رفعت فياض يكتب: نصيحتي لكل الناجحين في الثانوية العامة.. لا تلتحق بأي كلية استخسارًا للمجموع أو على غير رغبتك    على رأسها البتكوين، انخفاض أسعار العملات المشفرة اليوم الجمعة    الديكتاتور!    أخبار الرياضة اليوم: الأهلي يكتسح البنزرتي التونسي بخماسية.. الزمالك يسقط بهدف أمام وادي دجلة.. أحمد عبد القادر يرفض عرضا أجنبيا جديدا لهذا السبب    فوت ميركاتو: سعود عبد الحميد إلى تولوز الفرنسي    البدري يتصدر.. أهلي طرابلس ينتصر في بداية مرحلة سداسي تتويج الدوري الليبي وخسارة كهربا    "ناصر" يلحق بأبنائه الستة بالمنيا.. وقبر العائلة يُفتح للمرة السابعة في 14 يومًا    فيديو وصور- الجمهور يحاصر أمير كرارة وهنا الزاهد بالعرض الخاص لفيلم "الشاطر" في دبي    وزير الخارجية يفتتح مصنع «سيلتال» المصري لإنتاج الأجهزة الكهربائية في السنغال    محافظ قنا يزور أديرة نقادة استعدادًا لانطلاق مهرجان الحرف التراثية    خارجية فلسطين تثمن دور مصر الداعم لحقوق الشعب الفلسطينى    «الخطيب هو إللي عمل كدة».. نقاش حاد على الهواء بين إكرامي وأحمد سليمان    التحالف الوطني: جاهزون لاستئناف قوافل دعم الأشقاء في غزة فور عودة حركة المعابر لطبيعتها    زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى مزيد من التمويل لمواصلة الحرب ضد روسيا    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء.. والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية يتابع جهود الفرق الطبية باحتفالات العيد القومي    علاقة التوتر بارتفاع ضغط الدم وتأثيره على صحة القلب    لدمج ذوي الهمم في سوق العمل| فرص جديدة بمنشآت القطاع الخاص في الإسكندرية    أحمد سعد ل علياء بسيوني: «كل سنة وانتي فاكهة حياتي» | شاهد    الشيوخ اختبار الأحزاب    «الجوز» ومرض السكري.. وجبة مثالية بفوائد عديدة    حدث في 8ساعات| دخول 161 شاحنة مساعدات لقطاع غزة.. وموعد انكسار الموجة شديدة الحرارة    بالأسماء.. إصابة 8 عمال زراعيين في انقلاب سيارة على صحراوي البحيرة    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    ترامب: لم نركز على اتفاقية تجارية مع كندا    ضبط مواد غذائية غير صالحة وسجائر مجهولة ودقيق مهرب بالإسكندرية    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    ترامب: أُفضل الدولار القوي رغم فوائد انخفاضه لقطاع التصنيع    أنوشكا: تخوفت من فارق السن مع كريم فهمي في «وتقابل حبيب» (فيديو)    «ابتدينا» لعمرو دياب يواصل اكتساح منصات الموسيقى العربية    أسعار حديد التسليح مساء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    «كونغرس العربية والصناعات الإبداعية» يعقد فعالياته في أبوظبي    مهرجان البحرين السينمائي يكشف عن هويته الجديدة ويستعد لدورة خامسة تحت شعار قصص عظيمة    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يواصل جهودة لدعم التصنيع الغذائي في مصر    جيسوس يوجه رسالة إلى جماهير النصر    الجيش اللبناني يُشارك في إخماد حرائق بقبرص    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    ثلاثي وادي دجلة إلى نصف نهائي بطولة العالم لناشئي الاسكواش    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    برنامج تأهيلي مكثف لنجم الهلال السعودي    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    شرطة النقل تضبط 1411 قضية متنوعة في 24 ساعة    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    متحف الفن المعاصر بجامعة حلوان يستعد لاستقبال الزوار    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    فلكيا.. مولد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل الوطن.. اربط البقرة جيدًا!
نشر في بص وطل يوم 19 - 10 - 2011


سأحكي لكم قصة..
ذات يوم اجتمع بعض الشياطين على قمة جبل يطل على قرية.. أراد أحد الشياطين أن يستعرض قوته فقال لإخوته: "يمكنني أن أحرق تلك القرية بقليل من الجهد"، ثمّ انطلق ليثبت لهم قدرته على تحقيق قوله.
خلال ساعات قليلة كانت القرية كتلة من اللهب، فما الذي جرى؟
ببساطة كان أهل القرية يدين بعضهم بالإسلام والبعض الآخر بالمسيحية، وكانوا يعيشون منذ قرون سويا..
أثناء ممارستهم حياتهم اليومية توجّهت دميانة -زوجة المقدّس دانيال- بعجينها لجارتها فاطمة لتخبزه لها، وضعت فاطمة رضيعها على أرض الزريبة، ثمّ أخذت في رصّ العجين في الفرن وهي تحكي مع جارتها.. لفاطمة بقرة انفكّ رباطها، فتحركت باتجاه دميانة التي ضربت ظهر البقرة بكفّها لتزيحها، فتحركت البقرة لاتجاه معاكس وداست رضيع فاطمة فقتلته!
صرخت فاطمة ونشبت مخالبها في جارتها، جاء المقدس دانيال لينقذ زوجته، فصفع الأم الثكلى لتوّها، عثمان -زوج فاطمة- جاء على صوت صراخ زوجته ليرى جاره يصفعها ورضيعهما جثة على الأرض، لم يتمالك نفسه فهوى بنبّوته الثقيل على رأس المقدّس فقتله..
جاءت أسرة القتيل لتطلب الثأر، فهرع شاب من أقارب عثمان إلى صحن مسجد القرية وصاح أن "النصارى يريدون قتل عثمان وفاطمة"، سمعه جرجس بالصدفة، فانطلق للكنيسة القريبة واستغاث بمسيحيي القرية من "المسلمين الذين يريدون إفناء المسيحيين"..
جاءت كل عائلة بسلاحها ومشاعلها، تقاذفوا الموت رصاصا ونارا وطعنا بالسكاكين، انطلقت رصاصة طائشة للجُرن فأسقطت "لمبة جاز".. اشتعل الجرن وسرت النار في الأسقف الخشبية للبيوت، وخلال ساعة واحدة تحوّلت القرية لشعلة من النار والموت والجنون..
انبهرت جماعة الشياطين بما صارت إليه القرية، نظروا متسائلين لزميلهم فقال ببساطة: "لم أفعل سوى أن فككتُ رباط البقرة!".
هناك دائما "رباط البقرة" الذي ينتظر شيطانا يعبث به ويترك البقرة لتكمل الباقي وتقوم باللازم.. المشكلة أننا دائما ما ننسى كم أن رباط البقرة واهٍ مهترئ ينتظر من يحله أو يمزقه.. لا يفكر أحدهم في وضع حل جذري لإصلاح الرباط أو حتى استبداله.. تشتعل النار في كنيسة ويسقط الضحايا فيخرج المسيحيون للشوارع؛ للاحتجاج على انتهاك دار عبادتهم، نسارع باستدعاء القسيس إياه والشيخ إياه ونصوّرهم الصورة إياها وهما يتبادلان القبلات، ثمّ نعود لمشاغلنا باعتبار أن البقرة ما زالت مربوطة.. لا داعي للقلق إذن.. تتردّد الشائعات من اللامكان عن الفتيات المسلمات المختطفات في الأديرة، تخرج الجحافل السلفية تطالب بإطلاق سراح أختنا فلانة أو علانة، يقع الصدام ويتراشق الجانبان الاتهامات، وربما تسقط ضحية هنا أو هناك على سبيل كسر حدة الملل.. لا مشكلة! هناك دائما ذلك الشيخ ذو الملامح الوقورة وذلك القِسّ ذو الملامح المتسامحة، ومرة أخرى نكتشف كم هما "فوتوجينيك"، وكم أن أغنية "يبقى أنت أكيد في مصر" تصلح لكل المواقف!
وحين نتحدث عن أن كل هذه مسكّنات لمشكلة تحتاج للتعامل الجدي نجد من يصيح بنا "كفى هراء.. البقرة مربوطة يا حمقى فلا تزعجونا!".
ينتشر فيديو لمسيحية تصرخ في عرض الطريق وسط مظاهرة حاشدة -أغلب من بها مسيحيون- أنها فخورة بأنها "كافرة" بدين دموي وعنيف وعدواني كالإسلام، وقبلها تخرج تصريحات من شيخ مسلم شهير أن "صبرنا على الأقباط لن يدوم".. يتشبث بعض المسلمين بالفيديو، يشرعون سبّاباتهم صائحين أن هاهو الدليل على أن المسيحيين يكرهوننا ويسبّون ديننا ويشوّهون صورتنا، بينما "يشبط" بعض المسيحيين في تصريحات الشيخ، ويولولون أن "الدار دار أبونا والغُرب بيطردونا!".. تحاول أن تتحدث بعقلانية للطرفين أن هذه التصريحات وتلك لا تنم عن مرض أصاب عقل وأخلاق المسلمين فقط أو المسيحيين فحسب، بل هي أعراض لإصابة فئة لا بأس بها من المجتمع المصري -منها المسلم والمسيحي على حد سواء- بمرضَي التعصب والجهل.. فتجد مسيحيًا يتهمك بأنك تحاول تلزيق التهمة فيهم، وتسمع مسلما يتهمك أنك تتودد ل"النصارى" على حساب ولائك لدينك.. الفأر يلعب في عبّك فتنظر للبقرة لتجدها منطلقة مرحة مبرطعة مفكوكة الرباط تنتظر أول غفلة منك لتتسبب في مصيبة!

تسمع في أحداث إمبابة الشيخ المدّعي الذي يصيح: "إننا ما نبقاش رجّالة لو ما ولعناش في الكنايس"، وترى في أحداث ماسبيرو الراهب المزيّف الذي يقوم بمجهود رائع في شعللة الغضب المسيحي..
تحاول أن تتبع الخيوط وصولا لمن يعبث برباط البقرة من بعيد، فتقف في طريق مسدود بالأفعال المبنية للمجهول من نوعية "قيل".. "تردّد أن".. "انتشرت شائعة".. "سُمِعَ".. وحين تطالب بالتحقيق الرسمي الجدّي في هوية هذا "المجهول - المعلوم" تشعر بتلك الكفّ الرسمية على كتفك وتسمع صوتا ظاهره النصيحة وباطنه التهديد يقول لك: "هيييه.. يا صديقي.. لا تثِر الشائعات والقلاقل، فهذا يعطل عجلة الإنتاج ويوقف دولاب العمل".. وترى في عين خيالك إصبعا رسميا كبيرا يلوح في وجهك بالويل لو حاولت "العبث بثورة الشعب المصري العظيم"!
تترك كل هذا لتجد رباطًا مفكوكًا وآثار أقدام البقرة خارج الحظيرة.. تتبعها لتجدها تركض مرحة في عرض الطريق، تدهس هذا وتنطح ذاك.. تهرع لتمسكها وتجرّها لتعيد رباطها فتسمع وراءك أكثر من نفير سيارة غاضب مع سباب بذيء أو اثنين مع العبارة الأيقونية الشهيرة "وقفتم حال البلد!" أخيرًا تعيدها لمكانها وتربطها، وقد قررت أن تخرج على الناس وتنبههم إلى أن رباط البقرة مهترئ ولم يبقَ به احتمال "للتلصيم"..
تخرج للميدان وتقف على أعلى بناياته.. تستعد للنداء في القوم أن انتبهوا.. تتردد لحظة وأنت تتذكر أن خير خلق الله -صلى الله عليه وسلم- حين جمع الناس من فوق الجبل لإفاقتهم من غفوة عقولهم سبّه شر الناس وقال له: "تباً لك سائر اليوم.. ألهذا جمعتنا؟".. تتردد مشفقًا وأنت تتساءل: "إن كان هذا قد جرى للرسول فماذا قد يصيبني؟".. تتذكر أن الله مع كلمة الحق أياً كان قائلها.. تصيح.. تنادي الناس، يلتفّون حولك.. تشرح لهم الموقف و"ينبحُّ" صوتك في إنذارهم "البقرة عصبية والحبل ضعيف".. "لا فائدة من التلصيم".. لا بد من حبل جديد أو وضع باب قوي للحظيرة أو حتى ذبح البقرة لو لزم الأمر"..
يصمت الجميع لحظات ثم تهب العاصفة، هذا يسبّك وهو متربع فوق الكنبة وأكوام من التراب تتربع على كتفيه "يخرب بيوتكم.. خربتم البلد!".. وذاك ينظر لك مشفقًا وهو يقول متصنعًا الحكمة: "مافيش فايدة".. تصيح بك امرأة قبطية ترتدي السواد أنك متعصب، ويبصق عليك شاب ملتحٍ وهو يصفك ب"الرويبضة الناهش في لحوم العلماء المسمومة"، تنقذ نفسك في آخر لحظة من شاشة تليفزيون عملاقة كادت تهوي على رأسك ومن شاشتها يطل "لُغْد" يرتدي بدلة ومنظارًا غليظًا يقول بعبارات فخمة ضخمة أن "مصر غير مهددة بالفتنة.. وتلك شائعات مغرضة من بعض الجهلة الذين لا يفهمون طبيعة الشعب المصري العظيم الحنون!".. أحمد سبايدر يمزّق ثيابه ويلطم وهو يصرخ أنك ماسوني تريد إثارة الفوضى الخلاقة.. وفي الخلفية يتداخل ذلك الصوت المعدني البارد ذو النبرة العسكرية بتصريح أن "كل شيء تمام.. ليس في الإمكان أفضل مما كان.. الثورة تسير في مسارها الطبيعي.. الطبيب طمأننا بصور السونار، وأكّد أن ما يجري هو الآلام الطبيعية لمخاض الديمقراطية!".. مع أغنية -بالتأكيد- "يبقى إنت أكيد في مصر!".. تهوي معنوياتك للحضيض، تدير ظهرك لهم وقد قررت الاستسلام، فتفاجأ بمينا دانيال وسيد بلال وخالد سعيد، وخلفهم مظاهرة من أكثر من ألف شهيد، كلهم ينظرون لك شزرًا وعلى وجوههم علامات خيبة الأمل!تغمض عيناك بقوة.. تفتحهما لترى عقارب الساعة الفوسفورية تشير للخامسة فجرًا..
تجلس أمام الكمبيوتر وتشغله.. تفتح فيس بوك لتجد صديقًا قد وضع لك فيديو على البروفايل.. تفتح الفيديو فتجده عرضًا لمشاهد جميلة: وقفة مسلمين ومسيحيين بالشموع أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية، شاب مسيحي يمسك بيد أخ له في الدين يحمون ظهور إخوة لهم في الوطن يصلّون في ميدان التحرير، فتاة مسيحية في اعتصام الميدان تصبّ الماء لتساعد شابًا مسلمًا على الوضوء، كل هذا على خلفية موسيقى حماسية لعمر خيرت.. وكما هو معروف في مقالب الفيديو الشهيرة، تفاجئك وسط اندماجك صورة بقرة تقفز في وجهك مع صوتها المفزع العالي، فتقفز فزعًا من مكانك!
تستجمع أنفاسك، تشعر بحالة إحباط تجتاحك، فتقرر أن تنضمّ للمطمئنين على رباط البقرة، تفتح البروفايل وتضع Profile picture صورة لهلال وصليب متعانقين وقد تلونا بألوان العلم المصري، ثم تعود لفراشك وأنت تجاهد لإقناع نفسك أن هذا يكفي للحفاظ على رباط البقرة من الانحلال! لكنك في قرارة نفسك تعلم جيدًا أنك ستستيقظ وقد قررت أن عليك -وعلينا جميعًا- القيام بما هو أكثر من ذلك لمنع البقرة من أن تنطلق وتهلك الحرث والنسل!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.