ما كان يتردد همسا فى واشنطن خلال الأيام الماضية كتب عنه علنا.. وبالتفاصيل. إذ كشف السناتور الديمقراطى كريس كوونز، الذى كان ضمن الوفد الأمريكى (برئاسة السناتور جون ماكين) الزائر لمصر فى الفترة الماضية، أن الرئيس المصرى محمد مرسى فى لقائه معهم حذر أعضاء الكونجرس من إعلام أمريكى يسيطر عليه اليهود. وذكر السناتور كوونز للصحفى جاش روجن بمجلة «فورين بوليسى» أن الرئيس مرسى وهو يحاول أن يشرح ما قاله، وأن يفسر ما نقل عنه حول «اليهود» و«القردة والخنازير» قال: «أعتقد بأننا كلنا نعرف أن وسائل الإعلام (الميديا) فى الولاياتالمتحدة (كبرت الموضوع)، ونحن نعرف أن الميديا فى الولاياتالمتحدة تتحكم فيها بعض القوى وهم لا ينظرون لى بالإيجاب (أو التعاطف)». وحرص التقرير الصحفى الذى نقل أجواء اللقاء الذى تم الأسبوع الماضى أن يذكر بأن الرئيس مرسى ألمح إلى أنه كان ضحية لميديا أمريكية يديرها ويحركها اليهود. وأن اللقاء استمر 90 دقيقة، وأن الوفد الأمريكى كان يضم سبعة من أعضاء مجلس الشيوخ. وحسب ما قاله السناتور كوونز: «إننا حاولنا أن نعطى فرصة للرئيس مرسى بما أنه الآن الرئيس فى أن يضع تعليقاته السابقة فى سياق مختلف، لأنه كان قد زعم أن ما قاله تم اجتزاؤه ووضعه خارج السياق. وكما نقلت فإن كلماته بدت مهينة جدا وغير لائقة. ولم يتردد السناتور وهو ينقل للكاتب مشهد اللقاء فى أن يقول «بأنه كان حوارا صعبا». وذكر السناتور أن الرئيس مرسى أبلغ أعضاء مجلس الشيوخ أن قيم الإسلام تعلّم احترام المسيحية واليهودية. وبأنه ليست لديه آراء سلبية حول اليهودية واليهود. ثم تحدث عن إسرائيل والخطوات الصهيونية ضد الفلسطينيين، خصوصا فى غزة. بعدها أشار إلى الإعلام الأمريكى ومن يتحكم فيه. وأشار السناتور إلى أن اللقاء بعد هذه النقطة أخذ منحى سلبيا للغاية لبعض الوقت. وأن هذا المنحى هدد بالفعل اللقاء بأنه قد ينتهى، وبالتالى قد لا نتمكن من الاستمرار فى الحوار. وقد شدد أكثر من سناتور لمرسى بأن إذا كان يقول بأن الانتقادات لتعليقاته أثيرت بسبب اليهود فى الميديا فإن هذا القول لهو أكثر إهانة من التعليقات نفسها التى قيلت فى عام 2010.
وقد حرص كاتب «فورين بوليسى» أن يسأل السناتور كوونز عما إذا قام مرسى بتسمية «اليهود» تحديدا بأنهم هم القوى التى تتحكم فى الميديا الأمريكية. فقال كوونز إن كل أعضاء الوفد يعتقدون أن التلميح كان واضحا وذكر: «إنه لم يقل (اليهود) إلا أننى شاهدت (الصدمة) (فى لغة الجسد) لدى باقى الأعضاء، واعتقدت بأنه من المستحيل أن أستنتج أى شىء آخر»، وقال كوونز أيضا: «إن مرسى لم يقل اليهود هم (الذين كبروا الموضوع) إلا أنه قال ما معناه بأن الاستنتاج الوحيد الذى تصل إليه هو ما ألمح إليه هو (مرسى). كما أن النقاش احتدم كثيرا بعد ذلك (حسب وصف كوونز)، مما دفع بالسناتور ماكين ليقول فى لحظة ما لأعضاء الفريق: «أوكى، لقد ضغطنا عليه بأقصى ما يمكن أن نقوله فى حدود الدبلوماسية». وأضاف كوونز «ثم واصلنا مناقشة العديد من القضايا».
واختتم السناتور كوونز تصريحاته قائلا: «أنا أقدر بأنه (الرئيس مرسى) يحترم ويدرك الأهمية الحيوية للعلاقة الأمريكية المصرية، إلا أنه من الواضح أن جهدا كثيرا يجب أن يبذل قبل أن نشعر بارتياح من أنه يحترم القيم الأمريكية»، مضيفا «أن ضمان تحرك علاقة إيجابية إلى الأمام لأمر مهم، ومن مصلحة أمريكا القومية، ولكن نحن أيضا لا نستطيع أن نقف جانبا ونتسامح مع التعصب والكراهية من جانب زعماء أجانب».
وقد أصدر السناتور ماكين بيانا بعد اللقاء، ليذكر فيه أن أعضاء مجلس الشيوخ «أعربوا عن عدم قبولهم بشدة لما قيل من تعليقات ل(مرسى)، وأنهم مع الرئيس مرسى أجروا مناقشة بناءة حول هذا الأمر». وذكر أيضا أن أمورا أخرى تم مناقشتها خلال اللقاء منها معاهدة السلام مع إسرائيل، وأزمة المنظمات الأمريكية غير الحكومية فى مصر، والوضع الأمنى فى سيناء، والوسائل المتعددة لمساعدة الاقتصاد المصرى، بالإضافة إلى الأزمة فى سوريا والعراق وأمور أخرى. كما أن الرئيس مرسى والوفد الأمريكى اتفقوا على أن العلاقات الأمريكية المصرية حيوية، وأن المساعدات الأمريكية لمصر جزء مهم من الحفاظ على تلك العلاقات ما دام أن مصر مستمرة فى التقدم نحو الديمقراطية.
ويرى بعض المراقبين أن هذا الأمر (ما فجرته «نيويورك تايمز» الأسبوع الماضى)، ورد فعل مرسى لم يكن مجرد «سحابة وعدت»، ولا يمكن أن يكون، وأنه «ما زال فى الذاكرة والحسبان»، إذ نجد أن بالأمس فقط نقلت «وول ستريت جورنال» و«ديلى بيست» عن «فورين بوليسى» بعضا مما كشف عن هذا اللقاء فى مصر. ومن المنتظر أن يتكرر الحديث عن مرسى وما قاله عن اليهود. وكان البيت الأبيض قد أدان ما نقل عن محمد مرسى وطالب بتوضيح الأمر. وقامت الرئاسة المصرية بالرد أولا بأن ما كشف عنه «مجتزأ» و«خارج السياق»، ثم عادت من جديد لتوضح وتشرح من خلال بيان للدكتور عصام الحداد وجهة نظر الرئيس فى ما يخص احترام العقيدة وما أثاره مرسى. وجاء رد فعل الخارجية بأن البيان الأخير «خطوة أولى جيدة» ولكن.. بمعنى أنها فى حاجة إلى خطوات أخرى.
وفى سياق متصل، حرص الإعلامى الشهير، شان هانيتى، فى برنامجه بشبكة «فوكس نيوز» أن يهلل ويحذر ويصرخ وينتقد بشدة إدارة أوباما خلال اليومين الماضيين، لأنها أرسلت الدفعة الأولى من المقاتلة «F14» إلى مصر، وتساءل: كيف يمكن «تسليح العدو» (حسب وصف الشبكة) على أساس أن مصر يحكمها الإخوان المسلمون ورئيسها مرسى «شكك فى ما حدث يوم 11 سبتمبر»، كما أنه قال ما قال عن اليهود.. وتم عرض من جديد لقطات من الفيديو إياه. وكانت 4 طائرات مقاتلة من طراز «F14» قاعدة جوية فى دالاس (بولاية تكساس) فى طريقها إلى مصر. هذا ما أكدته صباح الثلاثاء شبكة «فوكس نيوز دوت كوم» المتابعة والواقفة بالمرصاد منذ فترة لهذه الصفقة من «F14» المبرمة بين أمريكا ومصر. وبالطبع أثيرت ضجة كبرى حول هذه الصفقة (التى تحوى 20 مقاتلة)، بالإضافة إلى 200 دبابة من طراز «أبرامز» من جانب اليمين الأمريكى المتشدد ومنهم أعضاء جمهوريون فى الكونجرس. وهم يرفضون تسليح مصر أو تزويدها بتكنولوجيا عسكرية رفيعة المستوى فى الوقت الحالى، على أساس أن جماعة الإخوان المسلمين أتت إلى السلطة. ومن المقرر -حسب الجدول الزمنى المعلن من قبل- أن يتم إرسال باقى المقاتلات حتى نهاية العام الجارى.