في الزمن الصعب، عندما يتحول كفاحك لتجد "لقمة عيشك" إلى تحدٍّ، وإيجاد جدران تحميك تحدٍّ أكبر، ووسط كل هذا أن تجد نفسك وتعبّر عنها تحدٍّ أكبر وأكبر، فما بالك بذوي الاحتياجات الخاصة وهم يقبلون هذه التحديات بل وينجحون في مواجهتها وفي التعبير عن أنفسهم بلغة الفن والتي هي بالفعل.. أبلغ من أي كلام. قد يكون الصمت أحيانا خير من الكلام.. ولكن من منا يتحمل الصمت الإجباري؟، فهكذا يعيش كل من يولد أصمّ محاولا التكيف مع صمته ويتحداه بتعلم لغة الإشارة لكي يستطيع التعبير..
وهنا تأتي قمة الإبداع فمجموعة من الصم لم يعبّروا بالإشارة فقط، بل وصلوا لقمة التعبير الراقي بحركات إيقاعية كأنغام العصافير وأصبحوا من أشهر الفنانين على خشبة المسرح بفضل صرخة الفنان رضا عبد العزيز التي أطلقها بتأسيس فرقة من الصامتين للأداء الحركي، وهي أول فرقة استعراضية من الأطفال والشباب ذوي الاحتياجات الخاصة من فئة فاقدي السمع، لتجسد الفن المسرحي المتمثل في حركات إبداعية مع لغة الإشارة ممتزجة بالموسيقى لإيصال فكرة بسيطة إلى جمهور المسرح.
تكونت هذه الفرقة عام 2005 على سيمفونيات الموسيقار العالمي الأصم بيتهوفن، وتدرب أعضاء الصامتين على يد مخرجهم ومؤسس الفرقة الذي اختار لهم اسما هو "الصامتون" ليكون اسم فرقتهم وتعبيرا عن عالمهم الصامت.
وقد حققت فرقة "الصامتون" نجاحات رائعة في مختلف دور العرض المحلية والعربية، وأشادت بها مختلف المهرجانات الدولية والقومية والفنية كالمهرجان الدولي السابع للفن المسرحي الحديث بدار الأوبرا المصرية وأيضا المركز الثقافي الفرنسي، وأعجب بهم وفد اتحاد المعاقين الفرنسيين والسفير الأمريكي السابق بالقاهرة فرنسيس ريتشارد دوني، ووصفوها بأنها إضافة للثقافة المصرية والعربية وطالبوا وزارة الثقافة المصرية بتبني الفرقة ونشر تجربتها في مختلف مدن ومحافظات مصر وتصديرها للعالم.
وعلى صعيد المعاش تعاني فرقة "الصامتون" من ضعف التمويل بالرغم من الاهتمام الإعلامي بها؛ نظرا لظروف أعضائها الخاصة كما يقول رضا عبد العزيز مؤسس الفرقة لوسائل إعلام عالمية مثل ال CNN ووكالة رويترز.
وعلى الصعيد الأدبي نُشر لرضا كتاب "الدراما والطفل الأصم" وضع فيه عصارة تجربته مع الصُّم ونقلها بصدق لكل العالم، وحصل هذا الكتاب على إشادات عدة من قسم حماية الطفولة بمنظمة اليونيسيف الدولية والمركز الثقافي الفرنسي والمركز القومي لثقافة الطفل المصري.
قمة الإبداع والرقي عندما تراهم في صفوف منظمة يتمايلون ويتراقصون على أنغام سيمفونيات بيتهوفن، تسعد لرؤيتهم وتنبهر لتعبيرات وجوههم الطفولية بعد كل عرض فرحين مرحبين بالجمهور، وهم يتبادلون التهنئة بالإشارات بمزيج من المشاعر الإنسانية النافذة إلى القلوب دون أي كلمة منطوقة، فاستطاع الصامتون كسر حواجز الصم وتغيير ظروف حياتهم وأصبحوا من أشهر الفرق العالمية المسرحية على مستوى العالم..
الصامتون * تنمية ذاتية اضغط على الصورة لمشاهدة الجاليري: