تحدّثنا في العدد الماضي عن التقنيات العديدة التي قضى عليها انتشار الهواتف المحمولة، واليوم نستكمل الحديث عن نفس الموضوع. أجهزة تحديد المواقع GPS تعود هذه الأجهزة إلى عام 1990 عندما صنعت شركتا ميتسوبيشي وبيونير أول جهاز لتحديد المواقع باستخدام الأقمار الصناعية لاستخدام الأفراد. بعد هذا التاريخ بخمس سنوات ظهر أول جهاز GPS مخصص للسيارات. وعلى مدى السنوات تطوّرت هذه الأجهزرة بشكل كبير وزادت دقتها ورخصت أسعارها وصارت لها شعبية كبيرة. مع ظهور مفهوم الهواتف الذكية، وزيادة مساحة شاشات الهواتف المحمولة؛ حتى تخطت البوصات الأربع في بعض الموديلات، وتضمين هذه الهواتف شرائح لالتقاط خدمة الGPS، ابتلعت الهواتف حصة كبيرة من سوق هذه الأجهزة، وصارت الشركات التي تنتج هذه الأجهزة في مأزق حقيقي.
لم تتأثر مبيعات مشغّلات MP3 إلى حد خطير حتى الآن مشغلات MP3 إن أكبر منتج لمشغّلات الMP3 في العالم اليوم هو شركة نوكيا التي تنتج الهواتف المحمولة! معظم الهواتف اليوم تأتي مع مشغل MP3 مدمج يتمتع بجودة ممتازة؛ فما الداعي إذن لإنفاق المزيد من المال على مشغل MP3؟ في واقع الأمر فإن مبيعات مشغّلات MP3 لم تتأثر إلى حد خطير حتى الآن؛ فهي تقدم سعات تخزين لعدد أكبر من الأغاني، إضافة إلى فترات استماع أطول لأن بطارية الهاتف المحمول تستهلك سريعاً بسبب الوظائف العديدة التي يقدّمها؛ هذا بخلاف تجربة الاستماع الرائعة التي توفّرها أجهزة الآيبود من Apple. لكن مؤشرات انخفاض المبيعات قد بدأت بالفعل؛ فبين كل منتجات Apple، كانت أجهزة الآيبود هي الوحيدة التي سجّلت انخفاضاً في المبيعات.
يمكننا أن نشبه الآلات الحاسبة وسط العائلة الكمبيوترية بالكائنات وحيدة الخلية الآلات الحاسبة يمكننا أن نشبه الآلات الحاسبة وسط العائلة الكمبيوترية بالكائنات وحيدة الخلية! بدأ العصر الذهبي للآلات الحاسبة في السبعينيات؛ حين صغرت في الحجم وصارت أقل استهلاكاً للطاقة. وخلال كل هذه السنوات لم تتطور الآلات الحاسبة بشكل كبير؛ فيما عدا بعض الآلات الحاسبة التي كانت تقوم ببعض الوظائف المعقدة غير الشائعة، وهي وظائف يقوم بها الكمبيوتر أيضاً وبشكل مجاني. وفي عام 2004 أضافت نوكيا الجذر التربيعي إلى قائمة الوظائف البسيطة التي تقدمها الآلات الحاسبة في هواتفها المحمولة، ثم صارت هناك هواتف ذكية تقدم آلات حاسبة علمية تقوم بكل الوظائف المعقدة بشكل أسرع بكثير من الآلات الحاسبة نفسها، معلنة توجيه الضربة القاضية للآلات الحاسبة.
يعود المنبه إلى عصر الإغريق عندما اخترع الفيلسوف "بلاتو" منبهاً يعمل بالمياه المنبهات لعشرات السنين كانت المنبهات أدوات أساسية في كل بيت به شخص يعمل أو طالب يذهب إلى المدرسة. واليوم يندر أن يوجد أحدها في أحد البيوت. ربما يعود المنبه إلى عصر الإغريق؛ حيث اخترع الفيلسوف "بلاتو" منبهاً يعمل بالمياه! أخذت المنبهات تتطور إلى أن وصلت إلى الشكل الإلكتروني، ثم اندمجت في الهواتف المحمولة ولم يعد أحد يشتريها! يمنحك المنبه الموجود في الهاتف المحمول حرّية اختيار أية نغمة أو أغنية تحب أن تصحو عليها، مع إمكانية أخذ غفوة، وإمكانية ضبط مواعيد مختلفة ليرنّ فيها يومياً أو أسبوعياً، مع إمكانيات أخرى تضيفها الشركات وفقاً لنوع الهاتف؛ الأمر الذي لا يتوافر في المنبهات التقليدية.
ربما لا تزال الأجيال الأكبر سناً متمسكة بساعات اليد ساعات اليد الهاتف المحمول هو جهاز يتوافر دائماً معك، وهو يحتوي على ساعة لمعرفة الوقت؛ فلمَ إذن نحمل جهازاً آخر كل وظيفته هي معرفة الوقت؟ ربما لا تزال الأجيال الأكبر سناً متمسكة بساعات اليد؛ لكن الأمر الملحوظ هو أن الأطفال والشباب قد تخلّوا عنها إطلاقاً وصاروا ينظرون في شاشة الموبايل عِوضاً عن هذا.. ما يجعل الساعة تقاوم الانقراض حتى الآن هو أنها قطعة إكسسوار مهمة لمن يريد أن يهتم بمظهره، كما أن ارتداء الأنواع الغالية منها هو وسيلة من وسائل التفاخر الاجتماعي؛ فهي رمز في حد ذاتها، أما الأنواع الرخيصة من الساعات فقد أخذت طريقها بالفعل إلى الانقراض.
معظم الهواتف المحمولة اليوم تحمل كاميرات رقمية على ظهورها الكاميرات الرقمية معظم الهواتف المحمولة اليوم تحمل كاميرات رقمية على ظهورها، بل وتصور الفيديو أيضاً بجودة معقولة؛ فما الداعي إذن لشراء كاميرا رقمية؟ ومرة أخرى هنا نقول إن المنتج الأكبر للكاميرات الرقمية في العالم هو شركة نوكيا! في عام 2009 انكمش عدد الكاميرات الرقمية المبيعة في العالم بنسبة 14% مقارنة ب2008، مع ملاحظة أن أسعارها انخفضت بنسبة تقترب من 70%؛ بينما كاميرات الهواتف المحمولة تصير أقوى وأقوى وتضيف المزيد والمزيد من الوظائف. بعض كاميرات الهواتف تصل دقته إلى 12 ميجا بكسل، والبعض به زووم بصري أيضاً، وبالتالي فقد تقلصت الهوة بينها وبين الكاميرات الرقمية إلى حد كبير؛ مما يهدد بإقصائها عن الساحة.
كانت هذه الأجهزة ذات شعبية فائقة بين الأطفال لسنوات طويلة أجهزة الألعاب المحمولة كانت هذه الأجهزة ذات شعبية فائقة بين الأطفال لسنوات طويلة؛ لكن بعد أن أصبحت الهواتف المحمولة بالقوة الحالية وبهذه الشاشات الكبيرة، انتقل اهتمام مبتكري الألعاب إلى الهواتف المحمولة كمنصات أفضل وأكثر متعة للعب. كان هاتف نوكيا N-Gage هو أول محاولة لصنع هاتف مخصص للعب؛ لكن هذه التجربة لم تنجح لأن قدرات "الهاردوير" للهاتف لم تكن قد وصلت بعد إلى المستوى الذي يكفل لها تشغيلاً سريعاً وسلساً للألعاب. أما اليوم فقد تطورت الهواتف بشكل كبير؛ من حيث سرعة المعالج وبطاقة معالجة الرسوم، إضافة إلى احتواء الهواتف الحديثة على أجهزة كالبوصلة والجيروسكوب والكاميرا وشاشة اللمس، وكلها أدوات يمكن استغلالها لابتكار ألعاب أكثر قوة وإمتاعاً، وفوق كل ذلك هناك إمكانية اللعب الجماعي عبر تقنيات "الواي فاي" و"البلوتوث". لقد صارت الهواتف الذكية ذات الشاشات اللمسية الكبيرة مؤهلة تماماً لإخراج أجهزة قوية وذات شعبية مثل بلاي ستيشن المحمولة من الأسواق. ربما كان العيب الوحيد في اللعب على الهواتف المحمولة هو افتقارها للأزرار الكبيرة المريحة أثناء اللعب؛ لكن لن يمر وقت طويل حتى تظهر أدوات يمكن توصيلها بالهاتف لتلعب دور عصا الألعاب. كلمة أخيرة حسناً، هذه أدوات كثيرة حقا؛ لكن القائمة من المرجّح أن تنمو أكثر، نحن لم نتطرق هنا مثلاً لأجهزة الراديو الرقمية الصغيرة، أو لأجهزة ستوب واتش (ساعة الإيقاف) التي يستخدمها الرياضيون، أو مفكرات الهاتف الورقية التي كنا نكتب فيها أرقام الهواتف في عصر ما قبل الموبايل. أيضاً مع دخول الموبايل إلى سوق تقديم الخدمات البنكية وخدمات تحويل الأموال، صارت البنوك هي أيضاً في دائرة التهديد. لكن لعل أغلى ما قضى عليه هذا الجهاز هو الخصوصية والقدرة على "التزويغ"؛ فأينما كنت ستجد من يتصل بك ويسألك "أين أنت؟" ولا سبيل لادعاء أنك لم تسمع الرنين؛ فالرقم يتم تسجيله على الشاشة.. منذ أن ابتعت جهاز الموبايل فقد انتهت خصوصيتك إلى الأبد!