصورة في مهرجان «الصورة».. طلعت «وحشة»!!