إعدام مبارك وعدم وجود مندسين كان أهم ما نقلته الصحف عن النيابة اليوم (الخميس)؛ فقد سحبت أخبار القضية والتسريبات التي تمت عن مرافعة النيابة البساط من تحت كل الأخبار؛ حتى أخبار الجولة الثالثة من الانتخابات. ففي المصري اليوم احتلت أخبار المحاكمة أحد المانشيتات الرئيسية لتوضّح مفاجأة النيابة التي فجّرتها داخل قاعة المحاكمة؛ بأن أجهزة الدولة لم تتعاون ولم تساعد في البحث عن أدلة إدانة مبارك وأعوانه؛ إلا أنهم تبنوا وجهة النظر المتشائمة؛ فصدّروا في الصفحات الداخلية قول النيابة بأن "التوصل للفاعل الأصلي في قتل المتظاهرين مستحيل".
ومع هذه الأجواء التي من المفترض أن تبعث على بعض التفاؤل؛ إلا أن الواقع يوضح أنها زرعت الكثير من الشك في النفوس.. ولعل هذا ما جعل عدد الحاضرين للتظاهر أمام قاعة المحكمة يقلّ تدريجيا؛ حتى إنه لم يحضر في جلسة أمس إلا 8 أسر للشهداء و 4 من أبناء مبارك فقط.
المصري اليوم استغلت أجواء المحاكمة واتهام مبارك في قضية تصدير الغاز لإسرائيل؛ لتنشر خبرا عن ارتفاع أسعار الكهرباء في إسرائيل بسبب سقوط مبارك، وتوقف تصدير الغاز؛ الذي أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار الطاقة هناك، وحدوث أزمة كهرباء.
وعلى عكس المصري اليوم جاءت الأهرام بمانشيت رئيسي كبير أكدت فيه أن "لحظة القصاص تقترب".. ونجد هنا أن النيابة قد أكدت كون الضباط والجنود هم مَن أطلقوا الأعيرة النارية من فوق الجامعة الأمريكية؛ مشيرين لكون عمليات الدهس التي تمّت بمدرعات الشرطة كانت عمليات منهجية مدبّرة لإرهاب الثوار.
أما جريدة الأخبار؛ فقد ركّزت على امتهان مبارك وحكومته للمصريين؛ مدققين على تعبير النيابة بأن "مبارك اعتبر الشعب عبيدا وحيوانات".
وكذلك اتبعت الأخبار نهج الأهرام في التفاؤل؛ مؤكدة أن الأدلة ضد مبارك دامغة؛ مبشّرةً المصريين بتأكيدات النيابة بأن عقوبة مبارك قد تصل إلى الإعدام شنقا.
وكانت الأخبار الجريدة الوحيدة التي صدّرت تأكيد النيابة على عدم وجود عناصر أجنبية أو مندسّة، في تصريح ينفي الاتجاه العام الذي يتهم الأصابع الخفية دائما بكل ما يتعلق بأحداث قتل المتظاهرين، وقد شددت النيابة على أن المندسين لم يقتلوا المتظاهرين؛ ولكن الشرطة فعلت.
أما جريدة التحرير فإن مانشيتها الرئيسي أيضا قدّم تفسيرا جديدا لتأخر مبارك عن الحضور إلى المحاكمة؛ خلافا لقصة الشبورة المائية التي عطّلت الطائرة -والتي تبنّتها كل وسائل الإعلام- فقد وضّحت التحرير أن مبارك قد رفض الذهاب إلى أكاديمية الشرطة، والمحكمة هي من أصرّت على إحضاره.
في الوقت نفسه؛ فقد ألقت الجريدة الضوء على مطالبات الحقوقيين بفتح تحقيق مع رئيس الحكومة الأسبق أحمد شفيق، على ضوء تصريحات النيابة بعدم تعاون أجهزة الدولة مع النيابة؛ متهمين إياه هو ووزير داخليته (محمود وجدي) بالتواطؤ والتقصير في جمع أدلة قتل الشهداء.
أما جريدة الشروق؛ فقد تجاهلت محاكمة مبارك تماما في مانشيتاتها الرئيسة؛ مكتفية بخبر في النصف الأخير من الصفحة الأولى، أكدت فيه أيضا موقف النيابة من ضرورة إعدام مبارك.
ولكن الشروق وضّحت أن النيابة تملك أدلة ورقية وفنية تُدين مبارك ورجاله بقتل المتظاهرين.
وفي النهاية؛ فمهما اختلف أو اتفق الكثيرون مع المحاكمة؛ فهناك من يراها غير مجدية، ولن تُدين مبارك، وهناك من يراها ظلما فادحا للرئيس المخلوع، وهناك من يُعلّقون آمالا عريضة على هذه المحاكمة ونتائجها.
إلا أنها غالبا ستبقى في صدارة الأخبار حتى اللحظة الأخيرة للنطق بالحكم؛ سواء كان في مصلحة المتهمين أو في مصلحة الثورة.