الربابة هي آلة موسيقية قديمة وبسيطة، فهي تتكون من وتر واحد للعزف عليها، وهي جزء أصيل من التراث البدوي، وأكثر من يستعملها هم الشعراء والمنشدون والمدّاحون. وتُعتبر الربابة السمة الأساسية التي تميز مجالس شيوخ البادية، ويرتبط بها البدو ارتباطا كبيرا لأنها تتناسب مع الطبيعة الصحراوية التي يعيشون فيها، من حيث أدوات تصنيعها وملاءمتها لمعيشتهم. وتصنّع الربابة من الأدوات البسيطة المتوفرة لديهم، مثل: خشب الأشجار وجلد الماعز أو الغزال وشعر الخيل. هناك العديد من القصص التي تناقلتها الأجيال حول قصة اختراع الربابة، فقد قيل إن أول من صنعها هم العرب الرحّل في شبه الجزيرة العربية، وهناك من قال إنها هندية الأصل، وآخرون قالوا إنها عراقية الأصل. ولعل أقرب هذه القصص إلى الصحة، أنه ذات يوم نشب خلاف بين رجل وزوجته واتهم الزوج زوجته اتهاما باطلا، فقررت الزوجة أن تترك بيتها وتذهب إلى بيت أهلها، بعد ذلك أدرك الزوج أنه مخطئ وحاول أن يصالحها ويرجعها إلى بيتها، فقالت له: "لن أعود حتى يتكلم العود" وكانت تقصد عود الشجر أو الخشب، فاحتار الرجل في ذلك الأمر وذهب لعجوز حكيمة من أهل قبيلته وحكى لها ما حدث فقالت له إن الأمر بسيط، فقالت له احضر عودا من نبات صحراوي يُسمى "العوسج"، ثم اخرق رأس هذا العود من الأطراف واحضر جلد حوار (ابن الناقة) وشعر من ذيل الخيل، فأحضر لها ما تريد، فقامت بحشو هذا الجلد بأوراق النباتات، فقالت له اربط شعر الخيل في العود الذي خرقته واعزف الآن فعزف فإذا بالعود يصدر لحنا، فأسرع به لأهل زوجته وطلب مقابلتها ليقول لها إنه فعل المستحيل لإرضائها وجعل العود يتكلم، فصالحته ورجعت معه إلى بيتها، ومنذ ذلك الحين اشتهرت هذه الآلة وعُرفت باسم الربابة. وتُعدّ الربابة من الآلات الوترية البسيطة، حيث تتكون من: قوس من الخشب، وجلد الماعز بعد إزالة شعره وتجفيفه، حيث يشد الجلد على مربع مستطيل من الخشب من ناحيتي الوجه والظهر، وتدخل في هذا المستطيل عصا مستديرة، ويمد على الجلد شعر من ذيل الخيل وهو الوتر، ويرفع عن الجلد بقطعة صغيرة من الخشب مثلثة الشكل تسمى "الغزال"، وللحصول على الأنغام يتم تمرير وتر آخر على الربابة مصنوع أيضا من شعر ذيل الخيل ومثبت على عصا خشبية مستقيمة. أجزاء الربابة: الهيكل هو عبارة عن عصا طويلة تمثل عنق الربابة والتي يثبت عليها الوتر الوحيد ويثبت أسفلها طارة الربابة، وفي أعلاها مجرى يثبت به الكراب الذي يعمل على شد الوتر من أسفل العصا لأعلاها مارا بطارة الربابة. الطارة وظيفتها تكبير الذبذبات الناتجة عن الوتر المشدود عليها، وهي عبارة عن كتلة خشبية مفرغة يتم شد جلد الماعز أو الغزال عليها من جهة والجهة الأخرى يتم ثقبها. السبيب وهو الوتر، ويصنع من مجموعة من شعر ذيل الحصان، ويصنع منه وتر الربابة ووتر القوس ويجمع ويثبت بواسطة خيوط متينة. الكراب هو قطعة خشبية تثبت بأعلى العصا، يتم بها شد وتر الربابة إلى الدرجة المطلوبة. القوس يصنع في الغالب من عود الرمان أو الخيزران لمرونته، ويشد عليه وتر آخر. الغزال هو قطعة خشب رفيعة توضع تحت الوتر من أسفل لترفعه عن الطارة، حتى لا يلامسها عند العزف والضغط عليه. المخدة هي قطعة قماش صغيرة توضع تحت الوتر من أعلى لترفع الوتر عن ساق الربابة ووظيفتها كوظيفة الغزال في الجهة المقابلة. وقد عرف العرب 7 أشكال من الربابة، وهي: المربع، والمدوّر، والقارب، والكمثرى، والنصف كروي، والطنبوري، والصندوق المكشوف. وتختلف ألحان الربابة حسب إمكانيات كل عازف، فهناك من يكون مُلمّا ببحور الشعر، وهي: الهجيني، والمسحوب، والصخري، والسامري، وهناك من ليس لديه دراية بأي منها ويجتهد في تكرار عزف مقطوعات سمعها من قبل. انتقلت الربابة إلى أوروبا بعد الفتح الإسلامي للأندلس، وتغيرت تسميتها، ففي فرنسا سُميت ب"رابلا"، وفي إيطاليا سُميت ب"ريبكو"، وفي إسبانيا سُميت ب"رابيل". يعتبر فن العزف على الربابة موروثا شعبيا قديما شارف على الاندثار، وهو من الفنون القديمة عند سكان البادية، حيث كانوا يستخدمونها في احتفالاتهم في مناسباتهم الاجتماعية والأعياد، ويعزفونها في مجالسهم ومسامراتهم، ويكون معروفا فيما بينهم عازف الربابة ليعزف لهم مقطوعاته التي يطربون لسمعها، وعرف أيضا عن بعض أبناء البادية حب اقتنائها ووضعها في مكان بارز في بيوتهم تعبيرا عن تمسكهم بها وبموروثاتهم، ولكن الآن بدأ هذا الفن في الاندثار والغياب.