زادت وطأة الأزمة المالية الطاحنة التي تخيم منذ سنوات علي صحيفة "معاريف" اليومية المسائية بشكل هدد بقاءها في سوق صناعة الصحافة الإسرائيلية، وقد سجلت في الربع الثاني من العام الجاري خسارة غير مسبوقة قدرت ب 60 مليون دولار الأمر الذي اضطر مجلس إدارتها للسعي وراء مستثمرين جدد مع اتخاذ بعض الإجراءات القاسية في ذات الوقت من قبيل وقف طبع النسخة الورقية اليومية مع الإبقاء قط علي النسخةالأسبوعية لتوير المال من أجل الحفاظ علي الموقع الإلكتروني الخاص بالصحيفة. وبين محاولات البحث عن حل ينقذ "معاريف" من الإفلاس أو صفقةتبقيها علي قيد الحياة، أبلغت بورصة تل أبيب للأوراق المالية أن هذه الصحيفة التي يملكها رجل الأعمال "نوخي دنكر" سوف تباع لرجل الأعمال شلومو بن تسفي وهو ناشر الصحيفة الدينية القومية "ماكور ريشون" ذات التوجه اليميني المتطرف بمبلغ يعادل حوالي21 مليون دولار. الصفقة الجديدة من شأنها أن تهز صناعة الصحافة في إسرائيل وستوثر يقينا علي التوجه السياسي للجريدة،وقد يكون لها بصمتها علي المشهد السياسي للبلاد خاصة إذا علمنا أن المالك الجديد كان عضوا في حزب اليلكود حتي خاض عالم صناعة الصحافة، من الواضح أن المالك الجديد مطالب بعدد من القرارات المصيرية سواء بالنسبة للتوجه السياسي للجريدة،أو حجم أعمال مشروعه الجديد، وسيجد بن تسفي نفسه أمام أحد خيارين، إما بالحفاظ علي الخط اليميني المتشدد الذي تنتهجه مجموعته الأصلية "ماكور ريشون"أو أن يجعلها أكثر ميلا نحو الوسط بذلك صحيفة حزب الليكود "يسرائيل هايوم" وهو الأرجح في رأي المراقبين الصحفيين، علي أن هذا الخيار ليس سهلا مع جريدة كبيرة مثل معاريف لا يتسم كتابها بالسلاسة والانضواء بما يطرح احتمال أن يختار معظمهم مغادرة الصحيفة لو تم تحويل توجهها الأيديولوجي. بخلاف الأثر السياسي لصفقة بيع معاريف ثمة أزمة أخري تكمن في حجم المخاوف التي انتابت العامين بالصحيفة من محررين وإداريين وعمال، بعدما تبين أن المالك الجديد سيضطر للتخلص من نسبة كبيرة من العمالة،وأنه لن يتمكن بأي حال من توفير أكثر من 500 وظيفة في مجموعته "ماكور ريشون" للعاملين بمعاريف "ومعظمهم من الطاقم التحريري" نظرا لضالة حجم المجموعة التي لا تضم أكثر من 200 موظف، من ثم سيكون علي المالك الجديد أن يفاضل بين خيارين لتنفيذ هذا الدمج فإما أن يقوم بتوسعة وتطوير مجموعته ماكور ريشون مستغلا السمعة الصحفية لمعاريف، أو أن يقوم بتقليص حجم هذه المطبوعة الأخيرة ليتواءم مع حجم أعماله، والواضح أنه يميل إلي الحل الثاني حتي لا يرث تركة محملة بالعمالة الزائدة، فالصحيفة لشهيرة التي بدأت منذ عام 1948 تضم جيشا من العاملين منهم 377 محررا و1337 موظف توزيع وتسويق، بخلاف 177 عامل طباعة و136 إداريا وهذا يعني أن هاك حوالي 1300 موظف مهددون بفقدان وظائفهم، ولأن الصفقة لا تشمل مطبعة معاريف، فسيكون علي "معاريف الجديدة" البحث عن مطبعة ومرافق أخري للتوزيع خاصة أن "ماكور ريشون" لا تمتلك مطبعة خاصة بها وتطبع جريدتها لدي ناشر صحيفة هاآرتس.. وإن كان بن تسفي يعل علي امتلاك أصول الشركة بما في ذلك الصحيفة اليومية وموقعها الإلكتروني وشبكة المجلات المحلية التابعة للجريدة،ودار معاريف للنشر، وحقوق الملكية الفكريةوأيضا عملاء الصحيفة والمشتركين فيها المقدر عددهم ب 50 ألف مشترك، وذكرت معاريف في بيانها للبورصة أن المالك الجديد يعتزم مواصلة نشاطات الصحيفة بعد اكتمال الصفقة التي يتوقع أن تتم في بدايات أكتوبر المقبل. المراقبون يتوقعون أن تفقد معاريف التقيدية نصف قرائها بعد الاندماج وأن تسعي صحيفة يسرائيل هايوم لشراء مطبعة معاريف الشهيرة.